الأمواج البحرية الزلزالية بقلم: د. رضوان الكيلاني مركز علوم الأرض وهندسة الزلازل
الأمواج البحرية الزلزالية “تسونامي” وزلزال اندونيسيا
أثار الارتفاع المتزايد لضحايا زلزال إندونيسيا فضولا وتساؤلا عن فظاعة هذا النوع من الزلازل الذي سجل اكبر كارثة طبيعية في مطلع هذا القرن.
فالأمواج الضخمة من الكتل المائية التي ضربت شواطئ غرب إندونيسيا وسيريلانكا وتايلاند أحدثها الزلزال الكبير الذي وقع في عرض المحيط الهندي مسجلا قوة بمقدار 8.9 درجات على مقياس ريختر ومسببا امواجا بحرية زلزالية عملاقة.
وهذا النوع من الأمواج البحرية الزلزالية والذي يطلق علية اسم “التسونامي ” وهو مصطلح ياباني أصبح فيما بعد اسما عالميا يصف هذا النوع من الأمواج المائية التي تتولد عن زلازل تحدث إما بسبب انكسار في قاع المحيط أو بسبب انفجار بركاني في قعر البحر أو نتيجة انزلاق كبير في المنحدرات القارية على حواف الشواطئ.
والكسر الذي يحدث يؤدي إلى هبوط جزء من القشرة الأرضية للمحيط مما يؤدي إلى تراجع الماء عن المستوى المألوف على الشواطئ (أي عملية جزر مفاجئة) تتبعها عملية اندفاع وتدفق الماء على شكل مد عارم يغمر الشواطئ عدة مئات من الأمتار.
ويتواصل اندفاع الأمواج من بؤرة الزلزال في جميع الاتجاهات بسرعة كبيرة تصل الى 900 كم/و بمعدل موجة كل 5-10 دقائق وعندما تقترب الأمواج الزلزالية المائية من الشاطئ تتناقص سرعتها نتيجة الارتطام بأرضية الشاطئ محدثة رد فعل يؤدي الى تضخيم الموجة فجأة ويزداد ارتفاعها أضعافا عديدة قد تصل الى 30 م وأكثر.
مدمرة كل شيء يقع في طريقها وقد يمتد هذا الحال الى ساعة أو أكثر وقد يمتد الى عدة أيام بسبب الزلازل الارتدادية التي قد تحدث.
يعود تاريخ حدوث هذه الأمواج الزلزالية الفتاكة الى أوقات مختلفة من القرون الماضية أهمها أمواج تسو نامي التي ضربت اليابان عام 1896 وأودت بحياة أكثر من 27000 نسمة ودمرت ما يقرب من مئة ألف منزل وكذلك زلزال خليج ألاسكا البحري عام 1964 والذي دمر أكثر من منطقة بالكامل. وفي عام 1993 ضربت أمواج بحرية زلزالية جزيرة اكو شيري في اليابان موقعة خسائر مادية تزيد عن 600 مليون دولار حيث بلغت قوة الزلزال 7,8 درجة على مقياس ريختر.
وبشكل عام تتعرض كثير من المناطق المنخفضة لشواطئ البلدان المحاذية لبعض المحيطات لهذا النوع من الأمواج والزلازل البحرية. أما بشكل خاص فينحسر حدوثها في قعر المحيط الهادي نتيجة إحاطته بحزام شبه متواصل من البراكين والأخاديد الزلزالية يسمى حزام النار. لهذا السبب فهي متوقعة الحدوث بشكل دوري في عرض المحيط الهادي وبمعدل مرة كل ثماني سنوات ملحقة بذلك دمارا وخطرا مستمرا لشواطئ الولايات المتحدة وكندا.
أما زلزال إندونيسيا فهو نتيجة انزلاق إحدى الصفائح المكونة لقاع المحيط الهندي تحت صفيحة محيطية أخرى على امتداد فالق كبير يربط المحيط الهندي بالمحيط الهادي على طول حزام النار.
من البديهي القول أنه ليس للإنسان قدرة على التحكم بحدوث الزلازل ولكن يدخل في حدود استطاعته التخفيف والتقليل من الدمار الناتج عن الأمواج الزلزالية. فيمكن حظر بناء منشآت دائمة على السواحل المعرضة لمثل هذه الأمواج إلا على ارتفاعات تفوق مداها.
كما توجد حاليا طرق للإنذار تتنبأ باقتراب وصول الأمواج المائية الزلزالية باستعمال نوع خاص من أجهزة قياس المد والجزر التي تطلق صفارات إنذار بطريقة تلقائية عندما يبلغ المد والجزر ليتمكن سكان المناطق الساحلية المنخفضة من إخلائها.
أما عن احتمالية تعرض شواطئ فلسطين لهذا النوع من الأمواج البحرية الزلزالية فهو وارد ولكن بشكل محدود جدا وتكون مصاحبة لحدوث زلزال “لا سمح الله” في مناطق المياه الضحلة للبحر المتوسط على امتداد صدع الكرمل – وادي الفارعة الذي يخترق الشواطئ الشمالية لفلسطين تكون ذات أثر تدميري أشبه ما يكون بالزلازل التي تقع على اليابسة.
د. رضوان الكيلاني
أستاذ علوم الأرض التطبيقية والجيوفيزياء
مركز علوم الأرض وهندسة الزلازل