ماذا جرى في منتدى مدريد للسلام العادل في الشرق الاوسط
عضو لجنة التوجيه الدولية لمنتدى مدريد للسلام العادل في الشرق الاوسط)
مقدمة:
في السادس من تشرين اول 2007 وعشية اجتماع لجنة التوجيه الدولية لمنتدى مدريد للسلام العادل, فوجيء اعضاء اللجنة الدولية بتواجد مجموعة اسرائيلية منبثقة عن من اعضاء كاديما ومن مركز شمعون بيرس وبالتنسيق مع وزارة الخارجية الاسرائيلية واللوبي الصهيوني في اسبانيا وما يسمى “كازا سفاراد” اي البيت اليهودي في وزارة الخارجية الاسبانية. واضافة اليهم وزير سابق في السلطة الفلسطينية, ويميزهم انهم من مبادري ومؤيدي “مبادرة جنيف” وقبل ذلك اوسلو.
وتبين بسرعة ان هدف تواجدهم هو المشاركة في اجتماع لجنة التوجيه الدولية للمنتدى والتي تتشكل من شبكات منظمات اهلية فلسطينية في الوطن والشتات وعربية ومنظمات اوروبية واسبانية ومنظمات اسرائيلية مناهضة للصهيونية ومؤيدة بشكل علني لحق العودة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني. وتبين ايضا ان الجهة التي دعتهم هي اطراف في وزارة الخارجية الاسبانية بتوجه من وزارة الخارجية الاسرائيلية ووزارة خارجية السلطة الفلسطينية.
على الفور وقبل اجتماع لجنة التوجيه الدولية تداول الحضور غير الحكومي الفلسطيني والعربي والاسباني الامر وقرر رفض مبدئي لتدخل الحكومات في استقلالية المجتمع المدني ورفض التطبيع وتحويل المنتدى المعد ليكون تظاهرة ضخمة لدعم حقوق الشعوب ونضالها التحرري, الى منتدى للحوار الاسرائيلي الفلسطيني او الاسرائيلي العربي. وقد عقد اعضاء اللجنة اجتماعا عاجلا مع ممثل وزارة الخارجية الاسبانية واصروا على موقفهم الى ان تراجعت الوزارة عن محاولة املاء وفرض المشاركة الاسرائيلية الصهيونية والتدخل في شؤون المنتدى ومضامينه.
وبناء على الاجتماع المذكور وعلى اجتماع 21/6/2007 حيث اقرت لجنة التوجيه الدولية مع المنظمين الاسبان ان المشاركة في اعمال المنتدى مشروطة بمصادقة الجهة المعنية على البيان التأسيسي للمنتدى والثوابت السياسية المصاغة فيه. وهو ما تم اعتماده ضمن المسار التحضيري للمنتدى, وبناء عليه حددت منهاجية اعمال المنتدى وانشطته وهوية المتحدثين.
وفي المقابل كنا واعين لمحاولة الخارجية الاسرائيلية والمنظمات الاسرائيلية التي تدور في فلكها خاصة مركز شمعون بيرس “اختطاف المنتدى” اي السيطرة عليه والا فالتخريب والعمل من وراء الكواليس وامامها ايضا للتعطيل عليه.
وحدث عشية المنتدى وخلال اسبوعين تقريبا محاولات حثيثة من قبل اللوبي الصهيوني مستغلين مواقع تأثيرهم خاصة على الخارجية الاسبانية وبلديات مجاورة لمدريد اعطت رعاية للمنتدى وقامت بتنظيم فعاليات محلية موازية للمنتدى لكن لم تكن جزءا منه. وقد بلغ الامر محاولات التضليل وعرض الانشطة الموازية كما لو كانت جزءا من المنتدى, وقام موظفون اسرائيليون وناشطون (وليس اسبان) بالاتصال مع مجموعات وافراد فلسطينيين من الداخل سعيا لاشراكهم في الفعاليات الفنية والثقافية التي يهيمنون عليها.
