سكوت/3/
ليس الغريب أن تحمل جريدتك وتعتز بسطورها وأسماء كتابها… وأهدافها… إنما الغريب أن تحمل جريدتك “تبول” بعض الأشخاص وتعتز برائحة نتانتهم.
أن تكون إنسان يميز السواد من البياض… يميز الغضب من الفرح… والحب من الضغينة… وأنت من هم… وتسير في خط الوسط… أي بين الوعي واللاوعي… بين الشعور واللاشعور… بين كل شيء واللاشيء… أن تعتنق مبدأ عدم الانحياز في زمان جار على عالم الانحياز ليمسي عالم الحياز والتملك وإعصار الأموال.
قيل أن الهزيمة ثلثي الرجولة… وذاك المتعجرف نده يوماً البحر من وراءكم والعدو أمامكم… السفن احترقت… انظروا… انظروا…
أي قدر قاس جمع قولين وتركني بين غبار أوراق مكتبي أتضرع أملاً مبتوراً… أو رنين هاتف لا حرارة تسكنه…
أي قدر شرع لبؤبؤ العين أن يراقب لوحتي الوحيدة، ويتأمل التصاقها بالجدار، وعلاقتها الحميمة مع بياض وصفاء الجدار. تلك العلاقة التي تربط اللوحة وبياض الجدار علاقة جنس بين الأشياء زجاج مرآة تعكس ربيع فتاة ناضرة الحياء مفضوضة البكارة…
أن تكون اللوحة في مكانها الصحيح على الجدار علاقة جنس راقية، أما أن تعاني ميلاً بزاوية ما علاقة جنس مشوهة.
كما الرعشة لصفحة ماء بحيرة، لحظة المطر علاقة حب… ولحظة البرّد علاقة اغتصاب، ولحظة الندى ملاطفة…
أما انهيار الأخشاب أو الصخور للصفحة ذاتها علاقة طغيان لأنواع الجنس والشهوة العمياء.
السماء حين تضاجع الأرض لها قمة الشرعية، علاقة أنثى برجل، رجل برجل أو أنثى بأنثى، رجل بأنثى… علاقة حددها مبدأ التواجد، شيئان حيان في الكون لا خيار لهما سوى المساكنه التي يشوبها مبدأ الجنس…
أما العلاقة بيني وبينهم علاقة فكر مهزوم لا يحمل عنصر الرقي الذي يكلل الأحياء في الكون.
لا يُرفع الهم والانكسار لوطن بانكسار وهم جديد.
“فحين تصل المعارضة إلى الحكم تنسى لماذا عارضت”… عبارة قالها تزاروس…
الغريب في هذا القول سماعه قبل استلامك سلطة ما، وسماعه حين تجرد من سلطتك تلك…
المناصب عندنا مسارح هزلية في تقبل الأمور ورفضها، وقمة السخرية مزاجية المنصب حين يتمركز… كقمة فرح الإسبان بقتال سكان البلاد الأصل… حديد يحمل بارود مقابل خشب يحمل بعض الحديد…
وقمة الفوضوية لارتقاء الأشياء عند معدم المال لحظة الثراء المفاجئ.
فكرة المضاجعة أمر، ومزاولة الحكم أنمر، وتواجد المعارضة أمر… أما أن تكون المضاجعة والحكم والمعارضة معاً أمراً واحداً فإن في الأمر أمر.
لا يمكن شرب كل أنواع الخمر بكأس واحد وعند ذلك يحصل التقيؤ… نعم نوعان لا يسببان التقيؤ، ربما يسببان التكدر البسيط ومع الزمن يكون التكدر حاجة مستحبة أو عادة…
خطؤنا امتهان شهوات السلطة الثلاث، وعدم التنحي لإحداها بالفرار من الرقابة.
إن مشاهدة البستان من مسافة ومشاهدته عن قرب ومشاهدتك وأنت فيه عن بعد أمور تعاني اختلاف لا يدركها سوى الداري بأهمية التواجد والبقاء.
وبما أن البقاء للأصلح حسب داروين، والحكمة الإلهية لإخوان الصفا فإن الداري هو الأصلح.
وبما أنة الأصلح يبغى البقاء فلابد من أن يضمر العضو الذي لا يعمل وهذا يحتاج إلى الزمن.
وبما أنهم لن يسمحوا لي بالعمل سأضمر…
وإن سمحوا بمفاهيمهم تسيّر عملي لن أعمل، وبالتالي سأضمر..
وإن أرغموني على العمل سيضمر فكري فلن أنتج، أي سأضمر بمفهوم آخر.
نعود إلى تزاروس فقد قال:
“الأمة بلا ذاكرة لأنها تصفح عن السيئ إليها بالسرعة التي ينكر بها جميل المحسن”.
لذا لابد من استملاك ثلثي الرجولة مع إضافة بعض الأملاك وقيمها… كي لا أمسي المحسن الذي ينكر جميلة من قبلهم.
ومادامت الأمة ستصفح عن السيئ إليها…
فليسامحهم الله إن أساؤوا إليها… وسأكون خيّراً في الخارج من خيراتها كي يعتز بني قومي بي هناك وأكون من الأصلح…
وداعاً… وداعاً…
والآن سكوت.