اعصار دانيال
على الرغم من أن الأعاصير تتشكل عادة في المناطق الاستوائية، إلا أنه في السنوات الأخيرة تزايد عدد وقوة الأعاصير في منطقة الشرق الأوسط. يُعتقد أن هذا الزيادة يرجع إلى ارتفاع درجات الحرارة النسبي وزيادة الرطوبة في المنطقة.
في يوم 7 سبتمبر 2023، ضرب إعصار دانيال اليونان وليبيا، وتسبب في أضرار جسيمة في كلا البلدين.
ففي اليونان، تسبب الإعصار في مقتل 15 شخصا وأضرار بالممتلكات والبنية التحتية بمليارات الدولارات، مما استدعى اجلاء أكثر من 4250 شخصا وتحديدا من مناطق القريبة من مدينة لاريسا وبالقرب من نهر بينيوس.
أما في ليبيا، أجبر الإعصار آلاف الأشخاص على إخلاء منازلهم وتسبب في أضرار جمّة بالزراعة والثروة الحيوانية، ودمار واسع في المنازل بسبب السيول الطينية.
يُعزى سبب إعصار دانيال إلى عدة عوامل، أبرزها:
تغير المناخ عالميا الذي يزيد من حدة الأعاصير وتكرارها.
ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة تبخر المياه من المحيطات، مما يزيد من الرطوبة في الهواء وبالتالي يزيد من طاقة الإعصار وقوته.
النشاط البشري، بما في ذلك انبعاثات الغازات الدفيئة، يسهم أيضًا في تفاقم حدة الأعاصير.
ولم يتخيل أي من الراصدين لإعصار دانيال أنه قد يأتي بشدة وقوة مشابه للحالة التي ضرب بها اليونان، ولكن ذلك حدث وتسبب بخسائر مخيفة في ليبيا، مما أكد المفهوم العلمي الذي يرتكز لفكرة أن درجات الحرارة العالية تساهم في زيادة قوة الاعصار بنسبة 30٪ كما تزيد من سرعة الإعصار 10٪.
من هنا عكس إعصار دانيال خطورة التغير المناخي على منطقة الشرق الأوسط، حيث أظهر كيف يمكن لارتفاع درجات الحرارة زيادة حدة الأعاصير وتكرارها.
وفعليا شهدت شواطئ الشرق الأوسط عواصف مطرية غزيرة، ولكن تلك العواصف لم تكن بالشدة التي تشهدها المحيطات بسبب المساحة المائية الصغيرة في البحر المتوسط مقارنة بالمحيطات، وأيضا بسبب اعتدال درجات الحرارة في البحر المتوسط، ولكن مؤخرا، ازدادت درجت حرارة البحار والمحيطات، وهو ما سيجعل هذه المنطقة مهددة بأعاصير جديدة.
ومن المتوقع أن تستمر الأعاصير في الزيادة في الحدة والتكرار في المستقبل، وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة تغير المناخ، وتقليل تأثيراته على تكوين الأعاصير، خاصة وأن دول الشرق الأوسط غير مجهزة للتعاطي الناجح مع حالات الطوارئ سواء من الجوانب الخدمية، أو جوانب التنمية المستدامة.