الإدارة المحلية تأمل وتطلعات//الجزء الاول//
بعد الانتخابات البرلمانية السورية “مجلس الشعب” والاستحقاق الرئاسي “الاستفتاء على ولاية دستورية ثانية للرئيس الأسد”. حدد وزير الإدارة المحلية والبيئة يوم 26/8/2007 موعدا نهائيا لانتخابات الإدارة المحلية في سوريا، بعد أن أصدر التعليمات التنفيذية يوم 23/7/2007، وموعد الترشيح ما بين يومي 25-31/7 /2007.
وقد وصل عدد المتقدمين بطلبات ترشيح لعضوية المجالس المحلية في كل المحافظات 32 ألف متقدما يتنافسون لشغل 9687 مقعدا.
هذا وتقسم الوحدات الإدارية في سوريا وفق قانون الإدارة المحلية إلى التالي:
1. المحافظة: وتشمل عدة مدن وبلديات
2. المدن: ويتجاوز تعداد سكانها 20000نسمة.
3. البلديات: ويتجاوز تعداد البلدية الواحدة 10000نسمة.
4. الوحدات الإدارية: التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية، حيث يحق لها انتخاب مجلس لها.
وتقسم إلى:
* وحدات الأحياء: يتجاوز تعداد سكانها 5000نسمة.
* القرى: التي يتراوح تعداد سكانها مابين “500-10000″نسمة
الجديد في انتخابات هذه الدورة:
عودة قائمة الجبهة والوطنية التقدمية بعد أن ألغيت في الدورة السابقة عام 2003. على أن تضمن قوائم الجبهة في هذه الدورة عدد مقاعد محددة لممثلي حزب البعث العربي الاشتراكي وغيرهم من أحزاب “الجبهة الوطنية التقدمية. ثمانية أحزاب” خارج إطار المنافسة مع المستقلين، بحيث تشكل نسبة 51% من المجالس، مع مراعاة المبدأ التنظيمي داخل الحزب الذي لا يحبذ منافـسة أعضاء الحزب الواحد خارج انتخابات هذا الحزب.
أهمية مجالس الإدارة المحلية:
يتصور العديد من مواطني الجمهورية العربية السورية أن كل القوانين والمراسيم والقرارات تتخذ من الحكومة المركزية في دمشق، لذا لا تنال هذه المجالس الحظوة الكبيرة من الاهتمام الشعبي، رغم أن غالبية قرارات المجالس البلدية ومجالس المدن هي التي تدير الحياة العامة في مناطقها وقطاعاتها.
فمجالس بلديات المحافظة هي المعني الأول في توجيه الاحتياجات الرئيسية للمواطنين، على أن يتم التناقش حولها من قبل مجلس المحافظة وبرعاية المحافظ ومن بعدها ترسل للوزارات المختصة التي تتبنى قرارات صرف الموازنات.
لذا من المفيد تشبيه مجالس الإدارات المحلية بدور القاعدة والركيزة الأولى في بنيان الجمهورية العربية السورية.
وعندما تنهار الركيزة أو الأساس تصبح جميع المؤسسات عاجزة، وتعم الفوضى في هياكل المؤسسات الإدارية والتنفيذية.
ومضة ضوء إدارية:
ماذا قدمت المجالس الإدارية والمجالس التنفيذية في محافظات الجمهورية العربية السورية خلال فترة الولاية الدستورية الأولى للرئيس د. بشار الأسد.
من الصعب شمل إنجازات هذه المجالس ومساواتها فيما بينها خاصة بين محافظة وأخرى، والسبب الناجم عن تفاوت الرقابة، واختلاف المعايير المراعية والناظمة للعمليات الانتخابية في كل محافظة على حدا.
فقد شهدت الولاية الدستورية الأولى مجلسي إدارة أحدهما منتخب عام 2003 والثاني منتخب زمان الرئيس الراحل حافظ الأسد.
فبعد وفاة الرئيس الأسد الأب لوحظ الحزن العام في شوارع سوريا، وأعلن الحداد العام، ولوحظ خلال فترة قياسية انتشار لافتات العزاء السوداء المقدمة بأسماء أغلب قيادات المجالس التنفيذية في المحافظات، كما انتشرت العديد من خيم العزاء التي تقدم فيها القهوة…
ومن اللافت توجه الرئيس د.بشار الأسد لقرار عدم صرف نفقات العزاء والخيم والشوادر واللافتات والصور من قبل موازنات الدوائر الرسمية، مما قدم روح مسؤولة بضرورة غياب ثقافة المزاودة من أجل التقرب للسلطة. مما دفع غالبية المجالس أن تسعى لتحقيق مستوى أعلى من الشفافية والمحاسبة.
