جنيف لين وليلى
Warning: Undefined variable $post in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81
Warning: Attempt to read property "ID" on null in /customers/4/2/e/etccmena.com/httpd.www/wp-content/plugins/facebook-like/facebooklike.php on line 81
لم أزوّر الرقم على أيه حال، فهو “جنيف 2″، وهذا الرقم يمكن أن يتجسد بطفلتين من السلمية لين وليلى – خمس سنوات – اللتين ذُبحتا يوم الخامس من تشرين الأول العام 2013 مع والدتهما الشابة الجميلة لجين، أما والد الطفلتين المذبوحتين فاروق عطفة فلا أحد يعرف مصيره، هل هو مذبوح أم أسير الشياطين المستوطنين في سوريا؟
صورة الطفلتين المبتسمتين بكل زخم فرح الطفولة وتفاؤلها ولابستين ثياباً أنيقة زهرية اللون، صورتهما – قبل الذبح – ساحرة وحقيقية لدرجة نتمنى لو ينقلب العالم رأساً على عقب كي يكون خبر ذبحهما نكتة سمجة. ثمة مسافة لا يمكن تجاوزها بين كون الطفلتين على قيد الحياة وحقيقة ذبحهما. الحقيقة في سوريا ليست قاسية فقط بل تذبح. أن يبدأ السوري يومه بمنظر طفلتين مذبوحتين مع أمهما شيء يعجز العقل البشري عن استيعابه.
أن تتأمل الفراشتين مُبتسمتين بكامل صحتهما وألق طفولتهما ثم يصفعك خيالك بمنظر عنقيهما مذبوحين شيء يُشعرك بأن الله ذاته يبكي مُتفجعاً لما يحصل في سوريا.
الأدهى من ذلك إحساسنا جميعاً أمام تلك الجريمة الوحشية أن المزيد من الذبح قادم وأن ثمة أطفالاً مثل لين وليلى سيقنصهم شياطين بورصة الدم السوري ويذبحونهم وستنزل صورهم على الإنترنت وعلى مواقع الكترونية عديدة. وسيرثيهم الآلاف ولكن لا أحد سيتمكن من إيقاف ذبح الأطفال السوريين.
الكل الآن مشغول بنجاح أو إمكانية نجاح مؤتمر “جنيف 2”. جنيف بشروط مُسبقة أو بلا شروط! وعلى طاولة الحوار بين أطراف من النظام وأطراف من المعارضة تتمدد جثتا لين وليلى. تحدقان بعيون جامدة مذعورة متسعة حتى أقصاها من ذعر لحظة الذبح وتتأمل المتحاورين بقرف وذهول. ستسمعان عبارات غريبة وأسماء عجيبة لم يسبق لهما أن سمعتاها في أفلام كرتون، ولا في الحضانة، التي تعلمتا فيها أغنية: “طيري طيري يا عصفورة أنا مثلك حلوة صغيورة”.
ستدركان وهما جثتان طازجتان والدم الساخن متخثر على عنقهما، ستدركان وهما مستلقيتان على الطاولة الأنيقة التي تضم المتحاورين في جنيف 2، معنى تلك الأغنية. سوف يقوم هؤلاء المتحاورون بشرح الكلمات لطفلتين سوريتين لا تعرفان فك الألغاز. وأن عبارة “طيري طيري” هي للطائرات التي تقصف وترمي براميل مُتفجرة على الناس، وهي للرصاص الطائر من شمال سوريا إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، الرصاص الذي حوّل أجساد السوريين إلى غربال.
ستدرك لين وليلى أن المقصود بأغنية “طيري طيري يا عصفورة” هو الطائرات وليس العصفورة، وبأنه لم يعد من مهمة للطائرات سوى القتل، ونقل جثث القتلى، ستُصعق الطفلتان من الحقائق التي أدركتاها وهما مدعوتان إلى “جنيف 2”. مدعوتان من دون دعوة رسمية، لأن الدعوات لمؤتمر “جنيف 2” تتبدل ببساطة وبلا حياء أو احترام للسوريين. وسيتأثر الجميع بدم الطفلتين المذبوحتين وسيتبادل الجميع الاتهامات.