واذ اعلنت الخارجية الاسرائيلية والاسبانية السعي الى فرض مشاركة وفد من 47 اسرائيليا من منظمات مقربة من وزارة الخارجية ومركز شمعون بيرس ومبادرة جنيف واعضاء حزبي العمل وكاديما للمشاركة في المنتدى وليس فقط في الفعاليات الموازية غير المرتبطة بالمنتدى وبرنامجه. وطالبوا من خلال الخارجية الاسبانية باعتماد هذا الوفد كالوفد الاسرائيلي الرسمي و”ان الوفد الذي نظمه مركز المعلومات البديلة” وهو تنظيم عضو في لجنة التوجيه الدولية “لا يمثل سوى “الراديكاليين” “والمناهضين للصهيونية. كما طالبت الخارجية الاسبانية نيابة عن الاسرائيلية اشراك “الوفد” في اعمال ومنصات المنتدى. وهذا تناقض بشكل صارخ مع قرارات المجتمع المدني الاسباني المنظم للمنتدى ومع اللجنة الدولية ومع مبدأ استقلالية المجتمع المدني. وعلى الفور جرت اتصالات وتقرر رفض الاملاء الاسرائيلي والحكومي مهما كان الثمن, وضمان وحدة المنظمين الاسبان والجهات الفلسطينية والعربية والدولية المشاركة في لجنة التوجيه. وقام المنظمون الاسبان بالتنسيق مع لجنة التوجيه الدولية باصدار بيان بهذا الشأن يؤكد ان المشاركة محصورة بمن صادق على البيان التأسيسي للمنتدى.
كيفية ادارة المعركة
منذ البدء بالتحضيرات الاولية للمنتدى برزت وحدة الموقف الفلسطيني وتناغمه على مستوى العمل الاهلي, وقد بدى كما لو كان مفروغا منه وهذا انجاز بحد ذاته. اذ ان الموقف الفلسطيني الموحد هو اساس لموقف عربي موحد ودولي موحد فيما يخص فلسطين والقضية الفلسطينية.
والحق يقال ان منظمات المجتمع المدني الاسبانية وبسبب تداخلها وتفاعلها مع المنظمات الفلسطينية قد بادرت الى اصطفاف مريح انعكس في تركيبة لجنة التوجيه الدولية وفي مضمون الخطاب التأسيسي للمنتدى المنبثق من دعم الحقوق والنضال لتحقيقها ومن الغبن التاريخي من ناحية وعدالة النضال والمقاومة للتخلص منه ومن تبعاته من الجهة الاخرى. كما تم تبني التوجه بأن هدف المنتدى ليس الحوار- بل منتدى دعم حقوق ونضال, كما انه ليس اطارا للتطبيع مع اسرائيل بل دعا الى معاقبتها ومقاطعتها.
ومع الوقت بدأ يتضح حجم التحدي للموقف الرسمي الحكومي المتدخل بسبب بنية المنتدى وهيكلته وتمويله وتمويل المؤسسات المنظمة بشكل عام. وكل هذا حصل على الساحة الاسبانية دون اي تماس او علاقة مع لجنة التوجيه الدولية. في حين موقف الخارجية الاسبانية قد خضع لابتزازات الخارجية الاسرائيلية واللوبي الصهيوني في اسبانيا وللاسف فقد تناغمت وتكاملت هذه الابتزازات مع موقف وزارة خارجية السلطة الفلسطينية التي سعت وباتصالاتها المباشرة مع الخارجية الاسبانية للنيل من المشاركة الفلسطينية غير الحكومية وطبيعتها السياسية.
عشية موعد انعقاد المنتدى مرت المنظمات الاهلية الفلسطينية بامتحان صعب لكن نجحت فيه بتميّز, فنتيجة للوضع المتحرك سياسيا في مدريد حدث تفاوت في الموقف الفلسطيني وكان محوره في كيفية ادارة المعركة. وان كان هناك من راى فيه انقساما فلسطينيا او سلوكا تجزيئيا لكن في الحقيقة فان من ينظر الى جوهر الامور يرى ان الموقف كان جوهريا موحدا في مناهضة الاملاءات الحكومية الاسرائيلية الاسبانية وفي رفض المشاركة الاسرائيلية والتاكيد على مقاطعتها وعدم التسليم بها حتى لو ادى الامر الى الغاء المنتدى. كما ان الموقف كان منسقا على مدار الساعة بين من تواجد في مدريد او من اعلن مسبقا حتى مجرد عدم السفر الى مدريد.
وكنا اكدنا ان تجربة العمل الاهلي الفلسطيني من شانها ان تنعكس في ثقة كبيرة بالنفس وكوننا ذوي تجربة غنية سواء في تنظيم المؤتمرات والمنتديات الفلسطينية والدولية وكذلك ذوي تجربة وقدرات في التصدي للمؤتمرات ومنع اعمالها اذا تم السعي من خلالها للنيل من الثوابت الفلسطينية والحقوق الفلسطينية او املاء موقف حكومي.