فشهدت غالبية المحافظات حملة من الرقابة على مؤسساتها، مما دفع العديد من الموظفين والمستخدمين في القطاع الوظيفي الالتزام، خاصة مع إطلاق الرئيس عبارة الإصلاح والشفافية في خطاب القسم.
وشهدت الجمهورية العربية السورية انتخابات الإدارية المحلية الماضية عام 2003 التي ثبتت أقدام المجالس التنفيذية القائمة على دوائر ومؤسسات المحافظات. ولعل الناظر لها يدرك وبكل وضوح تدني الإنجاز الخدمي بصيغة شبه عامة في مختلف المحافظات السورية، والحديث عن أمثلة من المحافظات السورية التالية:
محافظات الجزيرة السورية:
المار في شوارع الحسكة والقامشلي والمالكية ورأس العين والقحطانية منذ ستة أعوام وحتى هذا العام لا يلاحظ أي تغيير يذكر فيها، والأمر على أسؤ في المناطق والبلدات والمدن التابعة لها، فنلاحظ غياب نشاط البلدية في جانب النظافة وكنس الشوارع ففي أغلب الأحيان تترك الأتربة بعد العجات “الرياح الخماسينية” دون تنظيف يتبعها، وحينما يأتي الشتاء تنصح بأن تنتعل جزمة كبيرة كي تتقي أثر الوحل، وفي كل دائرة حكومية تفاجئ بكم الموظفين الساعين لتنظيف نعالهم من الأوحال في المراحيض قبل الدخول لمكاتبهم.
أما في جانب التخديم الطرقي فيفاجئ مواطن القرن الحادي والعشرين عن غياب وصول الزفت لبضع القرى، وخاصة في الأرياف المجاورة لسنجار والقحطانية والقرى الحدودية التركية والعراقية.
طبعا الأمر لا يقتصر على أرياف الحسكة إنما يمتد لأرياف الدير والرقة، التي ساهمت العقلية العشائرية في غياب الخدمات عن عدة قرى استوطنت خلال فترة زمنية بسيطة. والأمر يمتد لنواحي النظافة وغياب تحقيق الصرف الصحي المعالج وانتشار جبال القمامة بين منطقة وأخرى.
ولعل أكبر فشل في المجالس البلدية في محافظات الجزيرة يتضح من خلال عدم مسارعة البلديات لتأمين احتياجات المواطنين المنكوبين هذا العام جراء فيضان نهر الخابور والسيول القادمة من تركيا، حيث أنفقت مواشي المواطنين وتخربت عديد من المنازل وتهشمت المحاصيل وتحولت الأراضي لمستنقعات، والأمر بالنسبة للمجالس البلدية بين بحقيقة عجزها وغياب مسؤليتها. خاصة وأنها لم توفر تبرير مقنع لتقاعسها، وفي حال برر البعض السبب بغياب الاعتماد المالية، فإنا نفاجئ هذا العام بأنه يطرح نفسه للترشح بدل أن يستقيل إزاء فشله أو اعتراضا على عدم تلبيته، كما يحصل في بعض الدول الساعية لتطوير هياكلها المؤسساتية.
طبعا هذا الفشل لن ينسينا ضعف أداء المجالس التنفيذية في درء الخلافات التي تسببت بين مشجعي نادي الفتوة ونادي الجهاد التي تسببت بأزمة بين القوميتين العربية والكردية، في محافظتي دير الزور والحسكة.
كما أن المجلس البلدي لم يتدخل جراء اعتصام السرافيس وسيارات الأجرة في مدينة القامشلي لعدم زيادة تعريفة نقلهم مع زيادة سعر تنكه المازوت “20ليتر” وتجاهلهم الحالي لزيادة تسعيرتهم من تلقاء نفسهم وبتغاضي الجهات الرسمية والمجالس البلدية.
محافظة إدلب:
لا تختلف كثيرا محافظة إدلب عن سوية محافظات الجزيرة، ولعل النسيج الديموغرافي القومي المتشابه وفر عناء مشاحنات وجدناها في الجزيرة، لكن المراقب لواقع إدلب يفاجئ بتدني مستوى التخديم الطرقي، والتراجع في الرقابة لتعجيل وتسهيل عمل الشركة الخاصة لأوتستراد “الطريق المزدوج المرور” أريحا- اللاذقية” وكأن الأمر امتد نحو بقية طرق المحافظة، فغالبية أرياف إدلب تعاني طرقها الرئيسية من الحفر وبخاصة الطرق الرئيسية الرابطة ما بين عقدة جسر الشغور- وحماة والغاب ودركوش وسلة الزهور.
فالمار من هناك يدرك وبكل وضوح غياب الرقابة التنفيذية على هذه الطرق من خلال كم الحفر ومساحاتها الكبيرة، بالإضافة لعدم دراسة المطبات ارتفاعاتها مع مختلف أحجاج السيارات.
