المناطق الامنة ومناطق خفض التوتر
تحرير مركز التنمية البيئية والاجتماعية
تموز ٢٠١٧
قبيل المناظرة الثانية للرئيس ترامب مع كلينتون، زار اوز سلطان “مستشار الرئيس ترامب لشؤون الاديان والارهاب خلال فترة الانتخابات” شركة استراتجيات القرن الحادي والعشرين، وهناك التقى مع كبير باحثيهم للشرق الاوسط عصام خوري، الذي سلمه مسودتي مشروعين كتبهم لمركز التنمية البيئية والاجتماعية. الاول لاعداد منطقة آمنة في الجنوب السوري، اما الثاني فكان لمحاربة محاربة التنظيمات الارهابية عبر الاعلام ووسائل التواصل
تنطلق فكرة المناطق الامنة من وجود مناطق نفوذ لقوى اقليمية ودولية قد ترغب في ادارة تلك المناطق لحين استقرار الوضع تماما في سوريا. وهذا الامر براي خوري ليس احتلالا، بل هو ملئ فراغ لمناطق خالية من الامن لحين خلق دولة ديموقراطية حقيقية لسوريا يديرها السوريين، بعد ان اصبحت دولتهم دولة فاشلة
أهم القوى في الجنوب السوري هم (الاردنيين والاميركيين “غرفة الموك“، واسرائيل)
جميعهم مهتمين بعدم وصول تنظيمات ارهابية لحدودي دولتي الاردن واسرائيل، ولعل اكبر خصم لهم هو تنظيم حزب الله اللبناني الذي حاول تنفيذ استراتجية ايرانية في الجنوب السوري بالتنسيق مع الجنرال علي مملوك المدعوم ايرانيا، حيث زار عماد مغنية عام 2007 الجنوب السوري، وهناك بدا برسم خطط لبناء شبكة انفاق عسكرية على الحدود السورية الاسرائيلية. ولكن مغنية لم يحقق مشروعه بسبب تصفيته عام 2008، واشيع في حينها ان آصف شوكت هو من اقدم على هذه العملية الامنية. طبعا مقتل مغنية سبب ازمة ثقة بين دمشق وايران، وكان نتيجته اقاله آصف شوكت من شعبة المخابرات العسكرية وتعينه عام 2009 في رئاسة الاركان العسكرية. وهذا الامر اضعف من قوة المخابرات العسكرية امام مخابرات امن الدولة. عام 2011 اندلعت الثورة السورية الامر الذي ادى الى ارباكات في الجهاز الامني السوري
ادرك بشار الاسد ان القمع الكبير من جهاز امن الدولة سبب الثورة السورية فاستعان من جديد بصهره المحنك آصف شوكت وشكلوا ما سمي بغرفة ادارة الازمة، وهنا تعطل من جديد مشروع ايران وحزب الله في الجنوب السوري. ولكن في 18 تموز 2012 حدث انفجار داخل غرفة ادارة الازمة وقتل شوكت مع اغلب قيادات خلية الازمة باستثناء الجنرال علي مملوك الذي تخلف عن الاجتماع في ذلك اليوم، ولعل مملوك هو من نفذ هذا التفجير بالتنسيق مع الايرانيين ليتخلصوا من شوكت الذي لم يدعم يوما النفوذ الايراني في سوريا
عام 2013 انتشر حزب الله في سوريا بحجة حماية المقامات الدينية الشيعية جنوب دمشق، ولكن هدف هذا الحزب كان التمدد نحو الحدود الاسرائيلية السورية، وبالفعل تم تكليف ابن عماد مغنية جهاد مغنية لاتمام مهمة ابيه في الجنوب السوري، ولكن الاسرائيليين اغتالوا ابن مغنية وعدد من قيادات حزب الله بغارة جوية عام 2015
الحرب بين حزب الله واسرائيل في الجنوب السوري لم تتوقف، فعدد من قوات النخبة لهذا الحزب ما زالوا لليوم يديرون غرفة عمليات مستقلة في اللواء 95، وقد فشلوا باستعادة المناطق الحدودية مع اسرائيل، ولكن بدورها اسرائيل ايضا فشلت بتشكيل حزام آمن لها في تلك المنطقة لان النظام يقصف تلك المنطقة بين الفينة والاخرى مسببا حالة من الاضطراب
ووفق خطة خوري اكثر المناطق السورية امانا في الجنوب السورية هي المناطق المجاورة لاسرائيل ولكن لتصبح تلك المنطقة آمنة %100 يجب ابعاد النظام السوري لحدود دمشق وجعل عموم الجنوب السوري منطقة آمنة من القصف الجوي، على ان تترافق بدخول عسكري لكتائب مدعومة من غرفة الموك ومن الجيش الاردني لضبط الامن وتحقيق حكومة ادارة ذاتية في الجنوب
القوة الثانية في الجنوب السوري هي (النظام السوري والمليشيات الشيعية، المدعومة جوا من قبل الروس):
هذا الفريق لا يرغب بسيطرة اميركية على الجنوب السوري، لان هذه السيطرة قد تؤدي مستقبلا لربط هذه المنطقة بالبادية السورية ومناطق ما يسمى الادارة الذاتية الكوردية، وهذا يعني منع تمدد ايران من العراق للبحر المتوسط. من هنا اقترح الروس خطة جديدة لالغاء مشروع المناطق الامنة وهو مشروع “مناطق خفض التوتر“، وهذا المشروع وفق راي خوري هدفه البعيد الحفاظ على الدولة السورية الحالية على ان تكون الوصاية فيها للروس مما يلغي اي منطقة نفوذ مستقبلي للاميركيين
