جاذبية «داعش» داخل ليبيا
Warning: Undefined variable $post in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81
Warning: Attempt to read property "ID" on null in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81
بالتأكيد، يعد توسع جماعة تابعة لـ«داعش» في أجزاء من ليبيا أمرًا مروعًا، مثلما كشف ذبح 20 عاملاً مصريًا قبطيًا. كما يعد هذا الأمر مفزعًا لسبب آخر، وهو أن جوهر سياسة «داعش» يقوم على تأكيد السيطرة والسيادة على الأراضي. وحتى الآن، تمثلت مشكلة ليبيا فيما بعد الثورة في التفكك. وعليه، فإن ظهور «داعش» يوحي بأنه بمرور الوقت قد تتحول مشكلة ليبيا إلى العكس، حيث قد يتمكن «داعش» من خلق مظلة موحدة تخضع تحتها أجزاء واسعة من البلاد.
ومن أجل تفهم العناصر التي تجعل «داعش» جماعة جذابة على وجه التحديد في أعين جمهور عالمي من المسلمين الراديكاليين، من الضروري مقارنته بتنظيم القاعدة. الملاحظ أنه من حين لآخر، دفع أسامة بن لادن بالتنظيم لدائرة الضوء في أواخر تسعينات القرن الماضي بشنه هجمات ضد سفارات أميركية في شرق أفريقيا، وفي خضم ذلك اتبعت «القاعدة» استراتيجية واضحة المعالم، حيث روّج التنظيم لفكرة «الجهاد الدفاعي» ضد القوى الغربية، مع الاهتمام بشن تفجيرات كبرى لجذب الاهتمام العالمي ودفع الولايات المتحدة ودول أخرى للانتقام. وجاءت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) بمثابة النموذج الجلي لهذا التوجه شديد النجاح.
وتمثل عنصر محوري في استراتيجية «القاعدة» في تشجيع جماعات إرهابية محلية على الانضمام لها باعتبارها التنظيم الأم. وغالبًا ما افتقر بن لادن وأيمن الظواهري لسيطرة عملية كاملة على الجماعات التابعة للتنظيم. بيد أن هذا الأمر لم يشكل أهمية، حيث اتبعت الجماعات الفرعية المتنوعة التابعة لـ«القاعدة» الاستراتيجية العامة بفاعلية؛ لأنها حققت لهم نتائج إيجابية.
إلا أنه باستثناء لحظات موجزة خلال الاحتلال الأميركي للعراق وفترات متقطعة داخل اليمن، لم تحقق «القاعدة» قط سيطرة سيادية على أراض بعينها. وتكمن وراء هذا الفشل مجموعة أسباب، أبرزها أن «القاعدة» لم تواجه قط موقفًا اتسم بفراغ حقيقي للسلطة. كما أن تفضيلها للتحالف مع حركات مقاومة جاء بمثابة تبرير خطابي للجهاد الدفاعي. وعني ذلك أيضا أن «القاعدة» ركزت جهودها على أماكن بها عدو محدد يمكن محاربته.
في المقابل، نجد أن توجه «داعش» معاكس تمامًا، إذ ارتفعت شعبية التنظيم تحديدًا بسبب فراغ السلطة القائم في سوريا جراء الانتفاضة ضد بشار الأسد. وقد راهنت قيادة «داعش» على أن الظروف في المناطق السنية العراقية لا تختلف عن ذلك كثيرًا.
وقد كانت هذه سياسة عبقرية، ذلك أن التوسع في العراق مكّن «داعش» من التحول لتنظيم أكبر كثيرًا عن منافستها «القاعدة». في الواقع، بإمكان «داعش» الادعاء بأنه يمارس سيادة. ويعد هذا الادعاء بالسيطرة على أراض شرطًا مسبقًا وضروريًا لإعلان الخلافة. وكان هذا سببًا كذلك في إسقاط «داعش بالعراق والشام» من اسمها الرسمي، وخاصة أن الأسماء الإقليمية تعد من بقايا حقبة «القاعدة»، بينما يرمي «داعش» لما هو أكبر بكثير.
