ملف: الإعلام الرشيد وحكومة العطري
وذلك بعيد مؤتمر أعلن فيه عن عدة خطوات سنتدارسها وفق عدة مقالات من هذا الملف:
زيادة أسعار المحاصيل وزيادة الرواتب:
1- ستسعى الحكومة إلى زيادة أسعار المحاصيل الزراعية الأساسية كالقمح والشعير والقطن والشوندر السكري وبنسب مجزية. //محمد ناجي عطري. المصدر: سيريانيوز 12/4/2008/.
التحليل لهذا التصريح:
سيطرت الحكومة السورية تاريخيا على محاصيل الحبوب والأقطان، ضمن السياسية الاشتراكية التي يتبناها الحزب الحاكم في الجمهورية العربية السورية، إلا أن هذه السيطرة بينت في مساعيها فلسفة تبتعد عن النهج الاشتراكي القائم على حماية العمال والفلاحين، فقد اعتمدت الحكومة السورية على أن يمتلك المزارعون بملكيات خاصة أراضي زراعات يقوموا هم باختيار زراعتها سواء بالحبوب أو غيرها بغياب سياسة أصلاحية زراعية رشيدة، على أن تقوم الحكومة بأخذ إنتاج المزارع كله من الحبوب والقطن والشوند السكري وفق سعر محدد. مثال مادة الحنطة:
بيعت مادة الحنطة( 11.5ليرة سورية) للكيلو الواحد خلال الأعوام الأربع الماضية، لتزداد وفق سياسة الحكومة لهذا العام ل(16.5ليرة سورية) للكيلو الواحد، مما يعني أن الحكومة قامت بزيادة على نسبة أسعار الحنطة لتتجاوز43% وقد يجد البعض أن هذه النسبة هي نسبة مجدية جدا، إلا أن الخفي عن المواطن والباحث الاقتصادي أو الإحصائي أن أسعار الحنطة كانت متراوحة في الأعوام السابقة”2000-2006″ لما بين “20-30 ليرة سورية”، مما يبين أن حكومة السيد عطري لم تقم بأي مبادرة تصويب لصالح الفلاحين “52% من الطبقة العاملة في سوريا”، فالسعر العالمي لمنتج الحنطة ارتفع اساساً لنسب تتجاوز 65%، مما يدلل أن حكومة السيد عطري زادت على خزينة الدولة ما نسبته 22% من مادة الحنطة وحدها، وقس الأمر على باقي المنتجات الزراعية الأساسية سالفة الذكر.
ورغم كل ذلك لم تتهاون الحكومة عن رفع نسبة سعر مادة المازوت لنسبة257% مما جعل أمر زراعة الحبوب باستخدام الري وفق مضخات تعمل على المازوت أمر مستحيل للفلاح، مما جعل الفلاح يعتمد على الزراعة البعلية بشكل مطلق، وسبب هذا الامر خسائر مبالغة للفلاحين المعتمدين على الزراعات المروية في أراضيهم، دون أن تعوضهم حكومة السيد عطري الحكومة التي اعتمدت سياسة “الاقتصاد الاجتماعي”.
2- زيادة مجزية للرواتب والأجور”، حيث ” يرتب هذا أعباء على الدولة تفوق الـ 20 مليار ليرة سورية”. //محمد ناجي عطري. المصدر: سيريانيوز 12/4/2008//
التحليل لهذا التصريح:
متوسط دخل المواطن السوري لا يتجاوز 120$ وفق إحصائيات مركز التنمية البيئية والاجتماعية، لكن ليحصل الفرد السوري على متوسط حياة كريمة وفق المعايير العالمية //غذاء متكامل+ إقامة ليلة واحدة في فندق 4 نجوم+ غداء واحد في مطعم مقبول+ قدرته على تأمين كافة الخدمات الأساسية “ماء نقي، تيار كهربائي، شبكة صرف صحي، طرقات…” + قدرته على دفع نفقات التأمين الصحي الشامل + قدرة على التعلم المدرسي والجامعي إن رغب// ومن هذا الطرح قد نستدل أن مدخول المواطن السوري يجب أن يقارب 500$ مع الاخذ بالعين مراعاتنا أن الحكومة تتكلف على أمور التأمين التعليمي بشكل شبه كامل.