Area between Iraq and Kobane and Al Raqqa: (All these cities will be under the control of USA Army), ISIS has power in Deir Ezur, Al Mayadin and Al Bukamal, Khoury believes Shiite’s militias and the Islamic State will fight for more than two years in this region
الروس رافقوا مبادرتهم “مناطق خفض التوتر” بانشاء قاعدة جوية جديدة لهم شرق دمشق لتنافس فيها قاعدة التنف الاميركية، وتزامن هذا الامر مع وصول المليشيات العراقية الشيعية للحدود السورية العراقية، وشوهد الجنرال قاسم سليماني بينهم. وبعدها بايام قليلة اطلقت القوات الايرانية صواريخا بالستية لتصيب منطقة في دير الزور، وهذا براي خوري هدفه توجيه رسالة تحدي للاميركيين فادها (سنحارب لاستمرار تمددنا في سوريا، وخروجنا لن يكون سهلا)
تعقيدات الشمال السوري:
الروس ايضا سعوا لتحسين علاقتهم مع تركيا مستغلين اضطراب علاقة انقرة بالبيت الابيض زمان ترامب، ووضحت انقرة امكانية تعاون روسيا وتركيا للدخول البري في محافظة ادلب، وفي حال تمّ هذا الامر، فان روسيا ستكون الكاسب الاكبر، فلتركيا نفوذ كبير على غالبية الكتائب المسلحة في محافظتي ادلب وحماه، والجهة الوحيدة التي ستحاربهم هي تنظيم النصرة الارهابي او ما يسمى “هيئة تحرير الشام“
ايضا تركيا نجحت بتاسيس اول منطقة آمنة في سوريا وهي المنطقة الممتدة ما بين مدن (جرابلس– الباب– منبج) وقد بدأت تركيا باشادة المنازل في مدينة جرابلس وتاسيس شرطة مدنية لتضبط الامن في هذه المنطقة. وكان للاتراك حلم بان يتمددوا لمناطق اخرى يتنتشر فيها حزب العمال الكوردستاني او ما يسمى حزب الاتحاد الديموقراطي الا ان الاميركيين منعوهم من هذا الامر شرق جرابلس. لذا فكر الاتراك بان ابرام اتفاق مع الروس قد يعوضهم عما خسروه شرق جرابلس، لذا حشدوا 7 آلاف مقاتل مساندين بعدد كبير من الاليات الثقيلة بداية شهر تموز لاقتحام القرى الكوردية شمالي حلب (قرى عفرين، عزاز) وهذه منطقة نفوذ روسية. في حال سمح الروس للاتراك بهذا الامر فهذا يعني ان الاتراك قد يسلموا محافظني ادلب وحماه للروس والنظام السوري، على ان يحصلوا على تعويض جيد في شمالي حلب. الاميركيين ربما لن يناسبهم هذا الامر وقد يضطروا لتلطيف العلاقة من جديد مع انقرة، وفي حال نجح الاميركيين بذلك يكونوا قد قوضوا احلام الروس في الشمال الغربي السوري. ولكن هذا الامر من الصعب تحقيقه الا في ظل قطع علاقة واشنطن مع حزب الاتحاد الديموقراطي واستبدالهم باكراد ما يسمى المجلس الوطني الكوردي المقبولين من تركيا وحكومة اقليم كوردستان العراق
براي خوري الاميركيين مضطريين في الوقت الراهن للتعاون مع حزب الاتحاد الديموقراطي لكونه يمتلك قوة عسكرية منظمة تجابه الدولة الاسلامية، ولكن بعد القضاء على داعش، سيدعموا سياسيا اطرافا كوردية وعربية اخرى في الجزيرة السورية ليعطوا نوعا من التوازن السياسي جنوب تركيا، وعلى الاميركيين توضيح هذا الامر لحكومة انقرة المذعورة من فكرة تسلم حزب العمال الكوردستاني اسلحة اميركية قد يتم نقلها مستقبلا لخلق بلابل في تركيا التي يعيش فيها 21 مليون كوردي اغلبهم موالين لحزب العمال الكوردستاني
قوة الاميركيين الخفية بالملف السوري:
الحكومة الروسية امدت بعمر النظام السوري لضمانها انه يحافظ على مصالحها، كما انه ما يزال لليوم يمتلك مؤسسات امنية منضبطة، ولكن نقطة ضعف النظام السوري الرئيسية انه نظام مركزي منحصر باسرة وبعض القيادات الامنية، لذا ان اراد الاميركيين احراج الروس وخلق بلابل امنية لقواعدهم العسكرية فامر لا يتطلب غير تصفيتهم لبعض الجنرالات وعلى راسهم ماهر وبشار الاسد وجميل الحسن وعلي مملوك وحافظ مخلوف. وهذا بالتاكيد سيسبب حالة من الفوضى العارمة في عموم اجهزة الامن والجيش السوري، وعملية التصفية هذه ستنال ثناء دولي وشعبي فهذه الشخصيات متهمة بجرائم حرب واستخدام للاسلحة الكيمائية، وبالتاكيد ان اقدم الرئيس ترامب على هذه الخطوة سيكون زعيما مبجلا من قبل كل الدول النفطية العربية وايضا من قبل الاتراك
الجنرال جميل الحسن، رئيس فرع المخابرات الجوية السورية
ايضا دول الجوار السوري لن تعارض هذا الامر خاصة وان مشروع المناطق الامنة سيضمن حدود تلك الدول من اي ارهاب ممكن. الاوروبين بدورهم سيكونون سعيدين فالمناطق الامنة بعد مقتل الاسد ستكون مناطق ممتازة لاحتضان سيل المهاجرين الذي اغرق اوروبا
اما الخاسر الوحيد في هذا السيناريو فهو روسيا وايران اصحاب المشروع الاوراسي الذي طالما سعى لتقويض مناطق نفوذ الحلف الاطلسي في الشرق الاوسط