كتائب إسلامية سورية تتوحد بدعم إقليمي استباقاً للحل السياسي
ابراهيم حميدي : الحياة
الأحد 6 أكتوبر 2013
بينما كان وفد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض برئاسة أحمد الجربا يعقد لقاءات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بينها لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وإلقاء كلمة أمام ممثلي مئة دولة من «مجموعة أصدقاء سورية»، جاءه خبر صاعق: إعلان 13 فصيلاً عدم الاعتراف بـ «الائتلاف» والحكومة الموقتة التي قرر تشكيلها برئاسة أحمد طعمة، ومطالبته بإعادة تنظيم المعارضة في إطار إسلامي.
قرر الجربا التريث في الذهاب إلى واشنطن لعقد لقاء مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، واجتماع في البيت الأبيض مع «احتمال أخذ صورة» مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وعاد إلى اسطنبول لمعالجة الأزمة الكبيرة التي عصفت بـ «الائتلاف»، إذ كان بين الموقعين «جبهة النصرة» بزعامة أبو محمد الفاتح الجولاني و «أحرار الشام الإسلامية» بزعامة حسان عبود (أبو عبدالله الحموي) و «صقور الشام» بزعامة أحمد عيسى الشيخ (أبو عيسى) و «لواء التوحيد» بزعامة عبدالقادر صالح، إضافة إلى «لواء عاصفة الشمال» بزعامة سمير عموري (قائده العسكري النقيب أحمد العزالي). واعتبرت هذه القوى أن «كل ما يتم من التشكيلات في الخارج من دون الرجوع إلى الداخل لا يمثلها ولا تعترف به. بالتالي، فإن الائتلاف والحكومة المفترضة برئاسة طعمة لا يمثلانها ولا تعترف بهما».
المفاجأة أن هذه الفصائل، وهي أكبر الكتائب المقاتلة على الأرض شمال سورية، كان معظمها يعمل تحت لواء «الجيش الحر» عندما كان الحديث يدور عن تقوية المعتدلين وتوحيد أقنية الدعم المالي والعسكري، إضافة إلى أنها تضم أكثر من 50 ألف مقاتل. وتبين لاحقاً أن البيان لم يكن سوى خطوة من مشروع متكامل.
ووفق المعلومات المتوافرة لـ «الحياة»، فإن الخطة المتفق عليها بين هذه الفصائل، مدعومة اقليمياً استباقاً للحل السياسي، تقوم على ثلاث مراحل: إصدار بيان نزع الشرعية من «الائتلاف» وتنظيمها صفوفها وتوحدها في كتلتين رئيستين. واحدة في الشمال والثانية في الجنوب، إعلان حكومة عسكرية لـ «إعطاء القرار للعسكر في الداخل» والتعبير عن الموقف السياسي لهذه القوى الإسلامية القائم على «إسقاط النظام بكل رموزه وأركانه» ما يعني «رفض الحوار أو التفاوض» معه.
في شمال سورية قرب حدود تركيا، من المقرر أن يتشكل «جيش محمد» من جماعات «أحرار الشام» و«لواء التوحيد» المنضوية تحت لواء «الجبهة الإسلامية السورية». ووفق وثيقة اطلعت «الحياة» على نصها، توافرت شروط ضرورة تشكيل «جيش إسلامي تكون نواته الفصائل الإسلامية الأكثر تأثيراً والأكبر حجماً، مع مراعاة الظروف المحيطة بالثورة عبر التدرج في تأسيس هذا الجيش بحيث لا يؤثر في جبهات القتال» ضد قوات النظام. وتضيف الوثيقة، التي تضم 20 صفحة، أن تأسيس الجيش المذكور سيتم على ست مراحل بدأت في الشهر الماضي وتنتهي في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2014 «يتخللها تحقيق أهداف مرحلية أيضاً تتجسد في توحيد الجيش تحت قيادة موحدة ويكون قوامه مئة ألف مقاتل خلال 18 شهراً وصولاً إلى 250 ألفاً خلال 30 شهراً، مع ضرورة التخلص من فوضى السلاح وتأمينه ذاتياً من طريق التصنيع».
