جرذان مرفأ اللاذقية
بقلم: عصام خوري
20/06/2006
جميع بلدان العالم تسعى في مختلف نشاطاتها لإبراز تفوقها في عدد من المجالات. فبعيداً عن التاريخ، تفوقت سوريا في مجال رياضة “الكارتية” لتحصل على بطولة العالم في نهايات العقد التاسع عشر من القرن الماضي، وفي الفترة ذاتها حصلت الرياضية غادة شعاع على بطولة العالم في ألعاب القوى، كما ساهم بعض الكتاب والمبدعين والرسامين بصيغ فردية على إبراز دور سوريا عالمياً، ونذكر منهم أدونيس الذي رشح أكثر من مرة لجائزة نوبل للآداب ولم يحصل عليها، والكاتب المسرحي سعد الله ونوس، والروائي حنة مينة، وشاعر الحب والمرأة الأهم نزار قباني، والرسام نزار صابور، كما برز في الآونة الأخيرة أسماء عدد من المثقفين المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم من أشهرهم هيثم مناع، ود.برهان غليون…
كما سعت بعض الأنشطة لتعزيز اسم سوريا في كتاب غنيس للأرقام القياسية، كنشاط شركة إنفستكوم التي قامت بإعداد أكبر وجبة كبة في العالم عام 2002.
كما أنني أفكر في ترشيح جارتنا أم فادي لهذا الكتاب كونها أكثر إمرأة تعنف بزوجها في اليوم، وهذا الأخير سألني هل من الممكن أن يكون هناك مؤسسات تعنى بحقوق المرأة أيضاً باستغراب شديد، عندما كنت أوضح له مفهوم حقوق الإنسان.
كما يمتاز مرفأ اللاذقية بوجود أكبر جرذان في العالم، واللافت للنظر أنها الأكثر شراسة ومناعة ودلالا في العالم، فهذه الجرذان تتغذى بمختلف المنتجات المصدرة “كالقمح،والشعير، والقطن، حتى أنها محجورة عن تلوثات مصفات بانياس للبترول، وهي تنعم بمناخ ممتاز على السوية العالمية، فنسبة هطول الأمطار في الميناء قرابة 700 ملم في العام، والرياح سكلونية جنوبية غربية، تنقطع في الصيف، ولا بد أن نذكر أن هذه الجرذان تنعم بالفصول الأربعة في العام، وهذا يجعلها بحق خصبة كعموم الشعب السوري الذي تصل نسبة الزيادة السكانية فيه لقرابة 27 بالألف، ونحن على يقين أن هذه النسبة خجولة جداً مقارنة مع نسبة خصوبة جرذان المرفأ، كما أن هذه الجرذان ومنذ زمن طويل غير محرومة من منتجات الاستيراد، ولا تدفع إي من الضرائب الجمركية للحكومة، فغالبية الأجبان المستوردة تمر على أنوفها، وأفخر أنواع الشاي والمتة تحتضن روثها “بعرها”، وحينما تنظر لها تتجاهلك وكأنك غير موجود، وقد تمر بين رجليك وإن اعترضتها تزمجر بوجهك وتستعد لقضم ساقك.
طبعا يوجد قسم مكافحة في المرفأ، وقد زرته عام 2000 عندما تسلمت وكالة أجهزة “وتك” التي تقوم على إصدار أمواج صوتية (ultrasonic) لا تؤثر على الإنسان إنما تقوم بتهديم الجملة العصبية للقوارض، مما يدفعها لمغادرة المكان، أو الموت اضطراباً.
القسم مكون من غرفتين منعزلتين بين المبنى الرئيسي ومبنى استقبال الركاب، الغرفة الأولى للاستقبال تحوي كرسيين وطاولة تخديم صغيرة غنية ببقايا الشاي والسكر، والغرفة الأخرى لم أتمكن من مشاهدتها لأن رئيس هذا القسم كان في عيادته في مركز المدينة، وأية مراجعات اضطرارية تكون هناك، الحاجب في هذه الغرفة لم يقدم أي معلومة سوى أنك يجب أن تلاقي لجنة المشتريات، مما دفعني لزيارة المبنى الرئيسي للمرفأ، ولقاء أحد المشرفين على الساحات، الذي استغرب عرضي، وبجواب سريع ياسيدي هل شاهدت جرذاننا في “الهنكارات”؟!!!.
وعندما أجبته بالنفي!!.
أجابني جرذاننا متكيفة مع جميع السموم والمبيدات، وهي بدون مبالغة الأكثر مناعة في العالم، وفي كل موازنة لمكافحتها، نجدها تتنشط، تأكد أنه لا يوجد أي سم يؤثر فيها، في بطنها مخبر لإبطال أي سم وتحويله لغذاء فاعل. هل تتحمل مسؤولية ماذا سيحصل لسكان المدينة في حال غادرت الجرذان مستودعاتنا، إنها ستصيب سكان المدينة بهلع، فهي لا تستغرب أي شخص، ولربما ازدحام المرور قد يجعلها عصبية فتهاجم المارة…. أبتعد عن هذا المشروع نرجوك… المرفأ في أفضل حالاته دونه.
طبعاً هذا الجواب لم يقنعني وثابرت مع موظفين آخرين، لقناعتي بجدوى هذا المشروع ماديا لي، وثانيا خدمياً للبلد. إلا أن الآراء تشابهت ودون جدوى.
ولا أدري حقيقة إن كنت على خطأ، والجميع على صواب في هذا الأمر، أم أن صيغة المناقصات مناسبة أكثر للجان المشتريات الذين يجددون شرائهم للسموم كل ثلاث أشهر من العام الواحد، في حين شراء منتجات ال ultrasonic سيكون مرة واحدة لمدة تتجاوز العشرين عاماً. أم أن القيمين على المرفأ يفكرون جدياً بإدخال جرذان مرفأ اللاذقية في كتاب غنيس للأرقام القياسية.