مساء يوم 12/12 اي ليلة المنتدى ومغادرة الوفود الى مدريد اعلنت شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية في الضفة والقطاع وكذلك حملة مناهضة جدار الابرتهايد مقاطعتهما, وسعتا الى تجنيد الوفود الفلسطينة وبعض الوفود العربية الى اللحاق بموقفهما في اللحظة الاخيرة ودون تنسيق مسبق حول هذه الخطوة, وهذا ما جرى مع الوفد اللبناني, في حين حضرت مجموعات فلسطينية محدودة من الضفة الغربية وفي حين واصل اتحاد الجمعيات العربية في فلسطين48 قراره السفر الى مدريد وادارة المعركة من هناك كما حضر الى مدريد ممثلو الجالية الفلسطينية في اسبانيا ومجموعات فلسطينية شبابية من الشتات اضافة الى الوفد المصري ومشاركة تونسية ووفدان من العراق – الداخل والخارج. وكان وراء موقف اتحاد الجمعيات (اتجاه) القناعة ان المجموعة الفلسطينية تملك كل اوراق اللعبة في المنتدى ويجدر النضال من موقع الحدث من اجل ابقاء المنتدى كما هو باجماع المجموعات العربية, حيث نسيطر ضمن اللجنة الدولية على مضامين المنتدى ونحن جميعا مع حلفائنا الاسبان صغنا الميثاق المرجعي وكذلك البيان الختامي وحددنا المتحدثين واقرّينا الورشات المدارة ذاتيا, كما حددنا الحضور.
كما وقف اما ناظرنا ان هناك مسؤولية اضافية وهي تجاه الوفود العربية والمشاركة الاسبانية وهناك اهمية للتنسيق وللتضامن والتكافل وتوحيد الصوت الفلسطيني والعربي والاسباني معا لمواجهة استجابة الحكومة الاسبانية لاملاءات اسرائيل. والانسحاب او المقاطعة يجدر ان يكونا جماعيا ومنظمين, حيث هناك اجماع حول المباديء والخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها.
ومثلت امامنا تجربة مؤتمر ديربان حيث كانت وقفت المجموعة الفلسطينية ضمن المجموعة العربية الاقليمية الموحدة في مواجهة حكومات العالم والامم المتحدة وهزمت اسرائيل والصهيونية وادانتهما بالعنصرية والكولونيالية والابرتهايد.
وفي المقابل اصدرت منظمة اكسور الاسبانية الحليفة للمنظمات الفلسطينية نداء ودعوة للحضور الى مدريد وادارة المعركة معا ضد الاملاء الحكومي.
من اين تدار المعركة
ان محورية الموقف الفلسطيني الموحد هي اساسية وهي جوهرية في كل الحراك داخل المنتدى. انها محورية تجاه المجموعة العربية اقليميا ومحورية تجاه المنظمين الاسبان ومحورية تجاه الوفود الدولية الاخرى. وكونها محورية يعزز مركب المسؤولية فيها تجاه الاخرين من اصدقاء وحلفاء. والحقيقة ان هذا الدور هو فقط للحضور الفلسطيني ولا يمكن ان يقوم به اي حضور اخر من اية دولة كانت, وفقط الفلسطينيون حيث لا دولة, يتموقعون في موقع قيادي لاي مؤتمر وحدث دولي كان على مستوى المجتمع المدني.
اننا نعتقد ان الخلاف في وجهات النظر حول كيفية ادارة المعركة وموقع ادارتها هو امر ثانوي كونه ليس خلافا على الجوهر, وهو سلوك طبيعي.
الحضور الى مدريد او عدمه ليس موقفا سياسيا بحد ذاته, لكن المشاركة في مؤتمر تحت الاملاءات الحكومية او بمشاركة اسرائيلية هو سلوك فيه موقف سياسي, وهذا امر متفق عليه.
في الواقع وضمن الاجتماعات التحضيرية المحلية والتشاورات الفلسطينية المسبقة فان المؤشرات لمسعى اسرائيل بتغيير جوهر المنتدى كانت متوقعة وواضحة. وزادت صعوبة الموقف وزارة خارجية السلطة الفلسطينية التي طعنت في مصداقية الشبكات الفلسطينية المستقلة عنها.
واذ كان دور اتحاد الجمعيات (اتجاه) محوريا في ادارة المعركة في موقع المنتدى سواء في صياغة الموقف ام تنسيق وتوحيد الموقف الفلسطيني العام ام العربي الاقليمي ام الدولي, وقيادة جميع الوفود باتجاه موقف موحد داعمين للثوابت التي قام عليها المنتدى ولاستقلالية المجتمع المدني, فان ما حدث على ارض الواقع وفي موقع الحدث ومتابعة التطورات عن كثب وصولا الى الغاء ورشات المنتدى كما اقرت اللجنة التوجيهية وتحويله الى ملتقى احتجاجي مناهض للتدخل الحكومي الاسباني والاملاء الاسرائيلي, فقد وضعنا امام المنظمين واللجنة الدولية هدفين وهما: ضمان وحدة الموقف الفلسطيني والعربي والاسباني والدفاع عن استقلالية المجتمع المدني ومنع اختراق وحدته من قبل الحكومات مهما كان الثمن. وهو ما تحقق على ارض الواقع.
