معلوف لـ»الجمهورية»: أوباما لم يعطِ وكالة إقليمية لإيران
بخلاف ما يهلل البعض بأنّ الإدارة الأميركية انكفأت عن الشرق الأوسط وسلّمت مفاتيح قضاياه المتشعبة من العراق إلى سوريا ولبنان إلى الوكيل الإيراني الجديد، بعد ارتسام ملامح الإتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية، يرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط وليد معلوف أنّ هذا التوصيف يحمل الكثير من المبالغة.
يُشكّك الدبلوماسي الأميركي السابق من أصل لبناني وليد معلوف في وجود صفقة شاملة بين واشنطن وطهران في شأن أبرز ملفات الشرق الأوسط الساخنة، تعطي بموجبها أميركا لإيران وكالة إقليمية لإدارة شؤون المنطقة.
ويقول معلوف في حوار مع «الجمهورية»: لا شك أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما أضعف هيبة الولايات المتحدة بعد فشله في العراق وسوريا، لكنّه لم يعطِ وكالة إقليمية لإيران وإسرائيل لإدارة شؤون المنطقة»، مشيراً إلى أنّه عندما «يتجاهل أوباما الشرق الأوسط، ذلك لا يعني أنره سلّم هذه الملفات إلى إيران»، مشدداً على أنّ «المفاوضات مع الجانب الإيراني محصورة بالنووي».
ويوضح أنّ «الأميركيين في العادة يفاوضون بشكل مستقل، ولا يريدون أن يخلطوا ملفات أخرى مع الملف النووي الإيراني، وكلّ همّ أوباما في الوقت الراهن برنامجه للرعاية الصحية، وكيف ينجح الديموقراطيون في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي في تشرين الثاني المقبل».
العراق
وعلى رغم انتقاد معلوف فشل إدارة أوباما على صعيد مفاوضات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية، الّا أنّه لا يقرّ بأنّ أميركا سلّمت العراق لإيران. ويقول: «لا يزال للولايات المتحدة سفارة قوية في بغداد، وتجمعهما إتفاقات أمنية».
في المقابل، ينتقد معلوف العراقيين، لأنّهم «لم يستفيدوا من فرصة وجود 300 ألف جندي أميركي أتوا لتخليصهم من صدّام حسين، بل جاؤوا بنوري المالكي وشرّعوا بلادهم أمام تدخّل السوري والإيراني، وباتت القنابل المفخخة والتفجيرات جزءاً من يومياتهم». ويقول: «عوض أن يكون العراقيون موحدين ويستفيدوا من مواردهم، غرقوا في الخلافات الإقليمية».
الأزمة السورية
سورياً، إرتكب الرئيس الأميركي خطأً تاريخياً بعدم التدخل في نظر معلوف. غير أنّه يعزو تردّد أوباما إلى أنّ الأخير كان قد خاض الإنتخابات الرئاسية بوعد ناخبيه سحب الجيش الأميركي من أفغانستان والعراق، وانسحب على هذا الأساس.
ويقول: «لا يريد أوباما أن يحيد عن وعده للشعب الأميركي، على رغم إرتفاع أصوات داخل الولايات المتحدة تنادي بضرورة التدخل في سوريا وتطبيق النموذج الليبي».
وإذ لا يستبعد معلوف إمكان استخدام أوباما الملعب السوري لإستنزاف ايران، يقول: «إنّ البعض تنبّأ أن تكون سوريا فيتنام إيران، لكن يبدو أنّ إيران و»حزب الله» لم يخسرا عدداً كبيراً من عناصرهم في سوريا، والإستنزاف الحقيقي طاول «حزب الله» الذي ضعف لبنانياً، بعد تدخّله العسكري في سوريا، وفقدانه 60 في المئة من دوره الوطني اللبناني». ويشير معلوف إلى أنّه لولا «سلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، لما كانت استفادت المعارضة السورية من الدعم الأميركي».
ويقول: «لقد انكسر الإتفاق الأميركي – الروسي بسبب الأزمة الأوكرانية، وأعقبه طرد الدبلوماسيين السوريين من واشنطن بعد 3 أيام على هذا الخلاف، ليعود ويُستقبل رئيس الإئتلاف السوري أحمد الجربا في أميركا من قبل أرفع المؤسسات الحكومية».
