التقرير الموازي للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان والفيدرالية الدولية
إن الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان (الجمعية) هي منظمة غير حكومية تاسست في 31 مايو 2001
وتتمثل أهم أهداف الجمعية في الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان وزيادة الوعي بمبادئ حقوق الإنسان ومراقبة انتهاكات حقوق الإنسان والتحقيق فيها وبذل كل الجهود الممكنة لحلها. ومنذ تأسيس الجمعية فإنها تولي اهتماما خاصا لقضية التعذيب كجريمة ضد الإنسانية. فقد اقامت الجمعية مركز الكرامة لعلاج ضحايا التعذيب والعنف وقامت اللجنة الطبية التابعة للجمعية بعلاج اكثر من 60 ضحية للتعذيب في مستشفى الحكومة.
وقد نظمت الجمعية ورشة عمل متخصصة لتاهيل ضحايا التعذيب. كما إنها رتبت دورات تدريبية لعدد من اطبائها الأعضاء في خارج البحرين لاكتساب المزيد من الخبرة والممارسة في مجال تأهيل الضحايا. وتنظم الجمعية في 26 يونيو من كل عام نشاطات جماهيرية للتوعية ودعم ضحايا التعذيب. وتدعو الجمعية إلى مصالحة وطنية لحل مشكلة التعذيب وتدعو الحكومة لمعالجة هذه المشكلة وإعادة تاهيل الضحايا وتعويضهم وتقديم مرتكبي التعذيب أمام القضاء والغاء التشريعات التي توفر حصانة لمرتكبي التعذيب.
إن الجمعية عضو كامل العضوية في المركز الدولي لتاهيل ضحايا التعذيب كما إنها عملت على تامين الدعم من المنظمات العربية والدولية الرئيسية لحقوق الإنسان مثل الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان واللجنة العربية لحقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان والحملة من اجل المحكمة الجنائية الدولية وغيرها.
إن تقرير الجمعية/الفيدرالية يتعاطى اساسا مع ما هو مهم في تقرير الحكومة:
1. معلومات اساسية حول مملكة البحرين.
أ. النظام السياسي
لا شك أن وصول صاحب الجلالة الشيخ حمد بن عيسى الخليفة إلى الحكم في 6 مارس 1999 مؤشر إلى مرحلة مختلفة عن سابقتها. لقد استلمت لجنة مناهضة التعذيب في دورتها عام 2000، تقريرا موازيا للجنة البحرينية للدفاع عن حقوق الإنسان (اللجنة)/الفيدرالية والتي عرضت انتهاكات واسعة لبنود الاتفاقية في المرحلة السابقة، والتي صدقت عليها حكومة البحرين في 1988. وقد لاحظت الجمعية والفيدرالية تغييرات ملحوظة منذ 1999 في تطبيق الاتفاقية واحترام ملحوظ لحقوق الإنسان وأحد مظاهره هو كون تقرير اللجنة/الفيدرالية قد اعد من قبل الجمعية المرخص بها في البحرين.
لقد كان هناك أمل أن تتعاطى التغييرات الدستورية والقانونية والمؤسساتية مع مترتبات المرحة السابقة وضمان أن يكون المستقبل خاليا من أية انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل المسؤولين الرسميين بما في ذلك الانتهاكات لاحكام الاتفاقية. لا شك أن جلالة الملك قد اطلق المشروع الإصلاحي بالتوافق مع شعب البحرين لكن المشروع لايزال في مراحله الأولى ويواجه عقبات كأداء وتردد الدولة، ولهذا فليس صحيحا القول أن مملكة البحرين اضحت مملكة دستورية. وفيما اشاد صاحب الجلالة الملك بالانجازات فقد اكد الحاجة إلى تشريعات واصلاح الدولة لضمان حريات الناس وتعزيز حقوق المواطن, ولقد شدد على ذلك في عدة مناسبات اخرها في خطاب افتتاح الدور التشريعي الثالث من الفصل التشريعي الاول لمجلس النواب في الأول في أكتوبر 2004.
وفيما تشكل هذه خطوات إلى الامام فانها ليست كافية وتحتاج إلى تعزيز. إن كلا من الجمعية والفيدرالية لازالتا قلقتين لعدم إصدار تشريع يحرم التعذيب واستمرار اضفاء الحصانة على من ارتكبوا أعمال التعذيب. وتطالب الجمعية بايجاد ضمانات تشريعية واصلاح المؤسسات المعنية واتخاذ اجراءات لجبر ضرر الأشخاص الذين تعرضوا للانتهاكات.
