تحديد النسل والارتكابات الاقتصادية في سوريا
طبعا يعد هذا التناقص انجازا هاما للحكومة السورية، في حال اعتمدت الحكومة السورية سياسة تحديد نسل، التي تتخالف مع الشريعة الإسلامية “واحدة من مصادر التشريع المعتمدة في سوريا”، على الرغم من أن دستور الجمهورية العربية السورية دستور علماني!!…
نعم لقد أدرك مهندسي السوق الاجتماعي السوري ومستشاروا تطبيق معايير الاشتراكية هذا التناقض في الدستور، فقرروا اعتماد سياسة “تضيق الخناق على المواطنين من اجل ترسيخ معايير تحديد النسل”، معتمدين على آليات عمل فاعلة، ندرجها بالتالي:
1- سياسة “حشر الموظفين” في الدوائر: لقد سعى الفكر الاشتراكي لتأطير غالبية خريجي الجامعات في الدوائر الرسمية، مما مهد لثقافة تكوم الموظفين بغياب إنتاجية عمل في مكاتب لا تتسع لأكثر من ثلاث أشخاص كحد أعلى، مما أدى لتأخر في قرار العمل، وتزايد اللامبالاة لتصبح شعار الدوائر الرسمية.
إن امتصاص غالبية الشباب الفاعل في مؤسسات فاشلة إنتاجيا، أدى لتنامي اللامبالاة الإنتاجية، فبات غالبية الشباب غير مبالي بالقيم الأخلاقية التي ترتكز على مفهوم العمل وأثره على ثقافة العطاء التي تعد عماد بناء المجتمعات.
2- سياسة الفساد: استأثر بقرار بعض الدوائر الرسمية مجموعة من الأفراد، والغريب أن ممارساتهم الغير إدارية باتت معروفة للقاصي والداني، ورغم ذلك استمروا في تعالي مناصبهم الإدارية دون رادع، مما أدى لتنامي المقولة الشعبية ….
3- البطالة المقنعة: بما أن غالبية الشباب الجامعي موظف “خريجي الثمانينات والتسعينات”، وقلة هي المتحكمة بالقرار وفوائده، بات الشباب في مرحلة عطالة ومن الممكن تسميتها “بطالة مقنعة حتى داخل المؤسسة الوظيفية”.
4- تحجيم العامل: منعت الحكومة الموظفين العاملين في دوائرها، العمل في دوائر وظيفية أخرى.
5- غياب الحوافز الإنتاجية: قيضت الحوافز الإنتاجية للعمال والموظفين بالإنتاج، وبما أن غالبية المؤسسات العامة خاسرة، فإن الحوافز معدومة، إلا باستثناءات معينة، وقد نراها عند العاملين في القطاع النفطي وحده.
6- سيطرة الإداريين الرسميين على عمل مؤسسات القطاع المشترك، مما أدى لانتقال أمراض القطاع العام للقطاع المشترك.
7- غياب التنافس: غياب معايير رشيدة في إدارة مؤسسات القطاع الخاص، وضعف قانون التأمين، مما أدى لزيادة استنزاف العمال مقابل مبالغ تزيد بقليل على الرواتب الرسمية، مما غيب معايير تنافسية العمل.
8- تعزيز الضرائب وتنوعها: التضييق على الحرفيين وتنوع التحصيلات الضريبية، وعدم المساهمة الرسمية في دعم مشاريع المدن الصناعية التي ينتقلون إليها.
9- البيروقراطية المكتبية تجاه الراغبين في الاستثمار في المناطق الصناعية، وكمثال سؤال أحد الصحفيين الأتراك لسيادة رئيس الجمهورية في المؤتمر الصحفي عن أمر شركة تركية عانت من هذا الأمر.
10- غياب خطة واضحة في عملية تسهيل المعاملات الإدارية للمستثمرين.
11- غياب ثقة بين الدولة والمواطن في أهلية الاستثمار وجدواه، مثال: باعت الدولة الشريط الساحلي لشركات خارجية دون القيام باستفتاء شعبي، أو دون التشاور مع ملاكها القدامى.
إن مجمل هذه الممارسات، وغيرها، أدت لزيادة البطالة في سوريا، والأمر قادم للأسوأ، وللأسف لا توجد في سوريا مؤسسات دراسة جدوى اقتصادية، تقيم الأثر.
وقناعة اقتصادي الدولة والوزراء قائمة على فكرة أن كثرة الاستثمارات ستؤدي في النهاية لامتصاص البطالة في سوريا “وهذا يتخالف اقتصاديا مع نهج الدب الصيني”.
لكن هل فكرت الإدارة الاقتصادية والاستشاريين الأشاوس في جدوى هذه الاستثمارات على سوية نهوض مستوى دخل الفرد؟، وما أثر هذه الاستثمارات في تنوع الثقافة الإنتاجية للفرد العامل؟، وهل هو قادر على تبني نهوضها؟.
وأين هي المؤسسات العلمية والأكاديمية التي تهيأ الأرضية الفاعلة لهذه الاستثمارات!!.
إن خطوات الحكومة الاقتصادية موجه نحو الهرب من فشل القطاع الخاص وإيجاد حلول ناجعة له، مع التركيز على فتح الاقتصاد نحو الاستثمار الخارجي، بغياب استراتيجيه تغطي كل المناطق السورية، مما سيعزز مستقبلا من مشاريع الخصخصة.
من هذا المبدأ غاب شعور الشاب في الاستقرار. وعزف الشاب المتعلم عن الزواج، لتتناقص نسب التزايد السكاني بحكم قلة فرص العمل وغياب المردود المادي المجدي، وغلاء الأسعار القاهر، وارتفاع الإيجارات، وتعاظم أسعار العقارات…
في حين استمرت الفئات البسيطة في التعاطي مع التكاثر من مبدأ ديني، معتمدة على مقولة “أرزاق الأبناء تأتي معهم”، لتكون المحصلة تزايد التسرب المدرسي، وتزايد أطفال الشوارع…
إن هذه السياسة قد تهدد بخطر مستقبلي على سوريا، قد يحول بعض مدنها إلى مدن أحياء غنية، وأحياء صفيح مثل //ريو ديوجانيرو//، في توزع غير متوازن بين الأغنياء القلة، وطبقة الفقراء المعدمة.
إن التحول الاقتصادي في سوريا بغياب دراسات جدوى اقتصادية معلنة، هو كرمي القمامة في جبل زبالة، فاحذروا!!… إن كنتم لا تعرفون؟