القرآن لا يحرّم المثلية الجنسية
سيد هندريكس، أنت تنحدر من عائلة مسلمة في جنوب أفريقيا. متى أدركت أنك مثلي جنسياً؟
لقد سافرت إلى باكستان من أجل دراسة العلوم الإسلامية في جامعة كراتشي. هل كنت آنذاك مقتنعاً بعدم وجود تناقض بين كونك مسلماً ومثلياً؟
هندريكس: في أعماق قلبي، كنت أعلم أن مجتمعي هو الذي يرفضني، وليس الله، لأنني لم أختر أن أكون مثلياً.
إذاً، لماذا قررت -رغم ذلك- الزواج من امرأة؟
هندريكس: بسبب الضغط الاجتماعي. لقد أردت أن أحاول أن أكون مع امرأة. فكرت بأن ذلك قد يشفيني. لقد كانت هناك امرأة متيمة بحبي. لقد أخبرتها أنني مثلي جنسياً وأنني أحاول أن أتغير. لقد كانت سعيدة بالزواج، إلا أنها اكتشفت في ما بعد أن ذلك لم ينجح. لم تكن رغباتها تُشبَع، وأنا كنت أعيش حياة مزدوجة.
أنت تدير منظمة “الحلقة الحميمة”، التي توفر الدعم للمسلمين المثليين جنسياً. ما هي التحديات التي تواجههم؟
هندريكس: كثيرون منهم خائفون من فقدان عائلاتهم، أو أن يتبرأ منهم آباؤهم. لذلك يلجأ بعضهم إلى إدمان الكحول أو المخدرات أو اتباع ممارسات جنسية طائشة، وأحياناً يتخلى بعضهم عن دينهم ويقومون بالانتحار. هل هذا ما يريده الله؟ لقد جاء القرآن شفاءً ورحمة للعالمين. لكن ماذا عن 10 أو 15 في المائة ممن لا يرون أن في القرآن شفاءً ورحمة لهم؟ هل القرآن مخطئ، أم هل يجب علينا البحث بشكل أعمق عن تلك التفاسير التي تأتي بالشفاء والرحمة لهذا الجزء من المجتمع؟
في اللغة العربية يشير الناس إلى المثليّ جنسياً بكلمة “لوطي”، التي تشير إلى قوم لوط، وهو النبي الذي أمره الله -بحسب ما يذكر القرآن- بمغادرة قريته (سدوم وعمورة، كما جاء في العهد القديم) قبل أن يعاقب الله “قوم لوط” على آثامهم، التي تضمنت الممارسات الجنسية المثلية.
ما هو رأيك في قصة سدوم وعمورة؟
هندريكس: هذه القصة لا تتعلق بالمثلية الجنسية. فالفظائع التي ارتكبها قوم لوط تتراوح بين عبادة الأصنام والسرقة والاستغلال الاقتصادي إلى الاغتصاب. لقد كانت هناك حفلات جنس جماعي في معبد عشتار، إلهة الحب والحرب، ليس فقط بين الذكور أنفسهم، بل بينهم وبين عاهرات المعبد. وإبان الحكم البابلي، أجبرت النساء على تقديم عذريتهن لعشتار قبل الزواج.
كيف وصلت إلى التفسير الذي يقول بأن هذه القصة غير مرتبطة بالمثلية الجنسية؟ علماء الدين الإسلامي حول العالم سيرفضون ذلك.
هندريكس: عندما تدرس القرآن، فإن أحد أول الأمور التي تتعلمها هي أسباب نزول كل آية، بمعنى أن لكل قصة إطاراً. ومن خلال بحثي، راجعت ما ذكر العهد القديم عن سدوم وعمورة، وقمت بدراسة كتابات الفيلسوف اليهودي فلافيوس جوزفوس ودرست الاكتشافات الأثرية في منطقتي سدوم وعمورة، مثل ألواح إيبلا التي تم العثور عليها في سوريا عام 1974. كل هذه الأمور أعطتني خلفية عن القصة.