ولا ينكر معلوف أنّ أوباما «وعد بإعطاء السلاح للمعارضة السورية، وليس في الضرورة أن يقول ذلك في العلن، فهم يرسلون السلاح الى المعارضة السورية، وزيارة الجربا أكثر من بروتوكولية، ويبقى على المعارضة أن تتوحد ولا تسمح بخروج أصوات نشاز من صفوفها».
في الوقت عينه، ينتقد السياسي الجمهوري أوباما بشدة، لأنّه «لا يتصرّف كرئيس للولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال، يجتمع مسؤولون من وزارة الخارجية مع آخرين في البيت الأبيض، وينتهي الإجتماع بالإتفاق على جملة أمور على أن يتم تحقيقها. بعد أسبوع، تعاود الخارجية الإتصال بالبيت الأبيض، لتجد أنّ أوباما قد تراجع وأوقف كل شيء».
وعلى رغم ذلك، لا يشكّك معلوف أنّ «الشعب السوري إذا أراد حريته، سوف ينجح في ذلك، والدليل أنّه على رغم قوة الجيش السوري النظامي ومساندة إيران و»حزب الله» للرئيس السوري بشار الأسد، لم يستطيعوا القضاء على المعارضة، إذ أنه من الصعب إنهاؤها».
لكّنه لا ينكر أنّ مستقبل الأزمة في سوريا سيطول، إلّا أنّ «الأسد لن يكون رابحاً وحتى لو فاز في الإنتخابات الرئاسية». ويتساءل: «أين السوريون ليصوّتوا؟ سيجعل الأسد من نفسه في هذه الإنتخابات أضحوكة العالم».
لبنان
يتابع معلوف حديثه ويسخر عما يشاع من إمكان دخول واشنطن في «بازار» مع إيران، لاختيار رئيس جديد للجمهورية اللبنانية. ويقول: «في غالب الأحيان يحمّلون أميركا أكثر من قدرتها، نحن كلبنانيين، علينا أن نتوحّد ونتفق ونذهب الى مجلس النواب لاختيار رئيس قوي، بدل الهرولة الى السعودية وإيران».
ويشدد على أنّ «لا مرشح مفضّلاً للولايات المتحدة، وهمها أن يجري الإستحقاق الرئاسي ضمن المهل الدستورية، على قاعدة أنّ لبنان مهم لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وكذلك الإستقرار فيه»، لكنّه يبدي تخوّفه من أن يخسر أوباما بفعل مواقفه غير الصلبة لبنان تدريجاً، وما سبق وكسبه سلفه جورج بوش.
وإذ لا يخفي تأييده القوي لترشّح رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، الذي «تعلّم من الأخطاء التي ارتكبها»، يقول معلوف: «اذا تعذّر وصول رئيس قوي الى سدة الرئاسة، وسيما أنّ الوضع في لبنان غير مهيّأ لقبول مرشح قوي، أقترح النقيض والإتفاق على رجل أعمال ناجح».
ففي نظر معلوف، تقتضي المرحلة أن «يتسلّم الرئاسة رجل أعمال كبير، ولديه مؤسسات منتشرة في الشرق الأوسط وليس في حاجة الى راتب الرئاسة، وأن تكون لديه خبرة في الإدارة وثقافة تاريخية». ويقول: «الرئيس في لبنان هو رمز المسيحي في الشرق الأوسط، ويتطلّب منه التواصل مع الجميع».
ويختم حديثه ويحمل بشدة على رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط لترشيحه النائب هنري الحلو لرئاسة الجمهورية، معتبراً أن عليه الوقوف إلى جانب حلفائه السابقين في 14 آذار.
ويتساءل: «لماذا تنكّر جنبلاط لحلفائه الذين منحوه أصواتهم في الانتخابات النيابية في الشوف، ورشحّ الحلو؟»
فليس لجنبلاط «الحق بترشيح الحلو، ولو صوّت الزعيم الدرزي لمصلحة جعجع، منذ الجلسة الأولى في البرلمان لغفر مسيحيّو الشوف لجنبلاط ذنوبه».
(المصدر: الجمهورية)