في غوطة دمشق جنوب البلاد قرب حدود الأردن، أُعلن عن تأسيس «جيش الإسلام» من 43 فصيلاً رئيسياً بينها «لواء الإسلام» بزعامة زهران علوش الذي أصبح زعيماً للتكتل الجديد، إضافة إلى رئاسته «جبهة تحرير سورية» التي تعتبر منافسة أو موازية لـ «الجبهة السورية الإسلامية». وشارك في «جيش الإسلام» فصائل بينها «لواء سيف الحق» و «لواء درع الغوطة» و«لواء الفاروق» و «لواء جبهة الساحل».
علوش من مواليد دوما في ريف دمشق في عام 1970. وهو ابن الشيخ عبدالله علوش من «مشايخ دوما العاملين والمعروفين بالتمسك بمنهج أهل السنّة والجماعة والدعوة إليه»، وفق بيان من «جيش الإسلام». التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق، ثم أكمل الدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة في كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية، ثم درس الماجستير في كلية الشريعة بجامعة دمشق، وكان قبل الثورة يعمل في مجال المقاولات، حيث أسس شركة للخدمات المساندة للإعمار.
وكان علوش ملاحقاً أمنياً عام 1987 إلى أن سجن في 2009 في سجن صيدنايا العسكري الأول وأفرج عنه في 22 حزيران (يونيو) 2011. وقال البيان: «بعد خروجه من السجن عمل على تأسيس قوة عسكرية لمحاربة النظام كان اسمها في بدايتها سرية الإسلام، ثم تطورت إلى أن صارت لواء الإسلام في الوقت الحالي».
واضح أن تشكيلي «جيش الإسلام» و«جيش محمد» سيأخذان منحى سنّياً، حيث جاء في الوثيقة أن «جيش محمد» سيقوم بـ«اعتماد مذهب أهل السنّة والجماعة أساساً لهذا الجيش واستبعاد كل شخص ينتمي إلى جهة أو طائفة أو فئة لا تنتمي إلى أهل السنة والجماعة»، لكنها نادت بضرورة «البعد عن الطائفية في طريقة تعاملنا مع جميع الأشخاص الذي ينتمون إلى الأديان والطوائف أو المذاهب الأخرى، مع أخذ الحيطة والحذر والحرص منهم وعدم تمكينهم من قيادة الأمة في المستقبل.
اللافت أن زعماء «جيش الإسلام» زهران علوش (من ريف دمشق) و «أحرار الشام» حسان عبود (من حماة) و «صقور الشام» أحمد عيسى الشيخ (من إدلب) أمضوا وقتاً في سجن صيدنايا قرب دمشق. ومن غير المستبعد أن يكونوا قد تعرفوا أيضاً على زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني (من ريف دمشق) في صيدنايا. اللافت أنهم جميعا خرجوا من السجن بعد أشهر على اندلاع الاحتجاجات السلمية. كما أن عدداً من قادة الكتائب الإسلامية وكوادرها كان من الذين قاتلوا القوات الأميركية في العراق.
خطط التوحد واتخاذ خطوات استباقية، كانت موجودة لدى كتائب إسلامية منذ أشهر بهدف تأسيس كيان بديل من القيادة السياسية في الخارج، غير أن ضغوطات مورست عليها لدى الحديث عن توسيع «الائتلاف» في أيار (مايو) الماضي. لكن هذا التوسع ذاته تحول إلى مشكلة بالنسبة إلى كتائب إسلامية بسبب اعتقادها بعدم حصولها على ثقل مناسب لوزنها لدى رفع عدد أعضائه من 63 إلى 114 عضواً، عبر دخول قوى ديموقراطية وتراجع دور «الإخوان المسلمين» والدول الإقليمية الداعمة في الجسم السياسي للمعارضة.
وهنا، يقول أحد قادة المعارضة إن الكتائب الإسلامية أرادت أن «ترد» على طعمة، عندما قال الأخير إنه لن يقبل بالقضاء الشرعي، وإن القانون الوضعي هو الذي سيطبق في سورية، إضافة إلى قوله إنه «لن يسمح أن تؤخذ سورية إلى تيار غير ديموقراطي». ووفق المعارضة، فإن المحاكم الشرعية هي أول لبنة لتأسيس دولة الخلافة، ومن يؤسس المحاكم الشرعية سيأخذ البلاد إلى خيار غير ديموقراطي. وليس خفياً، أن المحاكم والهيئات الشرعية انتشرت في المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام.
