المؤتمر الدولي المقبل نهاية الشهر القادم أتى بعد جملة من المعطيات – مؤتمر بداية أو نهاية الحرب
مؤتمر بداية أو نهاية الحرب
منسق مركز التنمية البيئية والاجتماعية
الانتصار عنوان بحثت عنه المعارضة والسلطة طيلة العامين الماضيين في سوريا، الا ان هذا العنوان كان بعيد المنال في ظل جملة تعقيدات دولية واقليمية تنظر بعين الرغبة لسوريا.
اليوم الجميع في سوريا يدركون أن مفاتيح الحل ليست بيد “المعارضة أو الموالاة” بل هي بيد القوى الكبرى، من هنا تأتي اهمية لقاء كيري ولافروف يوم 7/5/2013. فهذا اللقاء جاء نتيجة لجملة معطيات اصابت الواقع السوري من ابرزها:
1- غياب امكانية حسم عسكري نهائي لاحد الاطراف.
2- انهيار مفهوم القومية العربية في داخل الشخصية العربية، وتحديدا السورية منها.
3- انهيار هيبة المؤسسة العسكرية السورية: بغياب وجود رد مقنع بعد الغارة الاسرائيلية الاخيرة، وتنامي الانشقاقات فيها.
4- تدمير القوة العسكرية والصاروخية السورية: وهذا تمثل بتدمر قسم كبير الكثير من الرادارات والصواريخ السورية والطيارات الحربية والدبابات، بالاضافة للقوى النارية الكبيرة التي تدمرت بالغارة الاسرائيلية الاخيرة .
5- تدمير غالبية العشوائيات في المدن السورية: وهذا امر سيدفع شركات اعادة الاعمار للاستثمار في الارض السورية الجميلة وذات الفصول الاربعة.
6- ابراز ضعف الاسلاميين والأمة الإسلامية بتحقيق انتصار ساحق على النظام السوري بدون دعم دولي واضح وعلني.
7- ابراز مفاهيم مغيبة ضمن مجتمعات العالم الثالث القمعي وهي “الديمقراطية النسبية والتوافقية، حقوق الانسان، احترام حقوق الاقليات، المواطنة…”
8- انهيار الاقتصاد السوري، وضمان حاجه أي حكومة قادمة لجملة قروض من منانحين والبنك الدولي لهدف اعادة الاعمار، مما يعني تراكم ديون يصعب تسديدها للبنك الدولي.
9- تصفيه الكثير من الجهاديين وعناصر من نخبة مقاتلي حزب الله: وهذا طبعا يندرج ضمن مشروع مكافحة الارهاب التي تتبناه واشنطن وتعاونها عليه روسيا والمجتمع الدولي.
10- وضع حركة الاخوان المسلمين السورية بحجمها الطبيعي: فهذه الحركة التي كانت تنظر للثورة السورية كفرصة للثأر من احداث الثمانينات، ظهرت انها عاجزة ان تأخذ بثأرها، لذا على هذه الحركة وغيرها من حركات الاسلام السياسي المسلح ان تتخلى عن ذهنيتها الاقصائية، وتقبل التعاطي السياسي الحقيقي مع الافرقاء السوريين اللبراليين واليساريين بصيغ تجعلهم جميعا شركاء ببناء حكومة انقاذ وطنية تلملم المآسي التي حلت بسوريا خلال العامين الماضيين.
11- ظهور الاحقاد الطائفية والقومية والعشائرية: وهذا يعني انشغال السوريين طويلا بملفهم الداخلي، كما حدث مع لبنان تماما.
ان مجمل البنود السابقة تدلل بوضوح، ان القادم لسوريا سيكون صعبا جدا، ولكن التساؤل الهام هل سيقبل طرفي النزاع المسلح بما ستقترحه كل من روسيا والولايات المتحدة. فغياب الوصول لحل برعاية دولية يعني تعقد الامور، وظهور السيناريوهات التالية:
1- توسع سيطرة الجيش الحر على عموم محافظة درعا، واقامة منطقة عازلة فيها تكون منطلقا للعمليات على العاصمة دمشق.
2- تنامي المعارك على اطراف العاصمة دمشق، وسقوط كمية كبيرة من القذائف داخل العاصمة دمشق “منطقة المزة، المالكي، العباسيين، ساحة الامويين”.
3- توغل اسرائيل داخل قرى الجولان لمسافة تتراوح ما بين (10-20)كم على طول الحدود، لهدف اقامة منطقة عازلة في هذه المنطقة، تمهيدا لاقامة جدار عازل مماثل للجدار الذي اقامته في اسرائيل في الضفة الغربية.
4- سيطرة النظام بشكل كامل على ريف حمص والقصير خصيصا، والقيام بعمليات تهجير ممنهجة في هذه المنطقة، وتنامي تدخل مقاتلي حزب الله في هذه المعارك.
5- تأسيس حراسة دقيقة على الحدود السورية- اللبنانية من منطقة القصير وصولا لمنطقة العريضة على ان يتكفل مقاتلي حزب الله الاشراف على هذه المنطقة.
6- تجدد الاشتباكات بين مقاتلي جبل محسن والتبانة في مدينة طرابلس.
7- اقامة منطقة عازلة في محافظة ادلب، تكون منطلقا لعمليات تستهدف قرى الساحل الموالية.