وبالنسبة لقطاع البلديات على سبيل المثال:انضمت قرى جديدة واليعقوبية والملند إلى بلدية القنية ليصبح رئيس البلدية من هذه القرية على عموم المنطقة، وكم فرح الأهالي لدخول قراهم في التنظيم مما سيؤدي لزيادة أسعار منازلهم ووصول شبكة الصرف الصحي والتخديم الهاتفي والكهربائي. لكن رئيس البلدية استأثر بأغلب الخدمات لقريته، حيث لوحظ انقطاع الهاتف بشكل متكرر عن عدة منازل، بالاضافة لتأخر تزفيت الطرق لمدة تقارب العاميين في القرى المجاورة لقرية رئيس البلدية. ورغم تدخل الإعلام لتغطية هذا الأمر، ووصول الأمر وتكرر وصوله لمحافظ ادلب إلا أن الخطوات التنفيذية تأخرت.
كما أن شوارع جسر الشغور لم تشهد يوما يحمل عنوان نظافة عام، وجبال القمامة استمرت شامخة تناطح جبال السلسلة الغربية لبلاد الشام.
في حين ازداد تخلف قرة سلة الزهور والزاهرة… الواقعة في منطقة شرقي العاصي، ويعزي كثير من القيميين في البلديات السبب لثقافة البداوة عند أهالي هذه المنطقة.
محافظة اللاذقية:
لن نتدخل في مجال ملف الفساد الإداري الذي ذاع صيته في اللاذقية خلال العاميين الماضيين، والذي تطرق فيه البعض لإشكاليات تنفيذية ورقابة. إنما سنوصف الواقع الخدمي الذي يراقبة المواطنون وبشكل واضح من خلال تأخر تنفيذ مشاريع الطرق والأنفاق والجسرين والخلل التنفيذي لها، فنفق الكراجات القديمة يدعى بنفق الحوادث نتيجة زاوية ميله الغير مدروسة والقاسية وكثرة الحوادث فيها، ونفق هارون عرف باسم نفق البحيرة نتيجة الخلل في عزله من الأعلى “وللأمانة قامت الشركة المنفذة بتدارك هذا الخلل، بعد الهطول الأول الكثيف الذي أدى لتحول النفق لبحيرة تطفوا فيها السيارات. كما أن مشروع ساحة اليمن لم يكتمل حتى الآن…
ولوحظ هذا الصيف تراجع في عمليات مكافحة الحشرات الطائرة والزاحفة، وهو أمر لطالما سعت فيه البلدية لإثبات وجودها. حيث غيبت هذه المكافحة عن كثير من شوارع وأحياء المدينة وكثير من بلدياتها.
في حين شهدت طرقات المدينة الكم الأكبر في تاريخها من الحفر، وسعت البلدية والمحافظة للإسراع بعمليات التزفيت قبيل انتخابات الإدارة المحلية والاستفتاء الرئاسي هذا العام.
وكما في تاريخ مدينة اللاذقية الطويل تغيب التنظيم والتخطيط في توزيع الخدمات على الأحياء والشوارع ولطالما حفر الطريق ورصف بصورة متكررة مرة من أجل الهاتف ومرة من أجل الصرف الصحي ومرة من أجل….
ولوحظ هذا العام تعاون بين المجلس التنفيذي والقطاع المدني الجديد المتمثل في جمعيات المقعدين واصدقائهم وأطفال التوحد والجمعية العلمية البيئية.
محافظتي طرطوس وحماه وحمص:
تعد محافظة طرطوس وحمص الأفضل تخديما بين المحافظات، لكن المجالس البلدية في محافظتي طرطوس وحماه فقدت هيبتها أمام الشحن الطائفي في أحداث القدموس ومصياف عام 2005 بين الطائفتين الإسماعيلية والعلوية.
والأمر تكرر بين الطائفة السنية والعلوية في مدينة بانياس والقرى المجاورة لها عام 2006.
مما بين فجوة كبيرة في قدرة المجالس البلدية والمكاتب التنفيذية في فرض هيبتها وحضورها بين أبناء هذه المناطق، في حين تبين أن سلطة رجال الدين متفوقة على مؤسسات الدولة العلمانية في الجمهورية العربية السورية هناك.
في حين وفرت المجالس التنفيذية في محافظة حمص دور تشاركي فاعل بين القطاع الخاص والمحافظة من خلال تزين الطرق الرئيسية وجلب النخيل وخاصة خلال فترة تسلم المحافظ إياد غزال.
إلا أن المحافظة ومجالسها أصدرت عدة قرارات وتراجعت عنها ومنها وضع رسوم على المرشحين في انتخابات الدورة التشريعية التاسعة، بالإضافة لمنع وضع أكشاك بيع خبز إلا بصيغ معينة ومعايير جمالية وخدمية مميزة.