وما زاد من شكوك الإسلاميين، الحديث عن تأسيس «جيش وطني» يحارب «المتشددين» ثم تعيين طعمة رئيساً للحكومة الموقتة بدلاً من «الإخواني» غسان هيتو، («الجيش الحر» كان اعترض على تسمية هيتو رئيساً للحكومة الموقتة)، إضافة إلى صفقة السلاح الكيماوي بين روسيا وأميركا التي أعادت النظام السوري طرفاً محاوراً مع المجتمع الدولي بالتزامن مع الحديث عن عقد «جنيف – 2» لتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة مع الإبقاء على مؤسسات الدولة بحيث تكون المشاركة لكل الأطراف «من دون شروط مسبقة».
وفي موازاة توحد الكتائب الإسلامية الكبرى، بدأ مقاتلو «الدولة الإسلامية في العراق والشام» معارك سواء لدى اقتحامهم مقار «لواء أحفاد الرسول» في الرقة شرق سورية قبل أسابيع أو القيام بمهاجمة مقر لـ «جبهة النصرة» في منطقة الشدادي في دير الزور شرق البلاد، أو المواجهات التي اندلعت مع لواء في «الجيش الحر» في قرية حزانو في إدلب في شمال غربي البلاد. لكن المواجهات بين «الدولة الإسلامية» و «لواء عاصفة الشمال» في مدينة أعزاز قرب حدود تركيا، كانت التطور الأبرز بالنسبة إلى العلاقة بين المتشددين و «الحر». إذ اقتحم مقاتلو «الدولة الإسلامية» أعزاز ضمن خطة ترمي إلى السيطرة على الريف الشمالي، كشف الناطق باسم «الدولة الإسلامية» عن سببها في تسجيل إذاعي قبل أيام، من أنها جاءت بسبب تخوف مقاتليها من تشكيل «صحوات سورية» كما حصل في العراق لدى مقاتلة المتطرفين وحرمانهم من الحاضنة الشعبية.
كما أن «قوات حماية الشعب الكردي» التابعة لـ «مجلس غرب كردستان» و «الاتحاد الديموقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم، سعت إلى تأسيس إدارة محلية ذاتية في شمال سورية وشمالها الشرقي لـ «ملء الفراغ» الذي خلفه خروج هذه المنطقة عن سيطرة النظام.
واضح أيضاً، أنه كلما اقترب المسار من الحل السياسي في مؤتمر «جنيف – 2» بصيغته الراهنة القائمة على «حكومة انتقالية» تضم مسؤولين من النظام والمعارضة وليس على «إسقاط النظام»، تغيرت التحالفات على الأرض.
«جبهة النصرة» تستدعي نموذج «القاعدة» وتجاوز حدود سايكس – بيكو
في منتصف 2011، دخل أربعة أشخاص من العراق إلى سورية، هم: «أبو محمد الفاتح الجولاني» و «أبو عماد» من إحدى الدول الخليجية و «أبو الفيصل العراقي» و «القحطاني». كان هدف الجولاني، الذي خرج من السجون السورية بعد اندلاع الحراك في بداية ذاك العام، من الذهاب إلى العراق، لقاء أبو بكر البغدادي زعيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام».
أبو محمد الفاتح الجولاني، نازح من هضبة الجولان المحتلة ويعيش في ريف دمشق. وهو في منتصف الثلاثينات من العمر. وبناء على تكليف البغدادي قام الجولاني بجولة في ريف وسط سورية وشمالها قدم في ضوئها دراسة إلى البغدادي. ويعتقد على نطاق واسع أن دراسة موقعة باسم «عبدالله بن محمد»، أنه كان أساساً في تأسيس «النصرة».
وجاء في الدراسة التي اطلعت عليها «الحياة»، أن سورية «ستكون منطقة مقفلة عسكرياً أمام أي تدخل خارجي وقد جاءت الأحداث بصدق ذلك وبسوء تقدير كل من راهن على السيناريوين التونسي والمصري الناعمين في إسقاط النظام أو السيناريو الليبي المدعوم من الخارج» حتى يصل إلى أنه بات واضحاً أن الحالة السورية ستتميز بـ «سيناريو خاص» باعتبار أن «سورية أو الشام هي أحد أهم المسارح الاستراتيجية للحرب المرتقبة بين الحلفين الشيعي والسنّي».