8- ظهور حالات عنف طائفية تطال الكثير من احياء مدينة اللاذقية القديمة “مساكن السكن العشوائي”، ورصد حركة نزوح كبيرة للسنة نحو الريف الشمالي. ويقابلها ظهور نقمة طائفية على الريف ذي الغالبية العلوية، وترافقه بحركة نزوح كبيرة من هذه القرى لداخل مدينة اللاذقية.
9- مقتل عدد كبير من الاسلاميين المتطرفين، لانهم هم من سيبادرون للقتال في الخطوط الاولى.
10- زيادة الدعم الدولي للعناصر المعتدلة فكريا من المعارضة المسلحة، وتقليص الدعم بشكل تدريجي عن المعارضة الاسلامية المتطرفة، لهدف تسليم السلطة لاحقا للتيار اللبرالي المعتدل من المعارضة.
11- حدوث مجازر كبيرة في القرى ذات الغالبية العلوية في مناطق المشرفة على سهل الغاب “منطقة سلحب ومحيطها”.
12- تنامي دور منظمات الاغاثة في المناطق المعزولة.
13- انهيار قيمة العملة السورية، وسعي الحكومة لاستبدالها بعملة جديدة، وحصر التعامل بها ضمن المصارف الحكومية حصرا.
14- المباشرة بمشروع يربط النفط السوري بأنابيب تصله مع النفط القادم من العراق واذربيجان لميناء جيهان التركي.
15- تصنيف حزب الله كمنظمة ارهابية، لهدف اضعاف نفوذه السياسي في الساحة اللبنانية.
16- قطع سبل امداد حزب الله بالسلاح، وهذا قد ينجم عنه تكرار للغارات الجوية الاسرائيلية على الحدود السورية-اللبنانية.
طبعا هذه السيناريوهات هي مرعبة ونتائجها تعني زيادة في حجم الدم المراق، وزيادة في طبيعية بحجم النازحين، وهذا ما لن يستطيع المجتمع الدولي احتماله، لذا سيكون من الواجب على واشنطن وموسكو ان يتعاونا لفرض الالتزامات التالية:
أولاً – التزامات واشنطن: ستتكفل واشنطن بالضغوط لتحقيق المطالب التالية:
1- نقل إدارة الملف السوري للمحور العربي “القومي” بقيادة “السعودية ومصر” بدل المحور الاسلامي المتمثل ب”قطر-تركيا”.
2- سعي واشنطن لحماية الاقليات من ردات فعل بعد نزع السلطة عن الاسد.
3- دعم واشنطن والمحور الغربي لتيار الاعتدال الديموقراطي المعارض المتمثل بتشكيل سياسي جديد يكون على رأسه معارضين يساريين معروفين.
4- تقويض تمويل التنظيمات الراديكالية الجهادية القريبة من أفكار تنظيم النصرة.
5- تحميل السعودية غالبية نفقات اعادة الاعمار للحكومة السورية القادمة.
6- عدم اسقط حكومة المالكي بطريقة مهينة للايرانيين، على ان يستقيل المالكي ويكون بديله قادر على تأسيس حكومة عراقية تعتمد معايير “الديموقراطية التوافقية” وتضمن استقرارا الاكرد في الشمال.
ثانياً- التزامات الروس: سيتكفل الروس بدورهم بتحقيق الشروط التالية:
1- ضمان تسوية سياسة بين المعارضة والسلطة.
2- اقناع الطرف الايراني بالحلول المقترحة.
3- توفير الامان لانتشار قوات حفظ سلام دولية ضمن الاراضي السورية لفترة محدودة.
4- دعم تشكيل حكومة انقاذ وطنية سورية.
5- المساهمة في ترميم البنى التحتية المتضررة.
6- دعم مرشحي التيار الاصلاحي او مرشح المرشد العام في الانتخابات الايرانية.
مكاسب الروس والاميركين من الملف السوري:
فعليا سوريا محسوبة جيو-سياسيا على مجموعة دول “الاورو-متوسطية”، الا ان التحولات الاخيرة فيها ستجعل كل من الروس الاميركين موجودين عسكريا واقتصاديا في الساحة السورية، وهنا نتصور اقامة مناطق عسكرية متقدمة لكلا الدولتين بدعم دولي من مجلس الامن، طبعا في حال نجحت تجربة المصالحة بين المعارضة والموالاة، ويرجح ان تكون هذه القواعد بشكل التالي:
1- القاعدة الشمالية الشرقية: وستكون متكفلة بحماية الثروة النفطية، ومنع نزاعات متوقعة بين العشائر العربية والكردية.
2- قاعدة جنوبية: تكون مسؤولة عن الفصل بين اسرائيل وسوريا.
3- قاعدة بحرية في طرطوس: تكون مسؤولة عن الاستقرار في الساحل السوري-اللبناني، ومنع مرور اسلحة لتنظيمات مصنفة ارهابية “حزب الله”.
طبعا المكاسب الاميركية والروسية، وحتى الاقتصادية الأوروبية كلها ستكون منصبة في صالح دولة اسرائيل في حال التوافق بين طرفي النزاع. وحتى ان لم يتم التوافق في سوريا فان اسرائيل ستكون بوضع مستقر، فالتوترات الطائفية واستعار النزاع “الشيعي-السني” هو امر يجعلها بحالة مرتاحة جدا، وعند شعورها بأي خطر قد تقدم على تنفيذ عمليات استخباراتية نوعية، وهي مطمأنة لغياب وجود رد بحقها.