الإطار القانوني لحماية حقوق الإنسان:
1. ميثاق العمل الوطني (الميثاق).
فيما تم إقرار الميثاق بأغلبية 98.4% من المقترعين رجالا ونساءا وبالتالي يشكل عقدا ساميا بين الحاكم والمواطن، لكن التفسيرات والاجراءات اللاحقة من قبل الدولة بحجة تخويل الميثاق لها قد خلق حالة من الانقسام العميق بين الدولة ونصف المواطنين على الأقل مما جعل البلاد في حالة أزمة سياسية.
2. دستور المملكة:
إن دستور المملكة الصادر في 2002 قد اضعف قدرة المشرعين على سن التشريعات ومراقبة الدولة وحماية السكان من انتهاكاتها وإنصاف الضحايا وخلق بيئة افضل لحماية وتعزيز حقوق الإنسان.
إن مراسيم القوانين الصادرة المناط بها انفاذ الدستور لا تشكل ضمانات ضد انتهاكات الدولة، كما إنها تسد الطريق امام إنصاف ضحايا الانتهاكات السابقة. إن ذلك يشمل أيضا المؤسسات مثل المجلس الوطني والقضاء والمحكمة الدستورية والنيابة العامة وسلطات إنفاذ القانون.
إجراءات غير كافية لمكافحة العنف الاسري:
وفيما يخص العنف الأسري والذي هو ظاهرة في مملكة البحرين، فإن الحكومة مترددة لإصدار قانون الأسرة بالرغم من النداءات المتكررة للجمعيات النسائية والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان. لقد ساومت الحكومة على قانون الأسرة لإرضاء مطالب رجال الدين، وبالتالي أجهضت تشريع قانون الأسرة مقابل صيغة رجال الدين الغامضة.
وقد رحبت الجمعية بقرار وزارة الداخلية لإقامة ملجأ للنساء المعنفات. إن منظمات المجتمع المدني قد دشنت حملة لوضع حد للعنف والانتهاكات ضد المرأة البحرينية وقد أقامت عيادة لعلاج النساء المعنفات, لكنها لا تملك السلطة القانونية للحسم في هذه القضايا ولا الموارد لاقامة مؤسسة تعني بالنساء المعنفات (مواطنات واجنبيات) حيث ان عاملات المنازل هن ضحايا هذه الانتهاكات بشكل خاص.
التظاهر بالاستماع للمجتمع المدني:
إن الحكومة لم تنفذ حتى الآن توصيات الورشة الوطنية لخطة وطنية لحقوق الإنسان التي عقدت في 14-15/4/2004، حيث شارك مسؤولون حكوميون إلى جانب ممثلي المنظمات غير الحكومية. كما أن الحكومة لم تنفذ حتى الآن توصيات ورشة مناهضة العنف ضد المرأة والتي نفذها التحالف المجتمعي البحريني لمناهضة العنف ضد المرأة ومنظمة العفو الدولية. لقد عقدت الورشة تحت رعاية المجلس الأعلى للمرأة, وفي كلمتها الافتتاحية قدمت الأمين العام للمجلس السيدة لولوة العوضي اعتذارات وتبريرات دون أن تحدد الموقف الرسمي أو خطة تجاه ذلك.
من خلال الممارسة فان الحكومة تكرر رغبتها في الشراكة مع المنظمات غير الحكومية وهو أمر إيجابي لكنه يتطلب ترجمة إلى إجراءات محددة.
اما بالنسبة للتمييز ضد المرأة فان مملكة البحرين طرف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ” سيداو”، لكن تقريرها إلى اللجنة المختصة قد تأخر. ولقد كان أمرا إيجابيا اشراك المجلس الأعلى للمرأة للمنظمات غير الحكومية ومنها جمعيتنا في صياغة تقرير مملكة البحرين، لكننا لا نعرف الصيغة النهائية لهذا التقرير.
