ملف امراض اجتماعية سورية: الشذوذ الجنسي
وليس غريبا على الاعلام السوري الرسمي عدم التطرق لهذا الملف، إذ أن الإعلام الأميركي المشهور بحرية طبع أية مطبوعة على أراضيه كان قد منع ولأول مرة نشر كتاب “المدينة والعامود” للكاتب الأميركي الشاب “غروفيدال” الذي يتحدث فيه عن اللواط وشعورهم الداخلي “طبعا طبع الكتاب في الولايات المتحدة، وترجم للعربية من قبل المترجم اسامة منزلجي عن دار المدى. كما كتب عدد من الكتاب العرب بضع المقاطع عن حالات مثنية لكنها كانت خجولة الكم والنوع، ولعل ابرزها كتاب “رائحة القرفة” للكاتبة السورية سمر يزبك الذي تتحدث فيه عن سحاقات، ورواية سابقة للكاتب نهاد سيريس.
سوريا والشذوذ الجنسي:
رغم تضمن مقالة الكاتب نبيل فياض ” الشذوذ الجنسي في سوريا” معلومات حول وجود خارطة يتداولها السياح المثنين تبرز أهم مناطق توزعهم في المدن السورية “حمامات، مقاهي…” إلا أننا عجزنا عن الوصول لأي من هذه المعلومات رغم عملنا على هذا الملف لمدة تتجاوز العامين.
لكن من خلال لقاءاتنا مع عديد من المثلين وجدنا ظاهرة غريبة الشأن وهي وجود صداقات وطيدة لهم مع مثلين آخرين في دول خارجية “أغلبها أوروبية”.
فالشاب محسن /36 عاما/ اخبرنا عن علاقة مميزة له مع صديق من فرنسا، تعرف عليه عبر الانترنيت وتناغمت أهواؤهما لدرجة جعلت من صديقه يتخلى عن عمله شهرين في العام كي يمضيهما إلى جواره.
أما تغريد /41عاما/ التي استطاعت الحصول على تأشيرات دخول للاراضي الفرنسية بشكل دوري نتيجة وضعها وثراء اسرتها “حالة معاكسة لمحسن” لديها صديقة تتردد نحوها اكثر من مرة في العام تقطن في الحي اللاتيني من مدينة باريس، تغريد اليوم تدفع صديقتها للهجرة نحو كندا والحصول على الجنسية، على ان تدعي بعدها تغريد فيتزوجان، وتعيشان بحرية كاملة.
بينما ستيف /ناشط مدني أوروبي يتردد على منطقة المينا دائما/ اعلمنا عن عجزه عن الاكتفاء بشاب واحد، ومتعته الدائمة مع الشباب العربي والايراني الذي يتلاقى معهم دائما في دمشق.
من الحالات الثلاث الماضية وغيرها من التي استطعنا رصدها، نجد أن الواقع المادي ليس وحده الدافع نحو الانسياق للتجربة المثلية، إنما الامر ناجم عن رغبة جامحة من قبل نماذج مختلفة من عموم المجتمع السوري، للدخول في هذه التجربة. فسمر /متزوجة ولديها طفلين/ تتعرض بشكل دوري للتعنيف من قبل زوجها. نتيجة واقعها المأساوي كانت تلجأ لجارتها التي وجدت عندها عاطفة جامحة عوضتها عن شراسة زوجها، فمارست معها الجنس بطرق اشعرتها بأنوثتها وأهمية وجودها، وسمر الآن لديها زوج بحكم الواقع وحبيبة بحكم العاطفة (حسب سردها، مادة مسجلة بتاريخ 22/6/2007).
أما محمد /26 عام/ أحب مدربة الرياضي في لعبة كرة الطاولة في مدينة اللاذقية رغم كبر سنه الذي يقارب عمر جده، ومارس معه الجنس منذ كان بعمر 14 عاما، حيث بدأ مدربه مداعبته في غرفة تبديل الملابس بعد أن اشعره بعاطفة كبيرة نتيجة تشجيعه المتواصل رغم بطء تطوره في اللعبة. اليوم محمد يشعر بالاسف لعجز مدربه الكبير بالعمر، وتقتصر علاقتهما على الحديث عن الرياضة وبعض العبارات التي تعيد الذكريات، وهو بصدد القيام بعلاقة من الجنس الاخر مراضاه للعرف العام، والغريب أن مدربه يشجعه على هذا الامر، رغبة منه برؤية اولاده فهو حبيبه المميز والشاب النضر. (حسب سرده، مادة مسجلة بتاريخ 02/5/2007).
بينما يخبرنا الشاب محمد /19عاما، بائع ذرة متجول/ أنه يمارس الجنس مع عدة فتيات يؤمنهن له أحد شيالي مرفأ اللاذقية /حامل اوزان/ المعجب بجسده، وهو يراضيه بجسده على أن يوفر له الفتيات بشكل متواصل.