وبعدما قدم عرضاً للوضع الإقليمي والدولي، اقترح الرجوع إلى كتابات الشيخ أبو مصعب السوري الذي يعتبر واحداً من أبرز المنظرين لـ «الجهاد»، حيث أفرجت السلطات السورية عنه في بداية عام 2011، واختفت أخباره مذاك. وقال «عبدالله محمد» إن «أبو مصعب السوري» خير من تكلم عن «جهاد الأمة» ذلك أن الوصول إلى هذه المرحلة تطلب سلسلة من عمليات «التقليد» مارستها الشعوب العربية لتخطي عقبات مختلفة عدة، إلا أن «معضلة الثورة السورية استوجبت استدعاء وتقليد النموذج الفريد لتنظيم القاعدة في تخطي مثل هذه العقبات الكبيرة بينها منظومة سايكس – بيكو الإقليمية ومنظومة النظام العالمي».
وتابع في الوثيقة التي اطلعت على نصها «الحياة»، أن أي نجاح تحققه الثورة السورية بتحولها إلى «ثورة جهادية وأي نجاح تحققه هذه الثورة في إسقاط النظام أو تحقيق الأمن الذاتي في محيطها في ظل هذه الظروف والمعطيات المستحيلة»، سيشجع بقية الشعوب التي باءت ثوراتها بالفشل – وخصوصاً اليمن – على تأييد ذلك النموذج وهو الأمر الذي سيقود في النهاية وفي ظل جو الخروج العام من الهيمنة الغربية إلى جهاد الأمة، وصولاً إلى «الخلافة الإسلامية» والعودة بالصراعات الدولية إلى الشكل الأممي و « صراع الأمم» و «الحرب المكشوفة» أي أن الحروب في تلك المرحلة «ستخاض بدوافعها وشعاراتها الأصلية من دون أي مواربة أو خداع».
عليه، فإن أي فوضى تحدث في المنطقة العربية ستعيد الحاجة إلى ترتيب الأوضاع من جديد بما يناسب المصالح الغربية و «أي تعارض أو ممانعة سياسية من قبل الأنظمة العربية الجديدة أو من قبل الأنظمة التابعة للشرق والرافضة التغيير الذي أدى إلى الفوضى التي ساعدت على خلق حالة ضاعت فيها هيبة ومصالح الدول الغربية، ستؤدي إلى رفع احتمالات الحلول الاستراتيجية الجذرية والدخول في حرب بمواصفات ومقاييس عالمية لإعادة تشكيل النظام العالمي بقوالب جديدة تضمن استمرار النفوذ الغربي في المناطق الحيوية وتتماشى مع أي واقع جديد بعد الحرب». وتابع: «علينا أن نبرمج تحركاتنا في اتجاه سلسلة من الصراعات ضد سلسلة الأعداء الموجودين في المنطقة بدءاً من النصيرية (العلويين) وانتهاء بالعدو الصهيوني. وهذا ما سيجعل الشام ميداناً متكاملاً ومتحداً» عبر تنفيذ «خطة الباب» التي تؤدي إلى «الالتفاف على محاولات النظام لترويض الثورة أو تحطيم سقف خياراتها والاكتفاء بالمشاركة السياسية بدلاً من إسقاط النظام».
ورأى أن الحراك الشعبي في سورية الذي بدأ في آذار 2011 «جزء من حراك شعبي أكبر عم الشارع العربي بنسب متفاوتة، والحراك العسكري الطائفي في سورية هو جزء من حراك عسكري طائفي أكبر سيعم المنطقة بأكملها»، قائلاً: إنه بين «تغذية الحراك الأول وامتطاء الحراك الثاني تكمن الاستراتيجية الناجحة في الوصول إلى التغيير المطلوب أو الهدف المنشود في الشام ككل وليس في سورية فقط». وقال: «في عام 2003 التقيت بمهندس تحصينات تورا بورا التي صمد فيها المجاهدون لأكثر من شهر تحت القصف الأميركي العنيف وكان ضابطاً سابقاً في أحد الجيوش العربية، وقد أسند إليه الشيخ أسامة بن لادن – رحمه الله – مهمة بناء خنادق وتحصينات تورا بورا لخبرته الجيدة في ذلك وبعد أن شرح لي التفصيلات الخاصة بالخنادق وطريقة العمل قال لي إن الغرض من موقع تورا بورا هو أن الشيخ أسامة أراد أن يصمد العرب في موقع حصين ومجهز ذاتياً ولو سقطت أفغانستان كلها في يد الأميركيين».
