حوار لكن…
قضية الآراء هي قضية نضوج واستيعاب للواقع، وبصيرة ثاقبة نحو المستقبل.
طبعاً إن مشاهدة البستان من مسافة ومشاهدته عن قرب ومشاهدتك وأنت فيه عن بعد أمور تعاني اختلاف لا يدركها سوى الداري بأهمية التواجد والتعايش مع الواقع.
فالمثقف السوري المغيب المهذب قسراً وبرادع ذاتي دائما يتطلع لجاره بمفهوم الجهل، وفي كثير من الأحيان بنظره التحسر والحرمان. فالمثقف السوري يحتاج لأضعاف صفحات النهار كي يتكلم عن الإصلاح، من المعيب الحديث عن الإصلاح مع غياب برنامج إصلاح واضح المعالم وغياب مبهم للزمن فيه، فالإصلاح مشروع وليس مفهوم وعبارات رنانة.
ينتقد السيد تيزيني في مقالته (نـــرحـــب بالحــــوار وندعــــو لتعميمـــه) د.جورج قرم، ويوافق طلال عتريسي. لكني أسأل السيد تيزني نفسه. هل الإصلاح ينشأ فقط من إطلاق الحريات السياسية وإخلاء السجون من المعتقلين؟
أين برنامج الإصلاح الذي تحمله المعارضة؟
هل يستطيع المعتقل منذ أكثر من عشرين عاماَ أن يواكب الواقع المتغير في كل ساعة؟
أسيادي المثقفين اللبنانيين والسوريين، إن المثقف العربي يسكن برجاً عاجياً، وينظر للشارع وكأنه صحيفة يسهل طيها وتمزيقها وإزالة حروفها بالماء.
المثقف العربي وصل لمرحلة من النضج بحيث لا يستشير أياً من الاقتصاديين ليستوعب مفردات هامة في التنمية كالتضخم، والتنمية الأفقية والعمودية…
المثقف السوري سيفاجئ في 25/12/2003 حين توقع سوريا شراكة مع الإتحاد الأوروبي وهو لا يعلم أياً من بنودها، ولكنه لن يكترث فهو ينظر للشراكة أنها شراكة سلطة سورية واتحاد أوروبي، كما ينظر لمشروع محاسبة سوريا على أنه مشروع محاسبة السلطة السورية. رغم أن المتضرر دائما هو الشعب.
المثقف العربي لا يتكلم بلغة الشعب بل يتعالى على الشعب، فهو الأفضل.
ميزات المثقف:
– الجلوس في مقاهي كهافانا أو…
– يدخن الغليون، أو التبغ…
– لا يهتم بمظهره، لا يسرح شعره.
– لا يجالس إلا أصدقائه القدامى، يسخر من كل جديد، ينتقد أي تيار لا يمثله.
– يحن لذكرياته الماضية بحسرة، ويتشاحن من أجلها مع أصدقائه، وقد تصل تلك المشاحنات لقطيعه أشهر.
“ومن المفارقة أن المثقف الجالس في المقاهي يتذمر من منظر ماسحي الأحذية، ولكن ماسحي الأحذية بدورهم يتجاهلونه فهو لا يقدم أجراً مفيداً”
المثقف العربي تائه بين أوراقه القديمة، يحتار كيف يجعلها حديثة ومعاصرة، هناك شبه كبير بين المثقف العربي والمتطرف الديني(إنجيلي، إسلامي) كلاهما يجدان في كتابيهما الحل أو الخلاص، وإن كانت الأوراق أو الكتب المقدسة تعيد الإنسان إلى عصور غابرة.
أما السيد فوزي الشعيبي المثقف الكبير الذي ارتبط اسمه بتجميل وجه السلطة السورية، فقد أرسل مقالاً مطولاً بعنوان (“لأنني سخّرت نفسي للمعركة الأكبر” اعتذار عن الحوار مع المثقفين السوريين واللبنانيين) العنوان بذاته رسالة مفادها: الآن ليغيب الحوار حول الإصلاح ولنعمل حول التهديدات الإقليمية المنيطة بنا. هذا العنوان يعيدنا بالذاكرة إلى عناوين قديمة حديثة “فلسطين القضية الأولى”، “الرجعية والإمبريالية سبب التخلف”…
أسيادي المثقفين العرب أكنتم معارضين أم سلطويين، ملََّ الشارع من خطابكم نريد روحاً جديدة في القراءة والتحليل والبحث عن العلة نريد الصدق والموضوعية، نريد رؤية شابة تبعد شبح الروتين الكامن في جرائدنا ومجلاتنا وشاشاتنا المتلفزة.
كان الأجدر بإدارة النهار الشابة أن تختار “آراء شباب عربي بمثقفين عرب حول التغيير في مجتمعاتهم” عنواناً لصفحة قضايا النهار.
أملاً أن يكون للحوار نتيجة…