موازنة 2009…أسئلة مفتوحة في اقتصاد يتغير
موازنة 2009…أسئلة مفتوحة في اقتصاد يتغير |
بقلم: أيهم أسد باتت الحكومة السورية قاب قوسين أو أدنى من إصدار الموازنة العامة للدولة لعام 2009، وقدرت وزارة المالية الموازنة القادمة بـ680 مليار ليرة، بزيادة قدرها 80 مليار ليرة عن عام 2008، وبمعدل زيادة لا يتجاوز 13.3%، والملفت للنظر في موازنات الأعوام الثلاثة الماضية أن هناك تذيذباً واضحاً وكبيراً جداً في نسب زيادة الاعتمادات، وهو تذبذب لم تبرر الحكومة أسبابه الاقتصادية والاجتماعية، وهل أن ذلك التذبذب والتأرجح تابع لمتغيرات ومعطيات اقتصادية حدثت وسوف تحدث على أرض الواقع فعلياً؟ أم أنه مجرد تغير رقمي ظرفي يطرأ على بنود الموازنة العامة للدولة للدلالة على التغير بغض النظر عن أهمية وجدوى ومحتوى ذلك التغيير. زادت موازنة عام 2007 عن عام 2006 بنسبة 18.7%، وكانت المفاجأة في موازنة عام 2008 عندما لم تنمُ بأكثر من 2% عن موازنة عام 2007، ووصفت في حينها على أنها موازنة انكماشية، أصرت فيها الحكومة على سياسة “ضبط الإنفاق العام” وتحديداً الإنفاق الاستثماري الذي بدأت بالتخلي عنه رسمياً، أما الآن فإن التقديرات تشير إلى نمو في موازنة عام 2009 عن عام 2008 بنسبة 13.3%، فما الذي تغير جوهرياً في الاقتصاد السوري خلال السنوات الثلاث الجارية لتتغير النسب السابقة بتلك الطريقة المثيرة للتساؤل؟ علماً بأن التوجه الاقتصادي للحكومة لم يتغير أبداً؟ من ناحية ثانية، يبقى الرهان على الموازنة العامة للدولة ليس رهاناً مالياً بحتاً مرتبطاً بمعدلات الزيادة النقدية الاسمية فيها، بل بالزيادة الفعلية لهذه الموازنة، أي بالقوة الشرائية الفعلية لها، وهذا الموضوع مرتبط بشكل أساسي بمعدلات التضخم السائدة في الاقتصاد، وكيفية تأثيرها على القيمة الحقيقية للنقود، فما هي القيمة الحقيقية لزيادة قدرها 80 مليار ليرة تضخ في الأسواق العام القادم؟ وكم سيلتهم التضخم منها؟ وهل هذه المبالغ، برأي الحكومة، كافية لتحريك الطلب، أو جزء منه مثلاً؟ بالإضافة إلى ذلك، لا بُدَّ من معرفة مصادر زيادة موازنة الدولة، وإن كانت الضرائب والرسوم هي المصدر الرئيسي لتلك الزيادة، فمن سيدفع ويتحمل القسم الأكبر من تلك الزيادة؟ هل هم ذوو الدخل المحدود؟ هل هم أصحاب رؤوس الأموال؟ هل هو القطاع العام الاقتصادي؟ أم القطاع الخاص؟ إن الإجابة عن هذا السؤال ومعرفة مصادر، ونوعية زيادة إيرادات الموازنة يحدد إلى درجة كبيرة العدالة الضريبية التي تتمتع بها الحكومة، وخاصة إذا ما عرفنا أن وزارة المالية ملتزمة تماماً بما ورد في الخطة الخمسية العاشرة، حول تحقيق زيادة سنوية في الحصيلة الضريبية الإجمالية 10% كحد أدنى دون فرض ضرائب أو رسوم جديدة. أما في جانب الإنفاق فسيكشف هيكل الإنفاق في موازنة عام 2009 والأعوام القادمة، عن عمق واتساع سياسات التوزيع التي تتبناها الحكومة تجاه المواطنين، ومدى التزامها بتطبيق معايير وقيم اقتصاد السوق الاجتماعي الذي تبنته رسمياً منتصف عام 2005، الأسئلة كثيرة ومفتوحة حول موازنة عام 2009، وما بعدها، وخاصة في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها سورية حالياً. موقع مصادر الإلكتروني، 29/9/2008 |