تشريعات جديدة تحبط حقوق الإنسان:
إن صدور المراسيم رقم 10/2000 و4/2001 و11/2001 هو إجراء مهم لالغاء تشريعات ومؤسسات أسهمت في انتهاكات متواترة لحقوق الإنسان وأهمها التعذيب في المعتقل، والقتل خارج نطاق القانون والنفي القسري لكن التشريعات الجديدة ومنها قانون الصحافة والنشر ومشاريع قوانين جديدة مثل قانون التجمعات والمواكب، وقانون التنظيمات السياسية وقانون مكافحة الإرهاب تشكل تهديدا للحقوق المدنية وبالتالي قد تسوغ انتهاكات حقوق الإنسان. أن تجربة الولايات المتحدة واليمن وباكستان تبين انه من خلال الحملة ضد الإرهاب فقد جرت التضحية بحقوق الإنسان.
1. احترام حقوق الانسان:
الفجوة ما بين الضمانات الدستورية والقوانين المنظمة لها:
أن الضمانات لاحترام حقوق الانسان والحقوق والحريات العامة والتي نص عليها دستور 2002 اشترطت ممارسة هذه الحقوق بتشريعات لاحقة. أن التشريعات القائمة مثل قانون العقوبات وقانون المطبوعات وقانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الجمعيات والقوانين المتوقعة مثل قانون التجمعات والمواكب وقانون مكافحة الارهاب وقانون التنظيمات السياسية وغيرها تحبط الحقوق الدستورية. أن القوانين المعنية مثل قانون اجراءات المحاكمات الجنائية وقانون العقوبات لا توفر ضمانات لحماية المتهمين وخصوصا الحماية من التعذيب واساءة المعاملة. اضافة إلى ذلك فإن السجون والمعتقلات في البحرين لا تخضع لرقابة القضاء.
تحريم التعذيب:
لم تشرع مملكة البحرين او تعدل تشريعاتها بحيث تفعل الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب بل على العكس من ذلك فالمرسوم رقم 56/2002 سد الطريق امام انصاف ضحايا التعذيب ومنح الحصانة لمن ارتكبوا أعمال التعذيب من المسؤولين.
أن جهود الضحايا ومحاميهم لاحقاق العدالة وانصاف الضحايا قد احبطت بسبب مرسوم قانون 56/2002. بتاريخ 11 سبتمبر 2002 قامت مجموعة من المحامين، ممثلين عن بعض ضحايا التعذيب بمحاولة تسجيل دعوى لدى مكتب النيابة العامة لكن طلبهم رفض, كما أن محاولة ثانية لتسجيل الدعوى لدى المحاكم البحرينية قد فشلت ايضا بحجة أن مرسوم 56/2002 يحول دون مساءلة المسؤولين المتهمين بالتعذيب.
قدمت ثلاث عرائض تطالب بالغاء المرسوم بقانون 56/2002 وانصاف ضحايا التعذيب إلى الديوان الملكي خلال عام 2003 دون نتيجة تذكر. وقد تبنت الجمعية اثنتان من هذه العرائض، الأولى وقعت عليها الجمعيات الاهلية والثانية وقع عليها ما يزيد عن 8 الاف مواطن أما الثالثة فقد وقع عليها ما يزيد على 33 الف مواطن.
وحتى الآن فلم يجر إصدار أي تشريع لتنفيذ المادة 19 من الدستور التي تحرم التعذيب فلم يتم وضع اجراءات قضائية للتحقيق والادعاء على المهتمين ولم يتم وضع آلية لتتبع ادعاءات التعذيب والتحقق منها.
ادعاءات بالتعذيب:
في الحقيقة فانه بالرغم من حدوث العديد من حالات الموت في المعتقل في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وقرار اللجنة الفرعية لحقوق الانسان في دورتها 49 في أغسطس 1997 والاحتجاجات العالمية الواسعة، فان السلطات البحرينية لم تجر أي تحقيق بشأن ادعاءات التعذيب في المعتقل، وحتى بعد ان أضحت طرفا في الاتفاقية في 1998.
معاملة الإنسان في المعتقلات:
وبالرغم من عدم ممارسة التعذيب المنهجي في المعتقل فقد شن المحكومون الجنائيون إضرابات متكررة خلال السنوات الأربع الماضية احتجاجا على المعاملة المهينة واللاإنسانية في السجن. وقد طالبت جمعيتنا مرارا وتكرارا بزيارة سجن جو المركزي وغيره من المعتقلات ولم يتم الاستجابة لها من قبل وزارة الداخلية لحد الان.