عليه، فإن «عبدالله محمد» يدعو إلى ضرورة اختيار موقع «القلعة» أساساً لمعالجة مشكلة التموين وتهديد واختبار خط الساحل السوري – شمال سورية لمعالجة مشكلة تلقي الدعم الخارجي اللازم للمرحلة التالية «سواء كان ذلك الدعم من خلال الأنظمة في الحلف السنّي أو من خلال شبكات الدعم الجهادية والتي يجب أن نوفر لها منفذاً بحرياً لاستقبال دعمها البشري والمادي».
وفي ما يتعلق بالصراع مع الجيش النظامي، اقترحت الدراسة «إزاحة وإخراج للجيش من منطقة الخندق الذي يتحصن بها»، لأن «أي نجاح نحققه هنا سيعرض بقية فرق الجيش في الوسط والشرق والشمال والجنوب السوري إلى أن تكون مكشوفة وتقدم أيضاً فرصة كبيرة لإحداث الانشقاقات وتفتيت وحدات الجيش بسقوط منطقة الرأس منه. وهذا ما لا تفعله السيطرة على الشمال أو الشرق أو الجنوب لأن النظام يرتكز على وجوده العسكري والطائفي القوي في هذه المنطقة»، ما يعني أنه لدى الانطلاق «من خط إدلب – الساحل إن تم بطريقة هندسية تؤدي وتعمل على إحداث انهيار عام بين وحدات الجيش السوري سيقود ذلك إلى ترك المعسكرات ومخازن السلاح من دون مقاومة». كما اقترحت في أكثر من مكان تغذية «استمرار الصراع» في سورية الذي سنستفيد منه في تهذيب أوضاع المنطقة وإعادة ترتيبها.
وعلى رغم أنه ليس هناك تأكيد لإعداد الجولاني هذه الدراسة، غير أن مصدراً قريباً لديه الكثير من وثائق الحركات الجهادية، قال إن هذه الدراسة «أظهرت شخصية الجولاني وتصوره عن تنظيمه فحاز إعجاب الشيخ البغدادي وكلفه وضع السياسة وأعطاه المال». وتؤكد مصادر عدة أنها الوثيقة المرجعية التي استند إليها مؤسسو «النصرة».
ووفق وثيقة أخرى اطلعت على مضمونها «الحياة»، فإن البغدادي نصح الجولاني بـ «عدم الإعلان عن اسم الجماعة» و «عدم تولية سجناء من سجن صيدنايا (قرب دمشق) زمام الأمور خوفاً من الاختراق (من قوات النظام لها)»، إضافة إلى وجوب «عدم التواصل مع (تنظيم) القاعدة إلا بالرجوع إلى مجلس الشورى». وزادت الوثيقة، أن النظام حاول استفزاز «النصرة» كي تخرج من مخابئها، غير أنها عملت بهدوء إلى أن حولت بلدة السحارة في ريف حلب مقراً رئيساً لها وقامت بسلسلة من العمليات العسكرية بينها السيطرة على مخازن أسلحة كبرى في ريف حلب وعمليات انتحارية ضد مراكز عسكرية وأمنية.
وفي 24 كانون الثاني (يناير) 2012، أعلن ابو محمد الفاتح الجولاني بيانها الأول دعا فيه السوريين إلى «الجهاد وحمل السلاح في وجه النظام السوري»، مع إعلان «النصرة» أن إسقاط النظام خطوة في طريق تأسيس الدولة الإسلامية. وتفادياً لدعم أبو بكر البغدادي لدمج التنظيمين تحت اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، أعلن الجولاني مبايعة زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري في نيسان (أبريل) الماضي. وكانت واشنطن أدرجت «النصرة» على لائحة المنظمات الإرهابية نهاية 2012.
150 ألف مقاتل نصفهم إسلامي … و10 – 15 في المئة متشددون
تقدر دراسات غربية، عدد المقاتلين في كل الأراضي السورية بحوالى 150 ألف شخص، ينتمون إلى 600 فصيل، بينها حوالى 120 فصيلاً أساسياً. ويقدر خبراء نسبة الجهاديين بحوالى 10 – 15 في المئة.