إن هذه الحالات تبين تعقد كبير في سوية العلاقات الاجتماعية السورية، وتبرز جانبين شديدي الاهمية:
1- الحرمان: وهذا ناجم عن غياب العطف، والرغبة الدائمة بضرورة شريك يشبع الانوثة أو الذكورة في أحد الطرفين.
2- الرغبة بالأمان: حيث كل الحالات التي تم رصدها أكدت على غياب الامان الكافي لها اجتماعيا، الذي تجاهل حاجاتها ورغباتها، حيث لعب المجتمع دورا سلبيا في استيعاب توجهاتها مما ادى لتزمت في ممارسة الشذوذ.
آراء من المجتمع السوري:
لأول مرة نحصل على احصاء 100% ناجم عن آراء 300 شخصية سورية، والغريب أن 5% منهم كانوا مثليين، إلا أن خوفهم من الدراسة جعلهم يصرحوا ضمن رأي الجماعة الذي رفض بشكل قطعي العلاقات المثلية.
1- آراء رجال الدين:
رفض خمسة رجال دين من طوائف مختلفة التعليق حول هذا الملف، بينما اتت آراء 20 رجل دين بالرفض “المقزز” لطرحنا هذا الملف، إلا أن إمام جامع وحيد من مدينة حلب /رفض ذكر اسمه/ بين عدم وجود نص شرعي يمنع المثلين من رغباتهم، إلا أن الله بين في كتابة الجليل “القرآن الكريم” أن الله خلق الانسان ذكرا وانثى ليتزاوجا، مما يجعل الحالات المثلية غير مقبولة في النص الاسلامي. من هذه العينة العشوائية نرى ابتعاد بعض رجال الدين عن الحاجات التي قد تطلبها رعيتهم في حال كانت ذات خصوصية شاذة عن العرف والعادة، وهذا امر بعيد عن روحانية الاديان التي تجد الله بين جميع البشر دون أي استثناء.
2- آراء حقوقين سوريين:
رغم أن حقوق الانسان تبنت حقوقا لمثلي الجنس، إلا ان غالبية الحقوقيين السوريين حتى الآن غير مقتنعين بنفاذ هذا الحق، وإن طالب البعض منهم بضرورة اعتماد حقوق الانسان كميثاق متكامل يشمل حتى المثليين، إلا أنه يسر لزميل له بصعوبة هذا الامر وصعوبة تقبله الذاتي لهذا الحق. وهذا يدلل على تشارك العرف والعادة في تكوين الشخصية الحقوقية، مما يشكل عائق في مدى نفاذ مفاهيم حقوق الانسان كاملة في ممارسته الميدانية والنظرية.
3- آراء رجال سلطة:
اقر عديد من رجال السلطة في سوريا بوجود هذه الحالات، وركزوا انها قديمة الأثر، حتى أن بعضهم أسروا لنا عن حكايات يعرفونها “وكان بعضها مصدرا لنا في ملفنا”. إلا أنهم بينوا أنهم يكافحوا هذه الحالات من خلال آليات رقابة في الساحات العامة والحدائق وبعض الجوامع وساحاتها العامة، من خلال عيون ترصد بعض من هذه الظواهر، حيث تدرجها ضمن الجنح الأخلاقية.
4- آراء أطباء ومختصين:
قدم عديد من الاطباء آراء واضحة حول سبب الشذوذ. وكثير منهم رفض تسمية الأمر بالشذوذ، كونه ليس مرضا في المعنى الطبي وإن اعتمده بعض الاطباء كمرض. حتى ان بعضهم بين أن أمر هذه الحالات هو امر بات طبيعي وتغيير طبيعتهم سيكون امرا غريب عن الطبيعي.
إن الآراء السابقة تبين وبوضوح مدى السلبية التي يتعايشها المواطنون السوريون تجاه المثليين، وهذا بدوره أدى لعزلة المثليين في سوريا، وتزايد انغلاقهم على بعضهم، مما جعل البعض منهم يعرف الكثير، بينما آباء المثليين انفسهم لا يعرفون بأمر أبنائهم. وبرأي أحد الأطباء: وزارة التربية والتعليم مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تنامي هذه الظاهرة بين غير المثليين، نتيجة غياب مناهج تعلم للتربية الجنسية في سوريا.
في حين أكد أحد الأكاديميين “علم اجتماع”: تنامي الشذوذ بين غير المثليين في سوريا، مع فصل الجنسين بعد مرحلة التعليم الابتدائي.
جميع الآراء موثقة ومسجلة عند المركز، بإمكانكم الحصول على باقي التقرير بعد فترة، لإضافة أي آراء حول مسودة المشروع في جزئه الأول، يرجى مراسلتنا على البريد الالكتروني:
وبدوره المركز مسؤول عن خصوصية المرسل وأسئلته وإضافاته.
للمؤسسات الإعلامية العربية أسعار خاصة. يرجى مراسلتنا على البريد الالكتروني التالي:
etccsy@hotmail.com