أن غياب الرقابة القضائية على السجون والمعتقلات وغياب رقابة منظمات حقوق الإنسان عليها يجعل الانتهاكات في السجون والمعتقلات ممكنة.
في ابريل 2001 دربت وزارة الداخلية بعض الضباط المعنيين بالتحقيقات وإدارة السجون على ممارسات حقوق الإنسان تجاه المتهمين حيث أسهمت جمعيتنا في تنظيم هذا التدريب, وفيما يعد ذلك أمرا إيجابيا لكنه غير كاف لأنه يتطلب عدة إجراءات للتنفيذ بحيث يصبح تحريم التعذيب هو السائد.
4. ضمانات استقلالية القضاء:
يتوجب اتخاذ إجراءات لضمان جعل القضاء كفؤا ومستقلا وموثوقا به. لقد رفض القضاء حتى الآن جلب المتهمين بممارسة التعذيب والقتل خارج نطاق القانون أمام المحاكم. ولم تسجل إلا حالة واحدة تتعلق بالقتل خارج نطاق القانون وهي مقتل الشاب محمد الشاخوري على ايدي قوات مكافحة الشغب قرب السفارة الامريكية.
ونود تذكير الحكومة نظرا لكونها منظما إلى جانب الولايات المتحدة الامريكية للمنتدى العربي الأول للقضاء في الفترة ما بين 15-17 سبتمبر 2003 بتنفيذ توصياته بما في ذلك تدريب القضاة واستقلالية القضاء وتحديث التشريعات لتتوافق مع القانون الدولي.
3. الآليات الدولية لحقوق الإنسان:
صدقت مملكة البحرين على اتفاقيات دولية لحقوق الإنسان (راجع التقرير الحكومي) ولكن يتوجب التصديق على الاتفاقيات الأساسية مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ونظام روما للمحكمة الجنائية الدولية والبرتوكولات الملحقة كما يتوجب على مملكة البحرين رفع تحفظاتها عن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.
كما نعبر عن قلقنا كون مملكة البحرين لم تعدل تشريعاتها بحيث تتوافق مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان. وهذه خطوة ضرورية لمعالجة آثار الماضي والسير قدما نحو المستقبل.
اننا نامل أن يكون تقرير مملكة البحرين المقدم في الدورة الحالية الى لجنة مناهضة التعذيب اقل خطابية واكثر موضوعية. أن الحكومة لم تنشر تقريرها هذا وقد حصلت جمعيتنا على النسخة العربية لهذا التقرير في 19 مارس 2005 بطلب منها.
عدم القيام بحملة إعلامية للتعريف بمواد الاتفاقيات حول حقوق الإنسان:
إن نشر نص اتفاقية مناهضة التعذيب في البحرين قد اقتصر على الجريدة الرسمية وهي توزع فقط للمشتركين وليست وسيلة إعلامية جماهيرية, إن نشر المعلومات والتوعية حول الاتفاقية يتطلب اكثر من ذلك بكثير.
نظريا فان الاتفاقية اكتسبت قوة القانون، لكنها عمليا ليست كذلك، فحكومة البحرين لم تضع حلولا لحل المشاكل المترتبة على التعذيب.
هناك تطور ايجابي يتعلق بمنظمات حقوق الإنسان حيث جرى قانونيا تسجيل الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان وغيرها، أما فيما يتعلق باللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب فيجري غض النظر عنها لكن المؤسف حل مركز البحرين لحقوق الإنسان بامر وزاري وعدم التعاون مع اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب والتي تمثل المئات من الضحايا وعائلاتهم.
إن الجمعية واللجنة قد شنتا حملة للتوعية بالاتفاقية وجمعتا ما يزيد على 33 ألف توقيع على عريضة موجهة لصاحب الجلالة الملك سلمت لجلالته تضمنت المطالبة بألغاء مرسوم بقانون 56/2002 وإنصاف ضحايا التعذيب والقتل خارج نطاق القانون، دون فائدة. صحيح أن المنظمات غير الحكومية تعمل بجدية على نشر المعلومات حول الاتفاقيات والآليات الدولية لحقوق الإنسان وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ولكنه بتعاون قليل من الدولة.