وقد يُختتم المؤتمر بلائحة تبين سعر صرف الدولار وسعر صرف الدم السوري المسفوك، والذي لم ينقطع يوماً، كما تنقطع الكهرباء والماء. لين وليلى توقظان في ذاكرتنا مجزرة أطفال الحولة ومجزرة قرية البيضا ومجزرة ريف اللاذقية ومجزرة الغوطة وغيرها وغيرها من المجازر في بلد المجازر سوريا، التي لم يعد أي مواطن منها يجرؤ على القول: “أنا حي”، وان ما يعيشه حياة، لأن الحياة في سوريا تتأرجح على ضفاف نهر الموت الذي يجرف الجميع ذبحاً وقنصاً بالرصاص والكيميائي والسماوي وكل إبداعات القتل.
الحياة في سوريا ليست سوى هدر للحياة، ليست سوى تنويعات للوحشية والقسوة بلا حدود، بل كلما حاولنا مواساة أنفسنا أن تلك آخر مجزرة وآخر جريمة مروعة، نفاجأ بأن لا حدود للقسوة ولا حدود لتنويعات الإجرام. بكل سذاجة وذهول أتساءل مع ملايين مروعين ويطحنهم الألم مثلي: أي كائن هذا قادر على ذبح طفلتين! كيف استطاع أن يحملهما بين يديه، ولا يسكره نقاء الطفولة ولا يشفيه من جنون أحقاده رائحة العسل واليانسون التي أحسها، رائحة الطفولة. كيف استطاع هذا الكائن – الذي لا يستحق كلمة إنسان – أن ينظر في العيون المُبتسمة لطفلتين، واللتين ربما قالتا له: “مرحباً عمو نحن بعمر بناتك مش هيك؟” أن يذبحهما كنعجتين، ويقدمهما قرابين للشياطين المستوطنة في سوريا.
في اليوم ذاته لذبح الطفلتين وأمهما بقيت في البيت بحالة شلل من الخزي والألم وعقلي لا يرحمني وهو يؤكد لي أن المزيد والمزيد من الإجرام ينتظر السوريين وأطفال سوريا.
في اليوم ذاته لمجزرة لين وليلى كانت أطراف الحوار المزعوم لـ”جنيف 2″ تتبادل التهم والصراخ والتخوين، وبعضهم يستقيل والآخر يحرن كثور هائج ويهدد بأنه لن يحضر. والبعض يصرخ أنه يريد شروطاً وآخر يصرخ أنه لا يريد أي شروط.
والرئيس الأميركي باراك أوباما بكامل أناقته يهرول على السجاد الأحمر الذي يفرش رواقاً طويلاً، ويتحدث بالشأن السوري. والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ينافسه أناقة، يطل من قصره البديع في موسكو يحكي عن ضرورة نجاح “جنيف 2”.
والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بابتسامته الأبدية المستفزة يحكي أيضاً بالشأن السوري، ومفوضية حقوق الإنسان منهمكة ليلاً نهاراً في تصنيف القتلى في سوريا، وتعداد المخطوفين والمفقودين، وهي تحتاج إلى موظفين جدد لأنها لم تعد قادرة على اللحاق بعداد القتل الذي لا يتوقف في سوريا.
ثمة طفرة في الإجرام حدثت في سوريا، تماماً كالطفرة التي تصيب المورثات وتؤدي لولادة مسخ أو كائن مشوّه عجيب لا يجوز أن يُسمى إنساناً. طفرة الإجرام الوحشي التي حصلت في سوريا هي إدانة للعالم كله ولأسياده الذين يحددون سعر صرف الدولار وسعر صرف الدم السوري.