إلا أن تصريح السيد عطري برقم //20مليار// الشاملة لخدمات قرابة 19مليون نسمة سوري ستجعل الزيادة على بالرواتب كحد أقصى 1052ليرة سورية أي قرابة 22$ فقط، مما سيرفع متوسط دخل الفرد مستقبلا ل140$، وذلك في حال اعتمد هذا المبلغ بأكمله لزيادة الرواتب.
ولا أدري حقيقة سبب ربط كلمة (مجزية) مع كلمتي (الرواتب والأجور)، لتصبح العبارة بالمعنى الرقمي 22$ زيادة مجزية للرواتب والأجور، وبلغة عربية 1050ليرة سورية ستكون الزيادة المقبلة للفرد الواحد. طبعا قد ينقدني أحد الاقتصاديين المخضرمين ليصوب العبارة //20مليار ليرة سورية// ستكون من نصب العاملين في القطاع الإداري وحده، أما بقية المواطنين فهذه الزيادة لن تشملهم.
والمشكلة في هكذا طرح أن أية زيادة في الرواتب والأجور وإن تجاوزت 200$ ستبقى عاجزة عن تأمين حد حياة كريمة للمواطن وإن كان بالحد الأدنى المنحصر على الطعام والطبابة والمواصلات بدون الليلة المرفهة أو الغذاء الوحيد في الشهر في إحدى المطاعم، كما لو تم هذا الأمر فإنه سيكون في صف حركة السوق الداخلية لأن هذه المبالغ على قلتها لن تؤدي لتضخم في الدولة أو المديونية، لا بل ستساهم هذه الأموال في ضخ الحياة الاقتصادية في الأسواق الداخلية النائمة.
جاءت الزيادة: //المرسوم رقم 24 للعام 2008//
جاءت زيادة الرواتب للعاملين في القطاع الرسمي يوم 3/5/2008 وفق نسبة ومقدارها 25% من قيمة الراتب المقطوع، طبعا يحسم منها ضرائب.
وتأتي هذه الزيادة في ظل سلسلة من ارتفاع الأسعار لنسب تقارب بمتوسطها “35%-50%” على كافة المنتجات قبل ارتفاع مادة المازوت التي تشكل الركيزة الأساسية في التصنيع والنقل السوري، مما يبين أن حكومة السيد عطري ببرنامجها الإصلاحي تهدد بدمار الأسر السورية، والغريب أنها تتبجح برقم 20 مليار ليرة سورية.
سياسة الدعم والتأمين الصحي:
3- ستسعى الحكومة “لإحداث صندوق التأمين الصحي للعاملين في القطاع الإداري”. //المصدر: سيريانيوز 12/4/2008//
تحليل هذا التصريح:
لم تتبين هوية هذا المشروع، ولا آلية تنفيذه حتى هذا اليوم رغم مرور شهر كامل على التصريح به. إلا أن عدم تضمين هذا التصريح عبارة تأمين صحي شامل، واستثارة بالقطاع الإداري وحده دون القطاع العامل (الفئة المعرضة للإصابة)، يدلل وبكل وضوح أنه مشروع معد لاقتطاع ضرائب جديدة تضاف للاتحادات النقابية… أو ربما تبيت الحكومة هذا المشروع لتأخذ دور النقابات مستقبلا.
4- تطوير شبكة النقل الداخلي ورفدها بأكثر من 600 باص جديد ستوضع في الخدمة خلال شهر أيار. //المصدر: سيريانيوز 12/4/2008//
تحليل هذا التصريح:
تأخر تنفيذ هذا المشروع عامين، فقد تناولت الجرائد الرسمية أكثر من مرة هذا الملف، مبينة أن شركة نحاس تورز ستقوم على تنزيل هذه السيارات لتكون بديلا عن باصات النقل الداخلي التي أكل عليها الدهر وباتت غير صالحة للاستخدام. إلا أن الحكومة الرشيدة تأخرت عن تنفيذ هذا المشروع لتمرير مشروع آخر وهو: “صيانة الباصات القديمة” وقد كلف هذا المشروع خزينة الدولة ملايين الليرات، كما سبب أزمة مرورية خانقة، وتلوث غريب الأثر في المدن السورية.