وأين القرآن من كل هذا؟
هندريكس: في نهاية الأمر، عدت إلى القرآن وقارنت بينه وبين بحثي. في القرآن، يجب عليك تركيب قصة سدوم وعمورة، لأن القرآن يشير إليها في 76 آية موزعة على تسع سور. لا يمكنك أن تأخذ آية واحدة وتقول: “أترون! إن الله يقول إن على الرجال ألا يشتهوا الرجال”.
لكن العلماء المسلمين أيضاً يبنون حججهم بخصوص تحريم المثلية الجنسية على أحاديث نبوية.
هندريكس: إنهم يقتبسون أحاديث غير صحيحة. أحد أبرز الأحاديث في هذا الصدد يقول بقتل من تثبت ممارستهم للواط. لكن أشهر علماء الحديث، مثل البخاري والنسائي والترمذي وابن ماجه، أكدوا أن هذا الحديث غير صحيح. لماذا، إذاً، يستمر هؤلاء العلماء في اقتباس ذلك الحديث؟ لماذا تريد اقتباس حديث يخدم أهدافك الذكورية الشخصية؟
إذا لم تكن قصة سدوم وعمورة أو حياة النبي محمد تشير إلى المثلية الجنسية، فعلى ماذا تبني حججك؟
كما يقول الله أيضاً: “وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ الّلاتِي لا يَرْجُونَ نَكْاحَاً”. هذا يعني أن هناك بعض النساء اللواتي يجلسن دون نشاط. ودرجت العادة على تفسير هذه الآية بأنها تشير إلى النساء المسنات اللواتي لا يُرجى زواجهن. لكن هناك نساء كثيرات لا يرغبن في الزواج من الرجال، مثل السحاقيات.
من خلال إعادة تفسير الآيات القرآنية وتوظيف الاستدلال المستقل، أنت تعود مباشرة إلى المصادر الإسلامية بدلاً من الاعتماد على التفاسير التقليدية.
هندريكس: هذه هي الطريقة التي يجب أن تنظر فيها إلى القرآن. بعض الأئمة الآخرين عادة ما يلقون بآية من القرآن وحديث نبوي وبعض العواطف وقليلاً من اللوم والعتاب. لكنني أستخدم مبادئ التفسير بالإضافة إلى قدراتي الذهنية. القرآن كلام الله المقدس، بالطبع، ولكن بمجرد أن يتم تفسيره من قبل العلماء، فإن على الإنسان استخدام قواه العقلية.
هل تواجه معارضة كبيرة؟
هندريكس: أسوأ ما مررت به هي مكالمات هاتفية ورسائل بريد إلكتروني مسيئة. إن الأئمة الذين لا يدعمون عملي هم أولئك غير المستعدين لمناقشة الموضوع. بالنسبة لهم، فإن المثلية الجنسية حرام. لكن الإسلام يعطينا مساحة كافية للتفكير. لا يمكننا تغيير القرآن، ولكن بإمكاننا تغيير تفسيرنا له. نحن اليوم نعيش في عالم مختلف عن العالم الذي كان سائداً قبل أكثر من ألف عام. يجب علينا أن ننظر إلى القرآن مجدداً ونرى كيف يمكن للإسلام أن يصبح رحمة لجزء من المجتمع الذي يعاني حالياً.
حاوره: يانيس هاغمان
ترجمة: ياسر أبو معيلق
المصدر: موقع قنطرة 2014
محسن هندريكس، البالغ من العمر 47 عاماً، هو إمام من جنوب أفريقيا. حصل على شهادة في اللغة العربية والدراسات الإسلامية من جامعة كراتشي في باكستان، وهو يدير منظمة “الحلقة الحميمة”، وهي منظمة حقوقية تعنى بتمكين المسلمين المثليين جنسياً ومساعدتهم على مصالحة توجهاتهم الجنسية مع الإسلام. كما أن هندريكس إمام جماعة المثليين والمثليات جنسياً في مدينة كيب تاون.