بالنسبة للمسلمين الراديكاليين، يترك التأكيد على السيادة من خلال توحيد أجزاء متفرقة أصداءً عميقة لديهم. كذلك يقوم تصور «داعش» للعهد الأول من الخلافة على سلطة دينية وسياسية مشروعة. وعليه، فإنه عندما تظهر مجموعات تابعة لـ«داعش» في مكان يعاني فراغًا سياسيًا مثل ليبيا، فإن هذا ينبئ باحتمالية أن تكتسب أهمية أكبر بكثير عما كانت عليه الجماعات التابعة لـ«القاعدة» من قبل. إن ظهور جماعة جديدة تابعة لـ«القاعدة» كان يعني مزيدا من التفجيرات الانتحارية وحربا ممتدة، أما ظهور فرع جديد لـ«داعش» فيعني ما هو أكبر من قطع الرؤوس أو أعمال الحرق، فهو يعني ظهور جماعة ترى أن باستطاعتها تحقيق سيطرة على أراضٍ ما.
بطبيعة الحال، قد لا تكون الجماعة الفرعية بنفس مهارة أو قوة التنظيم الأم، ففي النهاية بإمكان أي شخص ارتكاب القتل وادعاء الانتماء لـ«داعش»، مثلما فعل أميدي كوليبالي، الإرهابي المدرب على يد «القاعدة» الذي هاجم متجر أطعمة يهودية في باريس.
وعليه، فإن ادعاء جماعات في ليبيا انتماءها لـ«داعش» لا تعني بالضرورة أنها ستنجح في السيطرة على مناطق محلية، ناهيك بالتوسع لما هو أبعد من ذلك. وتشير غالبية التقديرات، إلى أن مقاتلي «داعش» لا يسيطرون بالكامل على أي من المدن الليبية. بيد أن المهم في الأمر أن هذه الجماعات تزعم ممارستها هذه السيطرة؛ والدعاية يمكنها في نهاية الأمر خلق واقع مؤكد لها.
في الوقت الراهن، تعد البيئة الليبية جاهزة لظهور قوة آيديولوجية قادرة على إعادة توحيد المناطق المختلفة والمجموعات القبلية بالبلاد.
وقد يحاول «داعش» بذل محاولة جادة على هذا الصعيد، بحيث يبدأ بإقليم تلو الآخر على أمل خلق سلطة مركزية نهاية الأمر. وينبغي الانتباه إلى أن الغموض الذي يكتنف الطريق الذي يتعين على «داعش» اتباعه للوصول لهذه الغاية لا يعني أننا ينبغي ألا نقلق حيال إمكانية حدوث هذا.
حتى الآن دارت المخاوف الكبرى المرتبطة بليبيا حول تفككها، أما الآن بدأ يلوح في الأفق خطرً يفوق الفوضى، يدعى «داعش»، وهو آتٍ في الطريق.
ومن أجل تفهم العناصر التي تجعل «داعش» جماعة جذابة على وجه التحديد في أعين جمهور عالمي من المسلمين الراديكاليين، من الضروري مقارنته بتنظيم القاعدة. الملاحظ أنه من حين لآخر، دفع أسامة بن لادن بالتنظيم لدائرة الضوء في أواخر تسعينات القرن الماضي بشنه هجمات ضد سفارات أميركية في شرق أفريقيا، وفي خضم ذلك اتبعت «القاعدة» استراتيجية واضحة المعالم، حيث روّج التنظيم لفكرة «الجهاد الدفاعي» ضد القوى الغربية، مع الاهتمام بشن تفجيرات كبرى لجذب الاهتمام العالمي ودفع الولايات المتحدة ودول أخرى للانتقام. وجاءت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) بمثابة النموذج الجلي لهذا التوجه شديد النجاح.
وتمثل عنصر محوري في استراتيجية «القاعدة» في تشجيع جماعات إرهابية محلية على الانضمام لها باعتبارها التنظيم الأم. وغالبًا ما افتقر بن لادن وأيمن الظواهري لسيطرة عملية كاملة على الجماعات التابعة للتنظيم. بيد أن هذا الأمر لم يشكل أهمية، حيث اتبعت الجماعات الفرعية المتنوعة التابعة لـ«القاعدة» الاستراتيجية العامة بفاعلية؛ لأنها حققت لهم نتائج إيجابية.
إلا أنه باستثناء لحظات موجزة خلال الاحتلال الأميركي للعراق وفترات متقطعة داخل اليمن، لم تحقق «القاعدة» قط سيطرة سيادية على أراض بعينها. وتكمن وراء هذا الفشل مجموعة أسباب، أبرزها أن «القاعدة» لم تواجه قط موقفًا اتسم بفراغ حقيقي للسلطة. كما أن تفضيلها للتحالف مع حركات مقاومة جاء بمثابة تبرير خطابي للجهاد الدفاعي. وعني ذلك أيضا أن «القاعدة» ركزت جهودها على أماكن بها عدو محدد يمكن محاربته.