نحو تعاون اوثق بين الحكومة والمجتمع المدني:
لقد طلبت الجمعية من مجلس الوزراء والوزارات الأخرى المعنية التعاون من اجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان ونشر ثقافة حقوق الإنسان. لقد حصلت الجمعية على دعم منظمات عربية ودولية لحقوق الإنسان مثل الفيدرالية والعفو الدولية والمعهد العربي لحقوق الإنسان والتحالف من اجل المحكمة الجنائية الدولية وغيرها. ولقد نجحنا في تنظيم ورشة لضباط وزارة الداخلية حول المستويات الدولية لإنفاذ القانون.
ولقد شاركت بعض الوزارات في ندواتنا وورش عملنا بإرسال موظفين عنها لكن المطلوب اكثر من ذلك، بدءاً بإقرار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتي اقرت في ورشة عقدت في 2004 بتنظيم من الجمعية وحضرها ممثلون للمجتمع المدني ومسؤولون حكوميون. لقد رفضت وزارة الإعلام عرضنا بتقديم برنامج شهري في الإذاعة والتلفزيون حول حقوق الإنسان. وقد اقرت الحكومة مؤخرا قانونا لإدماج حقوق الإنسان في المناهج الدراسية. ولا زالت جمعيتنا تنتظر الموافقة على فتح فرع في البحرين للمعهد العربي لحقوق الإنسان لخدمة البحرين ومنطقة الخليج عموما.
لقد رفضت الحكومة منح ترخيص للمنظمة الدولية لمراقبة الانتخابات (ايفيس) لأنها انتقدت تقسيم الدوائر الانتخابية.
ثانيا: التعليق على مواد الاتفاقية:
أ. المادة 1
استند تقرير الحكومة على ميثاق العمل الوطني والمواد 19 و 20 فقرة د من الدستور وحسب ما جاء في التقرير فان هذه المواد تحرم التعذيب. وهذه نقطة إيجابية جرى النص عليها في معظم دساتير العالم.
وفيما يتعلق بالعقوبة أشار التقرير إلى المواد 208 و 232 من قانون العقوبات.
ترى الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ما يلي:
– أن العقوبات لارتكاب جريمة التعذيب في هذه المواد أما غير واضحة أو غير كافية.
– أن قانون العقوبات لا يوضح ماهية التعذيب.
– أن تحديد الحد الأدنى للعقوبة بستة اشهر لا يردع ممارسة التعذيب.
– أن قانون العقوبات لا يحدد درجة انتهاك السلامة الجسدية، هل هي جروح بسيطة أو جروح كلية أو إعاقة. كما انه لا يحدد العقوبة للتعذيب الجسدي والنفسي.
– يتوجب إدراك أن التعذيب المنهجي لا يمارس في سجون البحرين منذ بداية عهد الإصلاح الذي دشنه جلالة الملك. لكن التعذيب المنهجي كان سائدا في الماضي، حيث تعرض له آلاف المعتقلين السياسيين في المعتقلات.
لقد حرم المعتقلون (في السبعينات والتسعينات أساسا) من الحق في توكيل محامين وان يحاكموا أمام محاكم مستقلة، حيث جرى محاكمتهم أمام محكمة أمن الدولة والتي كانت تعقد جلساتها في أماكن خاصة وفي غياب الجمهور، ولم تكن تعطي أي اعتبار لشكاوى المتهمين بالتعرض للتعذيب.
والاهم من ذلك انه لم يكن هناك من قانون يتيح لضحايا التعذيب وأهالي القتلى بسبب التعذيب أن يحصلوا على تعويض أو تأهيل. أن المرسوم 10/2001 والمرسوم 56/2002 يساويان بين الضحية والجلاد حيث حصل كلاهما على العفو الملكي. لدى فان هذه القوانين تحرم ضحايا التعذيب من أية فرصة لمقاضاة معذبيهم في المحاكم، وان يحصلوا على التعويض والتأهيل. هذه المشكلة تسبب توترا مستمرا بين الحكومة والشعب.
إضافة إلى ذلك فان هذه القوانين تناقض الأهداف الأساسية لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من المعاملة أو العقاب القاسي اللاإنساني والحاط بالكرامة.
المادة:2
كما في القسم السابق، فان تقرير الحكومة يستند إلى المادة 19 فقرة (د) اضافة إلى الفقرة (ب) من ذات المادة.