كفى نفاقاً لم يعد “جنيف 2” يعني شيئاً للسوريين ولكل شريف في هذا العالم. “جنيف 2” هو في حقيقته طفلتان بعمر البراعم ذُبحتا في السلمية، ولحقتا بموكب الأطفال السوريين المذبوحين. أطفال سوريا المذبوحون ينشدون في أعالي السماء أغنية “طيري طيري يا عصفورة”. وهم في أعماقهم سعداء أنهم نجوا من بلد القتل وبلد مصاصي الدماء.
صورة الطفلتين المبتسمتين بكل زخم فرح الطفولة وتفاؤلها ولابستين ثياباً أنيقة زهرية اللون، صورتهما – قبل الذبح – ساحرة وحقيقية لدرجة نتمنى لو ينقلب العالم رأساً على عقب كي يكون خبر ذبحهما نكتة سمجة. ثمة مسافة لا يمكن تجاوزها بين كون الطفلتين على قيد الحياة وحقيقة ذبحهما. الحقيقة في سوريا ليست قاسية فقط بل تذبح. أن يبدأ السوري يومه بمنظر طفلتين مذبوحتين مع أمهما شيء يعجز العقل البشري عن استيعابه.
أن تتأمل الفراشتين مُبتسمتين بكامل صحتهما وألق طفولتهما ثم يصفعك خيالك بمنظر عنقيهما مذبوحين شيء يُشعرك بأن الله ذاته يبكي مُتفجعاً لما يحصل في سوريا.
الأدهى من ذلك إحساسنا جميعاً أمام تلك الجريمة الوحشية أن المزيد من الذبح قادم وأن ثمة أطفالاً مثل لين وليلى سيقنصهم شياطين بورصة الدم السوري ويذبحونهم وستنزل صورهم على الإنترنت وعلى مواقع الكترونية عديدة. وسيرثيهم الآلاف ولكن لا أحد سيتمكن من إيقاف ذبح الأطفال السوريين.
الكل الآن مشغول بنجاح أو إمكانية نجاح مؤتمر “جنيف 2”. جنيف بشروط مُسبقة أو بلا شروط! وعلى طاولة الحوار بين أطراف من النظام وأطراف من المعارضة تتمدد جثتا لين وليلى. تحدقان بعيون جامدة مذعورة متسعة حتى أقصاها من ذعر لحظة الذبح وتتأمل المتحاورين بقرف وذهول. ستسمعان عبارات غريبة وأسماء عجيبة لم يسبق لهما أن سمعتاها في أفلام كرتون، ولا في الحضانة، التي تعلمتا فيها أغنية: “طيري طيري يا عصفورة أنا مثلك حلوة صغيورة”.
ستدركان وهما جثتان طازجتان والدم الساخن متخثر على عنقهما، ستدركان وهما مستلقيتان على الطاولة الأنيقة التي تضم المتحاورين في جنيف 2، معنى تلك الأغنية. سوف يقوم هؤلاء المتحاورون بشرح الكلمات لطفلتين سوريتين لا تعرفان فك الألغاز. وأن عبارة “طيري طيري” هي للطائرات التي تقصف وترمي براميل مُتفجرة على الناس، وهي للرصاص الطائر من شمال سوريا إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، الرصاص الذي حوّل أجساد السوريين إلى غربال.
ستدرك لين وليلى أن المقصود بأغنية “طيري طيري يا عصفورة” هو الطائرات وليس العصفورة، وبأنه لم يعد من مهمة للطائرات سوى القتل، ونقل جثث القتلى، ستُصعق الطفلتان من الحقائق التي أدركتاها وهما مدعوتان إلى “جنيف 2”. مدعوتان من دون دعوة رسمية، لأن الدعوات لمؤتمر “جنيف 2” تتبدل ببساطة وبلا حياء أو احترام للسوريين. وسيتأثر الجميع بدم الطفلتين المذبوحتين وسيتبادل الجميع الاتهامات.
