من داكار إلى دمشق
بقلم: عصام خوري //خاص كلنا شركاء//
شهدت القمة الإسلامية في داكار سجالا واسع الطرف حول قضية التسوية بين الحكومة السودانية والتشادية من جانب الدول الإسلامية الإفريقية، في حين تتحضر العاصمة السورية دمشق لسجال أوسع حول واقع سوريا وشؤون التسوية بينها وبين جيرانها، وهم دول إسلامية أيضا لكن في القارة الأسيوية.
فقبيل انعقاد كل من قمتي داكار ودمشق مارس الجناح الرسمي في الدول النامية المجاورة لهذه الدول دور المصلح، وفي كثير من الأحيان دور الناصح الأعلم من قبل الأعلم الأكبر.
داكار اليوم وغدا دمشق كلاهما قمم يصرف فيها المال هدرا وفي قرارات فارغة، سجالها الأكبر كيفية صياغة إعلان ختامي توافقي مع السلطان الأكبر وبرؤية لغوية تلاطف مشاعر الشعوب الجائعة في البلدان النامية.
وكأن هذه الشعوب محكوم عليها بأن لا تهنئ يوميا من لغة الشعارات…
وزاد على لغة الشعارات هذه المرة لغة التلاقح نحو صياغة الشعار، الذي يعيش الشعب في لغة السلطات الرسمية العربية المتناطحة في مدى شرعية تزلفها ونصحها لمحيطها.
فمصر العظيمة والناصحة لكلا الجناحين الإسلامي والعربي، والمملكة السعودية المجيدة بكل إمكاناتها المالية والتبشيرية باتتا في قطب صلب يمثل لوحة الصراع التاريخي بين القرشيين أسياد العرب ومتمردي خورسان…
فقد سخر الإعلام العربي والإسلامي للترويج طويلا نحو هذا النهج ومنذ مدة تتجاوز العامين، فالفريق السوري الإيراني ومن ورائهما الكتل الحزبية “حماس، الجهاد، حزب الله” باتا في صلب معادلة الفريق الخورساني.
ولم يتهاون الإعلام العربي عن الترويج لهذا الصراع بأقصى طاقاته، مستغلين الشقاق الشيعي السني في العراق، ومذكين لغة الشتائم بين فريقي السلطة والمعارضة اللبنانيين وفق ذات الأسلوب العراقي…
مما جعل كلمة “فارس” العنوان العريض للشاشات العربية بعد أن كانت كلمة “الإرهاب” العنوان الأوسع في الأعوام الماضية…
الإرهاب أو فارس أو محور الممانعة أو مجد آل سعود… كلها اليوم باتت مع احترامنا الكبير لاسمها ومكانتها، شعارات إعلامية فضفاضة، وفي كثير من الأحيان سياسة يصنعها خبراء الإعلام والجيوموفلوجيا، وصناع السياسة العالمين في مراكز الدراسات الفاعلة عالميا…
وتبقى قمتي داكار ودمشق قمم تنشط بمقدار تفاعل مدى البيان الختامي مع تحديد مفهوم الشعارات السابقة، وتؤدي في نهاية الأمر لتعميق الخلاف الرسمي العربي أو الإسلامي، مما يؤدي لتردي اقتصادي بين هذه الدول ولا يلمس تفاصيله المذلة سوى المواطن الغير آمل أساسا بجدوى هذه القمم…
كل الحب لداكار ودمشق وكل التقدير للمساعي الحثيثة لتغيير هذه الصورة القاتمة التي يعيشها المواطن المسلم والعربي، لكن في النهاية نتوجه برسالة للحكام العرب والمسلمين كمواطنين مفادها أذكرونا في موائدكم.