من المهم ذكره هنا أن السلطة التنفيذية مسؤولة عن أي فعل تعذيب ارتكب في الماضي في جهازالشرطة، وان ما يترتب على فعل التعذيب لا يسقط بمرور الزمن, ومن هنا فان قانون رقم 10/2001 ومرسوم قانون 56/2002 يتعارضان مع مبادئ حقوق الإنسان وروح الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
صحيح انه منذ وصول صاحب الجلالة الملك إلى الحكم فان أيا من المعتقلين لم يتعرضوا إلى تعذيب منهجي. لكن الجمعية تلقت عدة شكاوي بالتعرض لإساءة المعاملة من قبل سجناء الضمير وغيرهم من السجناء.
تسجل الجمعية أن ما جرى خلال الحقبة السابقة شمل ما يلي:
– وضع الشيخ عبد الأمير الجمري تحت الإقامة الجبرية في منزله بعد إطلاق سراحه في نهاية التسعينات من القرن الماضي.
– حجزت وزارة الداخلية جوازات العديد من المعارضين السياسيين وحرمتهم من السفر في الثمانينات والتسعينات.
– سحبت جوازات السفر والجنسية البحرينية من بعض من جرى نفيهم وبقوا في الخارج سنوات. لقد فقد هؤلاء وظائفهم وحقوقهم كمواطنين. وبعد عودتهم إلى الوطن فلا يزال العديد من هذه العائلات عاطلا عن العمل وبدون مساكن.
ترفض الحكومة إجراء تحقيق حول ممارسات التعذيب والاعتقال التعسفي وغيره. وبالرغم من عدم وجود أي نص في التشريعات الوطنية يبرر التعذيب تحت أية ظروف أخرى فان ذلك غير كاف ويتوجب إصدار تشريع ينص بأن حالة الطوارئ لا تبرر التعذيب.
كما أن القانوني لا يعطي حصانة للمسؤولين الحكوميين من الملاحقة القانونية، لكن واقع الحال هو وجود الحصانة بموجب القانون 56/2002 إضافة إلى ذلك فان وزارة الداخلية لازالت مسؤولة عن التحقيق. فإذا ما وصلت قضية للنيابة العامة يتم الادعاء أن الضحية قد استخدم العنف في مقاومة الاعتقال.
لاشك أن السلطة التنفيذية تبدي كثير من المرونة والتعاون مع الجمعية مقارنة بالماضي. لكن بعض السلطات وخصوصا وزارة التعليم مثلا لا زالت ترفض التعاون مع الجمعية في تدريب المعلمين على مبادئ حقوق الإنسان.
أما وزارة الداخلية وبفضل إنشاء لجنة لحقوق الإنسان فيها، فقد تمكنت الجمعية من تسوية الكثير من الشكاوى حول انتهاكات حقوق الإنسان. كما انه بالتعاون مع المعهد العربي لحقوق الإنسان فقد قامت بتنظيم ورش تدريب للضباط المسؤولين عن إنفاذ القانون.
وبالرغم من وعود وزارة الداخلية بالسماح للجمعية أو أية منظمة محلية لحقوق الإنسان بزيارة السجون وأماكن الاعتقال للتحقيق في أوضاع حقوق الإنسان في هذه الأماكن (انظر القسم الأول والثاني من تقرير أوضاع حقوق الإنسان في البحرين الصادر من قبل الجمعية). فلا زالت الجمعية تنتظر تنفيذ الوزارة لوعودها.
في الحقيقية فانه سمح للجمعية بزيارة معتقلين معينيين للاطمئنان على أن أوضاع اعتقالهم الإنسانية مقبولة، كما زارت سجينا بريطانيا محكوما بطلب من والده، ولكنه لم يسمح لها التحقيق في أوضاع السجون ككل.
الإجراءات المتخذة للتعامل مع جريمة التعذيب:
أن إنشاء لجنة لحقوق الإنسان في وزارة الداخلية وأخرى في وزارة الخارجية تطور إيجابي لكن هاتين اللجنتين تتعاملان مع قضايا ضمن صلاحيات الوزارتين وليس بصلاحية وطنية فمثلا اللجنة في وزارة الخارجية تتعاطى مع أوضاع البحرينيين في الخارج مثل معتقلي جونتنامو أو غيره. أما لجنة وزارة الداخلية تتعامل مع شكاوى مثل تلك المتعلقة بالجوازات والاعتقال وغيرها.