من هنا نستدرك إن تأخير تنفيذ هذا المشروع كان جزأ من الفساد العام لهذه الحكومة، التي تغيب عنها أدنى معايير الحكم الرشيد.
5- توسيع أشكال الدعم الإيجابي بهدف توفير السلع والاحتياجات الأساسية للمواطنين عبر زيادة عدد وحجم منافذ صالات الخزن والتبريد وصالات المؤسسة العامة الاستهلاكية والجمعيات الاستهلاكية التعاونية فضلاً عن الإجراءات الحكومية الهادفة إلى دعم الصادرات السورية ودعم مستلزمات الإنتاج الزراعي”. //المصدر: سيريانيوز 12/4/2008//
تحليل هذا التصريح:
المؤسسات والجمعيات الاستهلاكية هي مؤسسات مرتبطة بالمؤسسات الرسمية بشكل أساسي، ورغم أسعارها المراقبة تموينيا، إلا أنها مصابة بداء الروتين الوظيفي “البيروقراطية” التي باتت شعارا في غالبية المؤسسات الرسمية، ففي كثير من الأحيان تتخلف هذه المؤسسات عن توفير احتياجات الموطنين كافة، كما أن آلية توزيع المنتجات عليها مرتبطة بمزاجية عمالها الذين تغيب عنهم الرقابة الدورية.
أمثلة:
* المؤسسة الاستهلاكية في “حي الصليبة، مدينة اللاذقية”: (شمال سوق الخضرة، وهي مؤسسة معنية بالخضار واللحوم في مكان غير بعيد عن مركز توزيعها الشعبي). يلاحظ على منتجاتها تماثلها بالسعر وتدني سويته مع السوق الشعبية المجاورة له، مما يجعل غالبية منتجاتها تعاني الكساد والتلف، مما يجعل هذه المؤسسة خاسرة.
* جمعية قرية جديدة في محافظة إدلب: (وهي مؤسسة معنية بكل الأدوات المنزلية والتموينية الغذائية) يلاحظ على القيم الوحيد العامل عليها إغلاقه المستمر لها، خلال موسم الفلاحة أو جني منتجاته الزراعية، وفتحه لها في أوقات تناسب وقت فراغه.
6- “تعمل الحكومة على تنظيم الدعم وإعادة توزيعه لمستحقيه”، مشيرا إلى أن “الدولة تتحمل يومياً 2ر1 مليار ليرة سورية لقاء دعم مادة المازوت وحدها”. //المصدر: سيريانيوز 12/4/2008//
تحليل هذا التصريح:
إن هذا التصريح يدلل على أن الحكومة تخسر سنويا ما مقداره 438مليار ليرة سورية أي ما يعادل 9.7مليار دولار أميركي. إلا أن اللافت في هذا التصريح تغاضي الوزير عن الإقرار بأن سياسة الدولة الحالية من خلال تقديم قسائم مازوت “1000لتر لكل عائلة، وفق سعر 9 ليرات سورية بدلا من قيمته السابقة 7ليرات سورية” ستزيد أرباح الحكومة السورية عن السنوات الماضية لما مقداره 40$ عن كل أسرة في الجمهورية العربية السورية، كما أنها ستحقق زيادة عالية في موازنتها من خلال اعتمادها زيادة على سعر مادة المازوت مقدارها 0.4$ عن اللتر في السنوات الماضية “حيث اعتمدت سعره الجديد في محطات الوقود 25ليرة سورية بعد أن كان 7ليرات سورية”. ومن هنا نستدرك أن هذا التصريح يأتي سليما في حال تشبيه حكومة السيد عطري بأنها حكومة تحتل الجمهورية العربية السورية، كما تحتل الحكومة الأميركية العراق. فالحكومة السورية تتعاطى مع ملف النفط وكأنه ليس من حق الشعب السوري.
هذه المادة هي جزء من مساحة الرأي الذي طالب بها السيد رئيس الحكومة، وكل التطلع أن تجد هذه المعطيات في نقدها الواضح بر الأمان في رؤية الاستجابة، وأن كانت أقلامنا في زاوية بعيدة عن التعاطي الإعلامي الرسمي.