وبنظرة تقييمية لما جرى في مدريد فاننا على ثقة انه لو تغيبنا عن الحدث ولو لم تدر المعركة بحزم وبتنسيق لكان بالامكان حرف المنتدى عن مساره وضمان مشاركة المؤسسات الصهيونية, اضافة الى تشويه موقف الضحية واحراج الوفود العربية وتشويه موقفها.
عود على بدء
ان فكرة منتدى مدريد للسلام العادل والتي بادرت اليها تحالف منظمات غير حكومية وتنموية اسبانية متحالفة في منتدى مدريد الاجتماعي, قد اعتمدت على مركبين مركزيين: الاول هو مسعى حكومة اسبانيا الى عقد مؤتمر دولي (مدريد 2) وفي ذلك اعتراف بفشل المسار الذي جاء بعد مؤتمر مدريد الاول اوائل التسعينات من القرن الماضي, ومسار اوسلو الذي تلاه.وقد شمل المسعى التركيز على جوهر الصراع وعلى الشرعية الدولية والقانون الدولي. اما المركّب الثاني فهو الدور المؤثر للمجتمع المدني الاسباني كون منظماته وتحالفاته من اكثر المجتمعات المدنية تأثيرا على مواقع اتخاذ القرار في بلده.
وقد بادر المجتمع المدني الاسباني الى تنظيم منتدى السلام العادل وفي محوره قضايا فلسطين والعراق ولبنان مؤكدا على جوهر المنتدى كداعمة لحقوق الشعوب, ولتفعيل حركة التضامن العالمية بالذات مع الشعب الفلسطيني.
كما بادر المنظمون الاسبان من المجتمع المدني الى تشكيل لجنة توجيه دولية من الشبكات العربية والدولية.
وفي حين بدأ مسعى الحكومة الاسبانية بالتأثير وخلق حراك معين بادرت الادارة الامريكية بالتنسيق مع اسرائيل الى مؤتمر انابلوليس النقيض لروح مؤتمر مدريد الذي سرعان ما تراجع عنه المبادرون له, وقرر الاتحاد الاوروبي تبنيه والعمل ضمنه من خلال الرباعية الدولية والتراجع عن مبادرة مؤتمر مدريد2. وهذا ما تبنته الحكومة الاسبانية ايضا, ملحقة ذلك بسلسلة من التراجعات مست بالمجتمع المدني الاسباني ومصداقيته وكانت عاملا اساسيا في التداعيات اللاحقة بلوغا الى الغاء المنتدى.
لم يكن سلوك الخارجية الاسرائيلية او المنظمات الصهيونية غير متوقع, لكن المفاجيء كان مدى تهادن وزارة الخارجية الاسبانية, فكل من يعمل على الساحة الدولية يدرك ان اوروبا اصبحت منذ سنوات ميدان عمل اساسي للوبي الاسرائيلي الصهيوني. وعمليا كان هذا احد الدروس الاسرائيلية من هزيمتهم السياسية في المؤتمر الدولي ضد العنصرية (ديربان 2001). فبعد ان ضمنت اسرائيل التأييد المطلق من الاتحاد الاوروبي وحكومات دوله فان ساحة المواجهة اليوم هي المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية والشعبية والاعلام. وهذا المنحى يزداد مجابهة كجزء من منحى عالمي او معولم ضمن ما تمليه الادارة الامريكية لتقسيم العالم الى محورين: “التطرف” و”الاعتدال”. ليصبح الاصطفاف ومحور المواجهة اقليميا مثلا ليس مع اسرائيل ومشروعها الكولونيالي العنصري بل بين الفلسطينيين انفسهم وبين العرب وبينهم ضد ايران وهلمجرا.
الاعتدال والتطرف يقاسان وفق الموقف من اسرائيل, وليس الموقف من الشرعية الدولية مثلا او من حقوق الانسان. وهذه هي معادلة حماية لاسرائيل مهما ارتكبت من جرائم تميز كل تاريخها وجوهرها.