من هنا فانه ليس من صلاحيات هاتين اللجنتين تعميم المعلومات حول حقوق الإنسان أو توعية الجهود بحقوق الإنسان. وقد شاركت هاتين اللجنتين بمثليين عنهما في بعض الورش التي نظمتها الجمعية.
لا توجد هيئة وطنية لحقوق الإنسان وللأسف فقد رفض مجلس النواب في مارس 2005 إقامة هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان حسب مبادئ باريس.
أن الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان هي من بين جمعيات تأسست منذ 2001 بموجب القانون 21/1989 والذي ينظم نشاطات جميع المنظمات غير الحكومة بما في ذلك المنظمات السياسية والأندية ويفرض قيودا عديدة على المنظمات غير الحكومية. انه يعطي وزيرة الشئون الاجتماعية سلطات واسعة للتدخل في الشئون الداخلية للمنظمات واستنادا إلى هذا القانون جرى حل مركز البحرين لحقوق الإنسان.
انه من الضروري والمفيد أن يجري تضمين مواضيع حقوق الإنسان في مساقات تدريب الضباط وضباط صف الأمن. وسنكون مسرورين لو عرفنا ما هي موضوعات حقوق الإنسان هذه. إضافة إلى ذلك فهناك العديد من أفراد الشرطة لا يتكلمون العربية ومستواهم التعليمي متدن. من هنا فإننا متمنيين إذا عرفنا كيف ستتعاطى وزارة الداخلية معهم. وبكلمات أخرى هل تصدر وزارة الداخلية تعليماتها لهؤلاء بلغاتهم الوطنية ؟ هل تصدر مواد مطبوعة مبسطة يستطيع الإنسان العادي في دورات الشرطة فهمها؟ هل تثقف السجناء حول حقوقهم الإنسانية ؟ هل تبذل جهود كافية لتامين الحقوق الإنسانية للمرأة وحقوق المعتقلة ؟
المواد: 3 – 5 – 6 و 8
في هذا الصدد فانه فيما يخص الاتفاقيات الثنائية والإقليمية، يتوجب إعطاء أهمية لتبادل المطلوبين والمحكومين، خصوصا انه يتم القيام بذلك في الكثير من البلدان تحت حجة مكافحة الإرهاب حيث تعطي الحكومات لنفسها الحق في انتهاك مبادئ حقوق الإنسان إضافة إلى ذلك فانه يلاحظ أن السجناء الأجانب في سجون البحرين يواجهون صعوبات كثيرة في السجون والمعتقلات، وبعضهم لا يستطيع الاتصال بسفاراتهم وعائلاتهم.
المادة: 9
إن التعاون الدولي حول القضايا الجنائية متضمن في القانون البحريني
لكن التنفيذ انتقائي. انه وبالرغم من إعلان وزارة الداخلية إنها طلبت من الانتربول استعادة المطلوب العقيد السابق عادل جاسم فليفل المتهم في جرائم الاحتيال والتعذيب، فلم يتم ذلك فيما كان السيد فليفل يجري المقابلات مع وسائط الإعلام من سكنه الجديد في استراليا والتي هرب إليها في 5 مايو 2002. وبالرغم من كونه تحت التحقيق وممنوع من السفر عاد السيد فليفل إلى البحرين في سبتمبر 2003 لكنه لم يتم اعتقاله أو حتى توجيه اتهام رسمي له.
المادة: 10
نرحب ببرنامج وزارة الداخلية، رغم إننا لا نعرف تفاصيله. لقد نظمت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان دورة تعليمية لضباط الأمن حول مستويات حقوق الإنسان خلال الفترة 17-21 أبريل 2004، ونحن مستعدون لعمل الكثير متى ما طلبت الوزارة ذلك. إن فتح مكتب للمعهد العربي لحقوق الانسان سيسهم في تحقيق هذه المهمة وغيرها.
