الوجه الآخر من الإعلام السوري… زيارة تركيا
فقد صنف الإعلام الرسمي الزيارة بأنها زيارة تاريخية وناجحة، ولم يتطرق التلفاز السوري لتصريحات وزير الإعلام النافية للفهم الخاطئ لتصريحات الرئيس السوري في تركيا من قبل الإعلام، في حين ظهرت هذه التصريحات على قنوات ودوريات عربية.
طبعا الجهات المعارضة للتوجه السوري، وخاصة الصحفيون الكرد لم يتوانوا أبدا عن توجيه مقالات منتقدة للخيار السوري في دعم الحكومة التركية عليهم.
وتبين خلال عديد من مقالات الكرد والتركمان العراقيين مدى الفجوة في تقبل تصريحات الرئيس السوري بين التأييد الشديد، والشجب الواسع، وهذا إن دل على شيء فإنه يدلل على عمق الخلاف العرقي في المنطقة.
في حين برزت أسماء صحفية معارضة للنهج السوري مستغلة التصريحات السورية لنبش ماضي علاقة النظام السوري وحزب العمال الكردستاني PKK. لتبين تقلب السياسة وفق المصلحة العليا للسلطة، وعدم وجود نهج.
والغريب أن أغلب تلك الجهات لم تعلق على التصريحات البالغة الأهمية لسيادة رئيس الجمهورية د. بشار الأسد خلال كلمته أمام رجال الأعمال الأتراك //في اليوم الأخير من الزيارة//. والتي صرح فيها بتدني مفهوم الاستثمار الصناعي في سوريا ورغبته بالتعاون مع الجهات التركية نحو تعديل القوانين الاستثمارية السورية لتتناسب والجهات التركية، وقد بلغ بسيادته الأمر لأن يصرح بأنه على استعداد أن يرسل “رئيس الوزراء الاقتصادي” لاستانبول “العاصمة الاقتصادية والسياحية التركية” للتباحث مع الاقتصاديين الترك في كيفية تسهيل أمورهم. لأنهم ذوي خبرة استثمارية أفضل.
ومن مجمل عبارات كلمته قد نستدل أمرين بالغي الأهمية (داخلياً، وخارجياً) :
أولا (داخليا): السيد الرئيس غير مقتنع بمكانة الاستثمار الصناعي في سوريا، ويلمس بشكل واضح وعلني تنامي البيروقراطية داخل المؤسسات المسيرة للاقتصاد السوري. مما قد يمهد لتغير كبير بالمناصب الاقتصادية السورية، وقد يكون أمر تبديل وزير الاقتصاد، واحد من أقل التوجهات الرسمية الجديدة التي قد تشهدها حكومة عطري، إن كتب لها استمرار العمل خلال العام القادم “في حال استمر تكليفها”.
ثانيا: “منصب رئيس الوزراء الاقتصادي” هو منصب غير موجود في سوريا، وربما كانت الكلمة الارتجالية من قبل سيادة الرئيس كانت تعني “وزير الاقتصاد، أو لجان اقتصادية برلمانية سورية” وهذا إن دل على أمر وفي استانبول “المدينة الأورو-آسيوية” تحديداً. يعني أن الحكومة السورية قد فتحت ذراعيها “سوق 18 مليون نسمة” أمام الأتراك، في وقت يجده الكثير من الصناعيين والاقتصاديين الترك أنه زمن الحرب الباردة بين حكومتهم والحكومات الكبرى في الاتحاد الأوروبي لهدف الدخول في الاتحاد الأوروبي، وسوقها الكبرى…
وفي وقت باتت أهم الحكومات الأوروبية “حكومة ساركوزي” تلوح بعقوبات تجاه سوريا وإيران، وبعد
أن فشلت الشراكة الأورو-متوسطية مع سوريا، وضيق من جانب الأوروبيين تجاه السورين وخاصة في ملفات الإصلاح الاقتصادي والسياسي وحقوق الإنسان. وتعد هذه الملفات حجر العثرة أمام الأتراك للانصهار في المجتمع الأوروبي المرجو نفسه.
ومن هنا يبين رئيس الجمهورية السورية الرغبة في إيجاد بدائل اقتصادية ممكنة تعيد لسوريا دورا إقليميا في ظل تحالف “تركي إيراني سوري” تجاه قضية الأكراد ومشروع “تقرير مصيرهم” المدعوم اميركياً.
ولعل التحرك السوري الحالي، وقوة تصريحات الرئيس الأسد ووضوحها، يبين بشكل لا يقبل النقاش أن المحور السوري- الإيراني في إطار مساعي فك العزلة إقليميا، والطريق لذلك جمله تحالفات وتسهيلات لقوى قد تتشارك إقليميا في إبراز نفسها “جيو-سياسيا”. فلطالما حلمت الحكومة التركية بوجود رأي إقليمي عام يدعم مشروعها ويعيد الحلم العرقي التركماني في المنطقة.