ليأتي مؤتمر انابوليس لاحقا ليؤكد جوهر المسعى الامريكي والاوروربي والاسرائيلي الى خلق اصطفاف عالمي مخترق للمناطق والدول والشعوب يضمن هيمنة المهيمنين والمحتلين في فلسطين والعراق وضعف المهيمَن عليهم او من يعترض على الهيمنة الامريكية الاسرائيلية.
لكن انابوليس زاد من اهمية منتدى مدريد كون الاخير وبناء على ميثاقه التأسيسي ومحاوره سيشكل اول تظاهرة دولية جماعية ضد نهج وروح انابوليس. فوثيقته التأسيسية تؤكد على مقاومة الهيمنة الامريكية الاسرائيلية وعلى حق الشعوب في فلسطين والعراق في مقاومة الاحتلال والتحرر منه, وعلى حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى وطنهم وممتلكاتهم, وعلى اعتبار اسرائيل نظاما كولونياليا عنصريا, ويحمل المجتمع الدولي مسؤولية عدم الزام اسرائيل باحترام القانون الدولي ويدعو الى معاقبتها ومقاطعتها والى احترام الحسم الدمقراطي الفلسطيني والى اطلاق سراح الاسرى والمعتقلين, ويدعو الى انهاء احتلال العراق والى وحدة اراضيه وسيادته والى سيادة لبنان وانهاء الاحتلال الاسرائيلي في الجولان ويحذر من عدوان اسرائيلي على سوريا او ايران. ويءكد رفض المجتمع المدني ان يستخدم كأداة للتطبيع. اي ان منتدى مدريد سعى بكل مركباته الى احضار ما سعى مؤتمر انابوليس تغييبه الا وهو صوت الشعوب في فلسطين والعراق ولبنان ودعم نضالها.
وكي نضمن كل هذا, فان المشاركة في المنتدى كانت مفتوحة لمن يصادق على الميثاق الـتأسيسي والمباديء المشار اليها, وحيث ان المنظمين اللجنة الدولية هي المسؤولة مع المنظمين الاسبان عن مضامين المنتدى وبرنامجه والمتحدثين وكذلك عن لجنة الصياغة مسودة البيان الختامي. وهي ضمانات اتفق عليها في اجتماع عقد بتاريخ 21 حزيران 2007.
دروس وعبر:
* هناك ملامح تغير في النهج الدولي الحكومي تجاه المجتمع المدني
* مسعى لخلق “مجتمع مدني” موالي للحكومات والسياسات الخارجية اوالداخلية
* مسعى حكومي مكشوف ومجاهر لفرض شروط التمويل او مستحقات التمويل
* مسعى دولي لمحاصرة المجتمع المدني الفلسطيني المستقل واسكات صوته السياسي الوطني ومنع تفاعله دوليا والتعاون مع اطر او منظمات اهلية فلسطينية فردية اخرى كبديلة عن الشبكات الفلسطينية المستقلة تتساوق مواقفها مع المواقف المهيمنة دوليا.
* هناك تنشيط وتنظيم للوبي الصهيوني في اوروبا
* اللوبي الصهيوني يستهدف المجتمع المدني دوليا بعد ان ضمن مواقف الحكومات
* محورية المجتمع المدني الفلسطيني في الوطن والشتات على الصعيد الفلسطيني والعربي الاقليمي والدولي
* وحدة الموقف الفلسطيني للمجتمع المدني المنظم في الشتات والوطن شرط اساسي لاي انجاز ولأي حراك دولي.
* محورية وحدة الموقف العربي الاقليمي للمجتمع المدني المنظم المناهضة للتطبيع, والتعامل معه كبعد استراتيجي للعمل الاهلي الفلسطيني
* المجتمع المدني المستقل لا يزال يتمتع بقدرة كبيرة على الـتأثير وبحاجة الى تنظيم وتنسيق وتوحيد الجهود
* السعي الى تطوير الحوار الفلسطيني الداخلي حول قضايا التمويل والعمل الدولي بغية الحؤول دون هيمنة جهات دولية حكومية على اطراف من المجتمع الاهلي والمدني الفلسطيني.
* اهمية تنسيق المجتمع المدني الفلسطيني لخطواته مع شركائه وضمان علاقة على اساس الشراكة بالمسؤولية المتبادلة والندية وتكامل الادوار.
* الاجندة العالمية الحالية وكما يبدو المستقبلية للاشتراط التمويلي السياسي هي خلق اصطفاف محوري جديد ومواجهة بين محور “الاعتدال” ومحور “التطرف” ويسعى الى شق الصف واحداث شرخ ضمن المجتمع المدني الفلسطيني حصرا والعربي والدولي عامة.