المادة: 10 الفقرة 97
فيما نشيد بتعامل وزارة الداخلية مع الاحتجاجات السلمية، فقد لاحظنا أن قوات مكافحة الشغب استخدمت القوة الزائدة في التعامل مع احتجاجات سلمية مثل تلك التي استخدمت ضد المحتجين على اعتقال الحقوقي عبد الهادي الخواجة عند دوار مدينة حمد الأول في 30 أكتوبر 2004 وذات الشيء يصح على التعامل مع المظاهرة المتضامنة مع الشعب العراقي في 14 أغسطس 2004. وفيما أدانت المحكمة قوات مكافحة الشغب في مقتل الشاب محمد الشاخوري خلال الاحتجاجات أمام السفارة الأمريكية، فان الوزارة لازالت تمانع في تنفيذ الحكم من خلال استئنافاتها المتكررة ولم تنفذ حكم المحكمة حتى الآن.
المادة: 11
فيما نشيد بالتحسن في إجراءات وأسلوب القبض والاستجواب والاعتقال، فان لدينا تحفظات على اعتقال مواطنين يمارسون حقهم في حرية التعبير مثل أولئك الذين اعتقلوا وهم يجمعون تواقيع على عريضة مقدمة إلى جلالة الملك حول القضية الدستورية وأولئك ذوي العلاقة مع الموقع الإلكتروني (بحرين اون لاين). لقد جاء إطلاق سراح المجموعة الأولى بأمر ملكي وفي كلا الحالتين فانه لم يكن لدى النيابة العامة قرائن مادية لتقديمهم إلى المحاكمة.
المادة: 13
إضافة إلى الحالات التي استخدمت فيها الشرطة القوة المفرطة وإساءة معاملة المتهمين في المحتجز، فانه وحسب علمنا لم تتخذ إجراءات ضد المنتهكين. أن الضابط الذي قاد قوات مكافحة الشغب والتي سحقت المظاهرة المؤيدة للعراق حيث جرى الاعتداء على رجال دين بارزين وجرح عضو المجلس البلدي السيد جواد فيروز في رأسه، معروف ولم يتخذ إجراء بحقه رغم أن الحادث أدى إلى إقالة وزير الداخلية السابق الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة.
وفيما يتعلق بالتعذيب وإساءة المعاملة في المعتقل فقد أمنت الدولة الحصانة للمتهمين بممارسة التعذيب من خلال المرسوم 56/2002 ونحن لا نعرف حتى عما إذا جرى صرفهم من الخدمة.
المادة: 14
لقد جرى سد الطريق على حق ضحايا التعذيب في السعي لجبر الضرر والحصول على تعويض وإعادة التأهيل من خلال المرسوم 56/2002. أن الدولة لم تعترف أبدا بمسئوليتها الأدبية والمادية لعشرات ممن جرى قتلهم خارج نطاق القانون وبعضهم توفي تحت التعذيب، وضحايا التعذيب وإساءة المعاملة برفض محاكم البحرين حتى تسجيل أو التعامل مع القضايا المتعلقة بالتعذيب والتي تقدم بها ضحايا التعذيب أو محاميهم. ولذى نرى أن تتعاطى لجنة مناهضة التعذيب مع القضايا المقدمة إليها حسب اختصاصها.
المادة: 15
بالرغم من إلغاء صاحب الجلالة الملك لقانون أمن الدولة وقانون محكمة أمن الدولة، حيث كانت الاعترافات تحت التعذيب تستخدم كقرائن لإدانة المئات من المتهمين، فانه لم يجر تعويض هؤلاء للأحكام الباطلة قانونا الصادرة ضدهم.
المادة: 16
إن تحقيق العدالة بحق أولئك الذين ارتكبوا أعمال التعذيب وغيره من المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة ضروري لردع الآخرين لكي لا يكرروا ذات السلوك.
التوصيات:
أن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان تناشدان حكومة البحرين بما يلي:
– الغاء مرسوم بقانون 56/2002 وتقديم المتهمين بممارسة التعذيب للعدالة.
– جبر ضرر ضحايا التعذيب والاعتراف معنويا وماديا بمسؤليتها وتقديم تعويض عادل لهم وإعادة تاهيلهم.
– تجنب منح الحصانة وذلك بالقيام منهجيا بجلب الجناة بجرم التعذيب والعنف أمام العدالة.
– التصديق على الاتفاقيات الدولية الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنسان والبروتوكولات الملحقة.
– إصدار تشريع وطني واقامة مؤسسات تتماشى مع المستويات الدولية.
– تعزيز التعاون مع منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني وضمان التنفيذ الكامل لالتزاماتها المترتبة على الاتفاقية.