في المقابل، نجد أن توجه «داعش» معاكس تمامًا، إذ ارتفعت شعبية التنظيم تحديدًا بسبب فراغ السلطة القائم في سوريا جراء الانتفاضة ضد بشار الأسد. وقد راهنت قيادة «داعش» على أن الظروف في المناطق السنية العراقية لا تختلف عن ذلك كثيرًا.
وقد كانت هذه سياسة عبقرية، ذلك أن التوسع في العراق مكّن «داعش» من التحول لتنظيم أكبر كثيرًا عن منافستها «القاعدة». في الواقع، بإمكان «داعش» الادعاء بأنه يمارس سيادة. ويعد هذا الادعاء بالسيطرة على أراض شرطًا مسبقًا وضروريًا لإعلان الخلافة. وكان هذا سببًا كذلك في إسقاط «داعش بالعراق والشام» من اسمها الرسمي، وخاصة أن الأسماء الإقليمية تعد من بقايا حقبة «القاعدة»، بينما يرمي «داعش» لما هو أكبر بكثير.
بالنسبة للمسلمين الراديكاليين، يترك التأكيد على السيادة من خلال توحيد أجزاء متفرقة أصداءً عميقة لديهم. كذلك يقوم تصور «داعش» للعهد الأول من الخلافة على سلطة دينية وسياسية مشروعة. وعليه، فإنه عندما تظهر مجموعات تابعة لـ«داعش» في مكان يعاني فراغًا سياسيًا مثل ليبيا، فإن هذا ينبئ باحتمالية أن تكتسب أهمية أكبر بكثير عما كانت عليه الجماعات التابعة لـ«القاعدة» من قبل. إن ظهور جماعة جديدة تابعة لـ«القاعدة» كان يعني مزيدا من التفجيرات الانتحارية وحربا ممتدة، أما ظهور فرع جديد لـ«داعش» فيعني ما هو أكبر من قطع الرؤوس أو أعمال الحرق، فهو يعني ظهور جماعة ترى أن باستطاعتها تحقيق سيطرة على أراضٍ ما.
بطبيعة الحال، قد لا تكون الجماعة الفرعية بنفس مهارة أو قوة التنظيم الأم، ففي النهاية بإمكان أي شخص ارتكاب القتل وادعاء الانتماء لـ«داعش»، مثلما فعل أميدي كوليبالي، الإرهابي المدرب على يد «القاعدة» الذي هاجم متجر أطعمة يهودية في باريس.
وعليه، فإن ادعاء جماعات في ليبيا انتماءها لـ«داعش» لا تعني بالضرورة أنها ستنجح في السيطرة على مناطق محلية، ناهيك بالتوسع لما هو أبعد من ذلك. وتشير غالبية التقديرات، إلى أن مقاتلي «داعش» لا يسيطرون بالكامل على أي من المدن الليبية. بيد أن المهم في الأمر أن هذه الجماعات تزعم ممارستها هذه السيطرة؛ والدعاية يمكنها في نهاية الأمر خلق واقع مؤكد لها.
في الوقت الراهن، تعد البيئة الليبية جاهزة لظهور قوة آيديولوجية قادرة على إعادة توحيد المناطق المختلفة والمجموعات القبلية بالبلاد.
وقد يحاول «داعش» بذل محاولة جادة على هذا الصعيد، بحيث يبدأ بإقليم تلو الآخر على أمل خلق سلطة مركزية نهاية الأمر. وينبغي الانتباه إلى أن الغموض الذي يكتنف الطريق الذي يتعين على «داعش» اتباعه للوصول لهذه الغاية لا يعني أننا ينبغي ألا نقلق حيال إمكانية حدوث هذا.
حتى الآن دارت المخاوف الكبرى المرتبطة بليبيا حول تفككها، أما الآن بدأ يلوح في الأفق خطرً يفوق الفوضى، يدعى «داعش»، وهو آتٍ في الطريق.
* أستاذ القانون بجامعة هارفارد وكاتب بموقع «بلومبيرغ»
(المصدر: الشرق الأوسط)