* الاشتراط التمويلي السياسي يسعى الى زج المجتمع المدني الفلسطيني والعربي عامة بالتطبيع مع اسرائيل.
* اهمية تاكيد الموقف العربي والفلسطيني المناهض للتطبيع, والموقف الدولي المقاطع لاسرائيل بمؤسساتها الامنية والمدنية.
* اهمية العمل الجماعي المنظم فلسطينيا وعربيا لحماية المؤسسات ومنع الانفراد بها والنيل من مواقفها كل على حدة.
* تأكيد وحدة القضية الفلسطينية كشرط لاي تحرك فلسطيني او دولي حول القضية الفلسطينية.
* الحاجة الى تطوير خطاب العدالة والحقوق والشرعية الفلسطينية والتضامن المتبادل في مواجهة “تظاهرة السلام” التي تحاول قوى العدوان الاسرائيلي ومؤيديه التظاهر بها.
* الحاجة الى فضح المنظمات الاسرائيلية التي تحاول ان تتظاهر بانها مجتمع مدني في حين ان وفودها تتشكل من خلال وزارة الخارجية الاسرائيلية.
تحديات مستقبلية:
في المحصلة نجح المجتمع المدني في الحفاظ على وحدته ومنع اختراقه من قبل الحكومات ونتيجة للابتزاز الاسرائيلي. وفي المقابل دفع ثمنا كبيرا وهو التخلي عن منتدى دولي كان من المفترض ان يشكل تظاهرة دولية ضخمة تضامنا مع الشعوب المحتلة ونضالها وعدالة قضاياها, وكان من المفترض ان يشكل رافعة للتضامن الدولي وفلسطينيا كان عمليا الحدث الدولي الاكبر الذي سيطلق فعاليات العام الستين من النكبة وحملة من اجل حق العودة وتقرير المصير.
اي عمليا فان محاولات التعطيل على المنتدى بمضمونه الاصلي قد نجحت. وفي ذلك تحفيز لاسرائيل بوزارة خارجيتها واللوبي اليهودي والمنظمات الصهيونية ان تواصل هذا المسار وتتعلم الدروس من طرفها. وهو يتساوق مع مسعى الادارة الامريكية عالميا عزل كل من يناهض مخططاتها والعدوان الاسرائيلي. وذات الوقت قد يستخدم ما جرى محفزا لدى بعض الحكومات للنيل من استقلالية المجتمع المدني عنها.
ما جرى فيه ردع للحكومات بأن المجتمع المدين ليس اداة طيغة بيدها بل يناضل من اجل استقلاليته واستقلالية اجندته وخطابه ويتحدى الحكومات ويمانع محاولات اختراقه او الهيمنة عليه من قبل الحكومات. ويبقى اساسا للتضامن بين الشعوب.
الدرس الاسرائيلي
فكما ان المجتمع المدني يتعلم الدروس ويستوعب العبر ويعد للخطوات القادمة فان الحكومات بما فيها الاسرائيلية وبتنسيق وتعاون مع المنظمات الصهيونية العالمية وحلفائهم هو ايضا يعدون للمستقبل, ويجدر التذكير ان اللوبي الصهيوني ووزارة الخارجية الاسرائيلية يسعون منذ عام على الاقل للهيمنة على مؤتمر الامم المتحدة لمناهضة العنصرية (ديربان 2) والمقرر في العام 2009. واحد المساعي الحثيثة لديهم هو نقل المؤتمر من جنوب افريقيا الى نيويورك. ويجدر الاعتراف ايضا ان المنظمات الصهيونية تظهر لغاية الان استعدادا وجاهزية عالية في حين ان ضحايا العنصرية والكولونيالية الصهيونية فلسطينيا وعربيا ودوليا لم يلحقوا الركب بعد.
محاذير ذات صلة بالتمويل
كما علينا الاعتراف ان التمويل الدولي هو ضرورة لكنه يتحول الى لعنة اذا كان مشترطا على حساب استقلالية مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الشعوب المظلومة. وعلى منظمات المجتمع المدني ان ترى وتدرك ذلك وان تقول “لا” عند الحاجة مدركة ان المموّل خاصة الجهات الدولية الحكومية بحاجة الى المجتمع المدني كي يقبل تمويله لانه من وجهة نظره الحكومات هو استثمار سياسي وليس عملا خيريا بأي شكل كان. والمعادلة امام المجتمع المدني تصبح اكثر تعقيدا وتتطلب كما دائما لكن بحزم اكبر مع كل مركبات التمويل وما يقف وراءه من اهداف. لتصبح علاقة المنظمات مع مجتمعاتها اساسية والتمويل الذاتي والعربي والفلسطيني من البرجوازية الوطنية اكثر الحاحية في تدعيم الصمود والصوت المستقل للمجتمع المدني العربي وفي محوره الفلسطيني الناتج عن محورية المسألة الفلسطينية.