– «الجبهة الإسلامية السورية» وتأسست في 21 كانون الأول (ديسمبر) 2012، وتضم 25 – 30 ألف مقاتل، ينتمون إلى «أحرار الشام» (13 ألف مقاتل بزعامة حسان عبود) و«لواء الحق» و «كتائب الطليعة المقاتلة» المنشقة عن «الإخوان المسلمين».
– «جبهة تحرير سورية الإسلامية» وتأسست في 12 أيلول (سبتمبر) 2011، وتضم حوالى 30 ألف مقاتل. من «لواء الفاروق» و «لواء التوحيد» بزعامة عبدالقادر صالح و «صقور الشام» بزعامة أحمد عيسى الشيخ و «لواء الإسلام» بزعامة زاهر علوش الذي شكل من 43 فصيلاً «جيش الإسلام» قرب دمشق قبل أيام، إضافة إلى «أحفاد الرسول».
– «الجيش الحر» الذي أسسه العقيد رياض الأسعد في 29 تموز (يوليو) 2011 ثم ترأسه لاحقاً اللواء سليم إدريس. بدأ من المنشقين، ثم أخذت الفصائل المسلحة تعمل تحت رايته بسبب مساعٍ لتوحيدها وتعزيز المعتدلين فيها. وعَقدت اجتماعات برئاسة إدريس بمشاركة قادة «لواء الإسلام» و«الفاروق» و«صقور الشام» و«أحفاد الرسول». وفي لحظة سابقة، بلغت نسبة العاملين بتنسيق مع «الحر» بين الفصائل حوالى 80 و90 في المئة.
– «لواء اليرموك» بزعامة بشار الزعبي. يضم حوالى خمسة آلاف مقاتل ويتمركز في درعا جنوب سورية قرب حدود الأردن.
– «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وتضم حوالى ثمانية آلاف مقاتل، ويشكل السوريون نسبة 60 في المئة من مقاتليها. ويتزعمها أبو بكر البغدادي. غير أن عملياتها في سورية تُدار من قبل أبو محمد العدناني الناطق باسمها. ويقع المقر الرئيسي لـ «داعش» في بلدة الدانا في ريف إدلب في شمال غربي البلاد. كما أنها احتلت مبنى محافظ الرقة بعد سيطرة المعارضة على المدينة في آذار (مارس) الماضي. ولديها مكاتب ضخمة في مستشفى العيون في قلب حلب، يُطل على قلعة حلب ومناطق أخرى تتمركز فيها قوات النظام. وهو أشبه بمقر إداري، فيما يعتبر مركزها في الدانا مقراً أساسياً للعمل العسكري. واعتمدت وجود مكاتب أخرى وفق العمل غير المركزي. لم تتعرض مقارها المعروفة والكبيرة إلى قصف جوي حتى الآن.
– يقدر عدد المقاتلين الأجانب بين أربعة وستة آلاف مقاتل عدا العراقيين الذين يقاتلون في إطار «الدولة الإسلامية».
– يُعتقد أن «الجهاديين» العرب الذين قاتلوا القوات الأميركية في العراق في العقد الماضي، مروراً بالأراضي السورية يشكلون الكتلة الأساسية لعناصر «الدولة الإسلامية» و «النصرة». وأفادت مذكرة صادرة من وزارة الخارجية السورية قبل سنوات، بأنه جرى توقيف حوالى 1400 مقاتل عربي، إضافة إلى التحقيق بين 2003 و2005 مع أربعة آلاف سوري، مع توقعات بارتفاع العدد إلى ثمانية آلاف سوري قاتلوا أو حاولوا القتال في العراق.
– «مجلس شورى المجاهدين» الذي ينتشر في حلب وريفها وفي دير الزور، وقوامه من الريفيين والمحليين، ويضم مئات الأشخاص.
– «كتائب المهاجرين» التي تضم نحو 2000 مقاتل شيشاني وتونسي وليبي وأجنبي.
– «الأنصار والمهاجرون» وهم مئات يعملون في ريف حلب.
– «وحدات حماية الشعب» التابعة لـ «الاتحاد الديموقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم، وتضم حوالى 25 ألف مقاتل. وتسيطر على مناطق ذات غالبية كردية في شمال سورية وشمالها الشرقي. ودخلت في مواجهات مع «الدولة الإسلامية» و«النصرة» قرب حدود تركيا.