ولعل انهماك الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالملف النووي وتتابعاته، من استقالة “لاريجاني” وإشاعة استقالة وزير خارجية إيران، قد أبعدت زيارة الرئيس أحمد نجاد لأرمينيا، أو لربما كان سبب تأخير هذه الزيارة كي لا يحرج الرئيس الإيراني بتصريحات متزامنة مع مشروع قرار الكونغرس الأميركي بشأن مجازر الأرمن. في ظل إحراج الشريك السوري المتودد للحكومة التركية.
إن مجمل هذه النقاط البالغة الأهمية لم تركز عليها الدوريات العربية والعالمية، فهل تشهد المنطقة تبدل “جيو-سياسي” شمالي العراق وجنوبه. أم أن الولايات المتحدة قد تقصي المحور الإيراني عن لوحة القوة الإقليمية في المنطقة. لتغدو القواعد العسكرية الإميركية في تركيا ودولة إسرائيل القوة الإقليمية الوحيدة في المنطقة.
أو تستمر معركة التصريحات الكلامية حتى نهاية ولاية المحافظين الجدد، وبدعم الكرملين للمحور السوري- الإيراني.
بعض من أهم التصريحات المنتقدة لزيارة الرئيس السوري لتركيا:
الأسد في تركيا: بحث عن الزمن الضائع؟
صحيفة القدس العربي اللندنية – الجمعة 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2007
بقلم: صبحي حديدي
ما الذي يمكن أن يجنيه نظام الأسد الابن من هذا الارتماء الفاضح في الأحضان التركية؟ وهل يمكن لدولة عضو في الحلف الأطلسي، وعلي أرضها (غير بعيد عن الحدود السورية!) واحدة من أضخم القواعد العسكرية الأمريكية، وتجهد ما وسعها الجهد كي تكسب رضا الغرب لقبول عضويتها في الإتحاد الأوروبي، كما تقيم علاقات عسكرية وثيقة رفيعة (حتي إذا كانت العلاقات السياسية أقلّ حرارة هذه الأيام) مع الدولة العبرية… كيف لهذه الدولة أن تضحّي بكلّ هذه الاعتبارات الجيو ـ سياسية الكبري، كرمي لمصالح النظام السوري؟
قيام دولة كردية شمال العراق هو بمثابة خطّ أحمر لا تسمح أنقرة ودمشق بتجاوزه، وكأنّ هذه هي أمّ مشكلات المنطقة، وعقدة الاستعصاء في تاريخ العلاقات بين دمشق وأنقرة!
أجهزة الأمن السورية سلّمت إلي الأتراك 22 مشبوهاً ـ حسب التعبير السوري الرسمي ـ كانوا يقيمون في سورية. الطريف، الذي يشكّل أيضاً وصمة عار إضافية للأجهزة السورية، هو أنّ السلطات التركية سرعان ما أطلقت سراح هؤلاء المواطنين الأتراك، لعدم وجود أدلة علي تورّطهم في أيّ أعمال إرهابية!
هل حالت الإتفاقية الأمنية السورية ـ التركية دون موافقة أركان الجيش التركي علي استقبال خزانات الوقود الإسرائيلية؟ وفي صيغة أخري للسؤال: هل يمكن للجارة تركيا أن تمنع المقاتلات الإسرائيلية من إلقاء المزيد من الخزانات، إذا نفّذت أية غارة جديدة في العمق السوري، حتي بعد زيارة الأسد الثانية إلي أنقرة؟
بوتين لن يرمي علاقته مع أميركا في البحر إرضاء لإيران وسورية
صحيفة الحياة اللندنية – الجمعة 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2007
بقلم: راغدة درغام (نيويورك)
الأفضل لموسكو ألا تكرر نصائحها أو المواقف التي تبنتها أثناء العد العكسي الى حرب العراق، فهي بذلك اساءت النصيحة سهواً وتركت صدام حسين عمداً يتحمل وحده مسؤوليات سوء القراءة وسوء الحساب لأنها لم تمتلك خياراً آخر. التاريخ سيكرر نفسه في سورية وايران ما لم تقرر القيادة في موسكو أن تلعب دوراً بناء حقاً من أجل ايران ومن أجل سورية بتقديمها النصيحة الصالحة للنظامين في دمشق وطهران بدلاً من الإيحاء الخاطئ لهما بأنها معهما حتى النهاية.
من حق تركيا الدفاع عن نفسها.. فماذا عن سورية؟
بقلم: سالم أحمد
أخبار الشرق – 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2007
سارع وزير الإعلام السوري محسن بلال ليؤكد أن حزب العمال الكردستاني هو حزب إرهابي. وقد تناسى هذا الفصيح أن سورية في عهد حافظ الأسد استضافت معسكرات هذا الحزب الإرهابي، ليس على أراضي سورية، بل في البقاع اللبناني. وكان زعيم الحزب “عبد الله أوجلان” يخطط لقتل المواطنين الأتراك من فنادق العاصمة السورية دمشق.