حركات التضامن
حركات التضامن من حركات شعبية واطر سياسية ونقابية وتنموية وحقوقية تقوم بدور هام واساسي في دعم حقوق الشعب الفلسطيني. وبنظرة الى الماضي والحاضر وبالاساس مستقبلا فهي سند استراتيجي للشعب الفلسطيني. الا ان حركات التضامن لا تفرق بين فلسطيني وفلسطيني في تضامنها بل تتضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. ولا تتضامن مع هذا الفلسطيني ضد ذاك الفلسطيني واي شرخ فلسطيني في الموقف العام او العيني من قضية معينة انما يشتتها ويفقدها زخمها. فالموضوع ليس اسداء معروف للشعب الفلسطيني من احد, وانما القيام بواجب انساني يعتمد في تفاعله على نضال الشعب الفلسطيني التحرري ومكمل له. وهو النموذج مع نضال الشعوب عامة. ولن يكون من مصلحتها ولا مصلحة الفلسطينيين ان تتداخل في الخلافات الفلسطينية الداخلية.
في المقابل فان المسعى الخارجي لاضعاف مرجعيات المجتمع المدني والاهلي الفلسطيني واطره الجماعية والمساعي الدولية لدى حكومات معينة ان تتعامل مع فريق فلسطيني “المعتدل” ضد فريق فلسطيني اخر “المتطرف” وتحت شعار “السلام” هو في غاية الخطورة لانه قد يؤدي الى تشتت وانقسام في حركات التضامن ذاتها ايضا. وهذا يتطلب تعزيز خطاب حركات التضامن والشراكات معها, ليتضمن مواضيع ذات علاقة مباشرة بجوهر الصراع والتركيز على الجوهري ولتضع على اجندتها مواضيع مثل دعم مقاطعة اسرائيل ودعم النضال الفلسطيني العربي ضد التطبيع, وكشف طبيعة المنظمات المجتمعية الاسرائيلية الداعمة بغالبيتها الساحقة جدا لسياسة العدوان الاسرائيلي والامريكي في المنطقة. اي مواجهة النظام الاسرائيلي كنظام ودولة تعبر عن كيان استعماري عنصري عدواني ومناهضة الهيمنة الامريكية في المنطقة, وعدم التعامل مع اي موضوع عيني خارج السياق العام وجوهر الصراع حول فلسطيني وفي المنطقة.
كما ومن المهم تعزيز النهج الآخذ بالتعاظم وهو التعامل الشعبي الدولي مع القضية الفلسطينية بكل مركباتها كقضية واحدة وتخطّي حالة التعامل التجزيئي معها. وهو اساس هام لتطوير خطاب احقاق الحقوق على اساس العدالة وحققو الشعوب وليس على اساس توازن القوى المهيمن.
العام الستون من النكبة وتداعياتها المتواصلة والمتراكمة هو مناسبة لامتحان هذا النهج واطلاق حركات التضامن والحملات من اجل احقاق حقوق للشعب الفلسطيني وتوفير اسس العدالة.
البعد العربي الاقليمي للعمل الفلسطيني
على ارض الواقع هناك تراجع للتفاعل الفلسطيني العربي اقليميا, ودون الخوض في اسباب ذلك في هذه الورقة, الا انه لا يجوز للبعد العربي ان يغيب ولا يجوز للفلسطينيين تغييب البعد العربي. فالحركة العربية تقوى بالفعل الفلسطيني الموحد والفعل الفلسطيني يقوى بالبعد العربي. ان بلورة كتلة عربية ثابتة على مستوى المجتمع المدني هي ابعد تأثيرا من حدود عمل مؤسسات المجتمع المدني, بل هي اطار تأثير داخلي وخارجي محليا وعالميا.
وعودة الى تجربة مؤتمر ديربان ضد العنصرية عام 2001 فان الصيغة التي عملنا من خلالها جميعا واثبتت قوتها هي اقامة كتلة عربية اقليمية وفي مركزها القضية الفلسطينية مناهضة للتطبيع مع اسرائيل وتسعى لعزلها دوليا وتتفاعل مع المجموعات والكتل الدولية الاخرى. الا ان الكتلة العربية الجامعة والمنسقة والموحدة اخذت تغيب عن ساحة العمل الدولي على مستوى المجتمع المدني, وهو ما يحصل في المنتدى الاجتماعي العالمي, وفي المقابل في اطر ثابتة اقيمت في السنوات الاخيرة وبالذات الاطر الاورومتوسطية والمنبر الاورومتوسطي للمنظمات غير الحكومية حيث ان غياب كتلة عربية وعمل عربي جماعي يؤديان الى خلل في توازنات القوى داخل الاطار والذي من المحتمل ان يقود الى خلل سياسي وتراجع في القضايا الاكثر محورية الا وهي القضية الفلسطينية على حساب الفلسطينيين ولصالح اسرائيل.
