كتاب الى رئيس منظمة الشفافية: الفساد الشر الأساسي في عصرنا
أعطته له منظمة الشفافية الدولية التي أسسها عام 1993 بعد عمله الطويل مع البنك الدولي إذ قالت ”الفساد هو استغلال السلطة من اجل المنفعة الخاصة.وقال إيجن ”الفساد يمثل الشر الأساسي في عصرنا وهو يكشف عن وجهه القبيح في كل مكان ويكمن في جذور كل المشكلات ذات الأهمية تقريبا أو يحول دون حلها على الأقل
ويحدث آثاره المدمرة في مناطق العالم الفقيرة حيث يدع الكثير من ملايين البشر أسرى البؤس والفقر والمرض والصراعات وأشكال الاستغلال الوحشية المتجبرة.وقد جاء الكتاب في 387 صفحة متوسطة القطع اشتملت على ملاحق وفهارس تناولت الفساد ونصوصا موثقة ومواد مختلفة ومن ذلك ملحق انطوى على ”خريطة الفساد العالمية” التي شملت أنحاء العالم. وترجم الكتاب محمد جديد عن الألمانية وراجعه الدكتور زياد منى وصدر عن دار قدمس للنشر والتوزيع.
تحدث إيجن عن نفسه فقال ”لقد قضيت حياة عملي قبل كل شيء في المصرف الدولي وهو تلك المنظمة الائتمانية الدولية التي تساعد البلدان الفقيرة على نطاق العالم كله بالقروض من أجل تنميتها الاقتصادية والاجتماعية. غير أن كلمة
”الفساد” لم يكن لها وجود في الاستعمال اللغوي الرسمي في المصرف الدولي. والحق إننا كنا نعلم أن الرشوة في كل مكان وما زالت حتى الآن وكنا نعلم أيضا أنها تعوق كثيرا من مجهوداتنا التنموية إن لم تكن تجعل نجاحنا مستحيلا إطلاقا. ومع ذلك فلم نكن نتحدث في ذلك إلا في الخفاء إذ لم يكن يجوز التعرض له من حيث كونه موضوعا للعمل الجدي بل كان من المحرمات.
”ولم يكن المصرف الدولي نفسه يتعرض للمساس به في هذا الصدد بحال من الأحوال ومع ذلك فقد كان يتعامى عن مسألة أن كل برنامج إنمائي كان يسانده تقريبا كان يتعرض للتشويه بسبب واقع فاسد وكانت مبالغ طائلة تنتقل إلى الجيوب الخاصة للساسة والموظفين. وكانت المؤسسات الغربية تكتسب الثروة بوساطة تكليفات تكلف مبالغ طائلة ولم تكن لها ضرورة.”
وأضاف ”ولذلك فحين حاولت الالتزام بالعمل في الإطار الخصوصي ضد الفساد حظر ذلك علي أيضا بموجب مذكرة رئيس المصرف الدولي كونابل.” وقال ”ما زلت حتى اليوم أحترم وأقدر المصرف الدولي ولا أندم أبدا بصدد الانتماء إليه كل هذا الوقت الطويل وأصبحت واحدا من العاملين فيه بدافع الاقتناع بالمساعدة على الوصول إلى عالم أفضل والآن أغادر بدافع الاقتناع ذاته بعد 25 سنة قبل الأوان وقد أسست في أيار(مايو) 1993 مع بعض الأصدقاء والمقاتلين معي القلائل من كل أنحاء العالم المنظمة غير الحكومية ”الشفافية العالمية” للكفاح ضد الفساد السائد في كل مكان. وكان المنطلق يبدو عام 1993 متكدرا إذ لم يكن يجري الحديث عن الفساد في السياسة ولا في المجتمع ولا في الاقتصاد. وفي هذا الإطار بات الاقتصاد خاصة أسير حلقة شيطانية وكانت الصيغة الدارجة تفيد أنه لا عقد ولا تكليف من دون وجود الفساد وكل من يحاول الخروج من هذه المعضلة يمكن أن يصل بمشروعه إلى حافة الخراب.قال إن الكلام الذي يتردد عن أن الفساد والرشوة أصبحا تقليدا من تقاليد العالم الثالث ليس بعيدا عن الواقع لكن هناك بلدانا ومنها ألمانيا مثلا كانت تسمح بالرشا ”ليس فقط بالإخلاد إلى الصمت بل كانت تسانده إذ جعلت مبلغ الرشوة المدفوعة في البلدان الأجنبية قابلة للحسم الضريبي.” وتوصلت منظمة الشفافية العالمية إلى أنه في مثل ألمانيا ”ما زال الاستعداد بالغ الضخامة ولا سيما على صعيد الطبقة الوسطى وعلى الصعيد البلدي أو المحلي.
وبعد عشر سنوات من تأسيس منظمة الشفافية صارت لها مؤسسات في أكثر من مئة وعشرين بلدا في العالم ”وأنشأنا أدوات للحد من الفساد بأسلوب فعال ومن ذلك مثلا إننا أنشأنا ما يسمى ”جزر التكامل” وعقدنا ”اتفاقيات التكامل” وأقمنا دورات وحلقات أبحاث وصورنا على نطاق العالم درجة الفساد مثلما صورنا الاستعداد لدفع أموال الرشوة في لوائح ذات درجات ومراتب.” وواجهت عمليات تبييض الأموال. ورأى أنه بعد تفجيرات أيلول ( سبتمبر) 2001 صار الفساد ”يظهر في ضوء جديد كل الجدة… وبات من الواجب أن نتصوره بوضوح كامل على أنه أداة للإرهابيين لأن المسألة هي كما عبر عنها رولاند نوبل الأمين العام للإنتربول (البوليس الدولي) إذ قال ”ماذا يجدي التجهيز التقني للشرطة إذا كان أعضاؤها فاسدين وإذا كان الإرهابيون يستطيعون أن يتحاشوا كل إجراءات البحث والإجراءات الأمنية إذ يفسدون أولئك الذين يفترض في الحقيقة أن يحولوا بينهم وبين أعمالهم؟”.الرئيس الألماني السابق ريتشارد فون فايتسكر قال مقدما الكتاب ومشيدا به إن ”التصدي للفساد لا يعني فقط التلويح بالهراوات الأخلاقية في وجهه كي نجعل من أنفسنا قديسين ولكن هذا يقتضي وقف الاستغلال الأناني للسلطة ومساعدة الضعفاء على الوصول إلى الفرص التي تتوافر لهم.”