وقد يُختتم المؤتمر بلائحة تبين سعر صرف الدولار وسعر صرف الدم السوري المسفوك، والذي لم ينقطع يوماً، كما تنقطع الكهرباء والماء. لين وليلى توقظان في ذاكرتنا مجزرة أطفال الحولة ومجزرة قرية البيضا ومجزرة ريف اللاذقية ومجزرة الغوطة وغيرها وغيرها من المجازر في بلد المجازر سوريا، التي لم يعد أي مواطن منها يجرؤ على القول: “أنا حي”، وان ما يعيشه حياة، لأن الحياة في سوريا تتأرجح على ضفاف نهر الموت الذي يجرف الجميع ذبحاً وقنصاً بالرصاص والكيميائي والسماوي وكل إبداعات القتل.
الحياة في سوريا ليست سوى هدر للحياة، ليست سوى تنويعات للوحشية والقسوة بلا حدود، بل كلما حاولنا مواساة أنفسنا أن تلك آخر مجزرة وآخر جريمة مروعة، نفاجأ بأن لا حدود للقسوة ولا حدود لتنويعات الإجرام. بكل سذاجة وذهول أتساءل مع ملايين مروعين ويطحنهم الألم مثلي: أي كائن هذا قادر على ذبح طفلتين! كيف استطاع أن يحملهما بين يديه، ولا يسكره نقاء الطفولة ولا يشفيه من جنون أحقاده رائحة العسل واليانسون التي أحسها، رائحة الطفولة. كيف استطاع هذا الكائن – الذي لا يستحق كلمة إنسان – أن ينظر في العيون المُبتسمة لطفلتين، واللتين ربما قالتا له: “مرحباً عمو نحن بعمر بناتك مش هيك؟” أن يذبحهما كنعجتين، ويقدمهما قرابين للشياطين المستوطنة في سوريا.
في اليوم ذاته لذبح الطفلتين وأمهما بقيت في البيت بحالة شلل من الخزي والألم وعقلي لا يرحمني وهو يؤكد لي أن المزيد والمزيد من الإجرام ينتظر السوريين وأطفال سوريا.
في اليوم ذاته لمجزرة لين وليلى كانت أطراف الحوار المزعوم لـ”جنيف 2″ تتبادل التهم والصراخ والتخوين، وبعضهم يستقيل والآخر يحرن كثور هائج ويهدد بأنه لن يحضر. والبعض يصرخ أنه يريد شروطاً وآخر يصرخ أنه لا يريد أي شروط.
والرئيس الأميركي باراك أوباما بكامل أناقته يهرول على السجاد الأحمر الذي يفرش رواقاً طويلاً، ويتحدث بالشأن السوري. والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ينافسه أناقة، يطل من قصره البديع في موسكو يحكي عن ضرورة نجاح “جنيف 2”.
والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بابتسامته الأبدية المستفزة يحكي أيضاً بالشأن السوري، ومفوضية حقوق الإنسان منهمكة ليلاً نهاراً في تصنيف القتلى في سوريا، وتعداد المخطوفين والمفقودين، وهي تحتاج إلى موظفين جدد لأنها لم تعد قادرة على اللحاق بعداد القتل الذي لا يتوقف في سوريا.
ثمة طفرة في الإجرام حدثت في سوريا، تماماً كالطفرة التي تصيب المورثات وتؤدي لولادة مسخ أو كائن مشوّه عجيب لا يجوز أن يُسمى إنساناً. طفرة الإجرام الوحشي التي حصلت في سوريا هي إدانة للعالم كله ولأسياده الذين يحددون سعر صرف الدولار وسعر صرف الدم السوري.
كفى نفاقاً لم يعد “جنيف 2” يعني شيئاً للسوريين ولكل شريف في هذا العالم. “جنيف 2” هو في حقيقته طفلتان بعمر البراعم ذُبحتا في السلمية، ولحقتا بموكب الأطفال السوريين المذبوحين. أطفال سوريا المذبوحون ينشدون في أعالي السماء أغنية “طيري طيري يا عصفورة”. وهم في أعماقهم سعداء أنهم نجوا من بلد القتل وبلد مصاصي الدماء.
(المصدر: جريدة السفير)