لن يكون مستبعدا ان تقوم المؤسسة الاسرائيلية بخطوات في هذا المجال بما فيها:
* سن قوانين تزيد من الرقابة السياسية على الجمعيات العربية في الداخل من قبل وزارة الخارجية والتأثير من خلال ذلك على سياسة الجمعيات والممولين معا.
* ملاحقة الجمعيات العربية التي تتبنى مسار التواصل الفلسطيني والعربي والدولي ومحاولة نزع شرعيتها
* زيادة ضغطها على الاتحاد الاوروبي وحكومات اخرى للسير وفق المصالح الاسرائيلية
* تعزيز استخدام التمويل اليهودي الامريكي والعالمي الموالي لاسرائيل من اجل سياسة الاغراء وشراء الذمم من ناحية وعزل واضعاف مؤسسات فلسطينية مناهضة لنهجهم.
* التأثير على طبيعة المؤتمرات والمنتديات الدولية ومنظميها ومموليها
* الدفع باتجاه احداث شرخ ثابت في الموقف الفلسطيني.
* استخدام المؤتمرات الدولية للتطبيع مع اسرائيل.
* تقاسم الادوار بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني الاسرائيلي الصهيونية في المحافل الدولية
محليا – فلسطين48: المشاركة في وفود جماعية لاتحاد الجمعيات (اتجاه)
* محورية دور اتحاد الجمعيات (اتجاه) في ضمان هذه الوحدة الفلسطينية في الوطن والشتات والوحدة العربية الاقليمية واقامة التحالفات والحراك الدولي.
* بناء على التجربة هنالك حاجة للتأكيد انه توجد مرجعية لكل وفد جماعي, وكل من يشارك فيه فان مرجعيته هي ما يتفق عليه. ولما كان وفدنا منظما من قبل اتحاد الجمعيات ومرجعيته هي اتحاد الجمعيات فان من حق اية جمعية عضوة ان تسعى للمشاركة فيه ضمن معايير المشاركة ذات الصلة. لكن هناك ايضا مسؤولية تقع على كل جميعة مشاركة ألا وهي الالتزام اولا بالمرجعية ولا مكان لقرارات انفرادية او الاعتماد على مرجعيات اخرى خارج المرجعية التي تم تنظيم الوفد على اساسها وضمنها.
* يجدر التأكيد ضمن العلاقة الاستراتيجية بين الاطر الفلسطينية الاهلية الجماعية ومحورية دورها, على اهمية تعزيز دور الاتحادات والشبكات, وفيما بينها احترام مرجعية كل اتحاد او شبكة او ائتلاف, كأساس لتعزيز التنسيق والتعاون وتكامل الادوار.
مطالب وخطوات فورية:
* تأكيد ودعم مطلب المنظمين الاسبان من منظمات مجتمع مدني اقامة لجنة تحقيق اسبانية رسمية في الاحداث والتدخلات وراء منتدى السلام العادل.
* تأكيد مطالبة الخارجية الاسبانية باتاحة المجال وتوفير الامكانيات لاعادة عقد المنتدى ضمن الصيغة والاطار اللتين بني عليهما.
* المبادرة الى لقاء جماعي مع سفير اسبانيا في تل ابيب والاحتجاج على ما جرى وتأكيد المطلبين السابقين.
* المبادرة الى سلسلة لقاءات تقييمية مع شبكة المنظمات الاهلية في الضفة والقطاع وحملة الجدار وكذلك تقييم العمل الفلسطيني ضمن هيئة التنسيق للمجتمع الاهلي الفلسطيني المنبثقة عن مؤتمر تجاوز التجزيئية في قبرص (10/2007)
* المبادرة الى اقامة كتلة عربية اقليمية منسقة ومتناغمة ذات جاهزية عالية ومستدامة للعمل الدولي.
ملاحظة: تمت مناقشة هذه الورقة في اجتماع تقييمي نظمه اتحاد الجمعيات العربية (اتجاه) في شفاعمرو بتاريخ 28/12/2007) والذي شاركت فيه جمعيات عضوات واعضاء وعضوات وفد فلسطين48 الى مدريد.