الوصايا العشر للاطاحة بالرئيس حسني مبارك
وسينظر لها المصريون بعزة وإباء واستعلاء رافضين أي صوت يأتيهم من الخارج فأبطال الداخل قادرون على تحرير وطنهم كما يظنون.
عندما يصبح الجهاز العصبي للمرء معبرا عن تحضر وتمدن وأحاسيس راقية وانسانية، تتقدم الكرامة حاملة كل مقومات التقدم ، ويرتعش الزعيم في قصره، وترتجف يداه، ويفكر سبعين مرة قبل السماح بانتهاك كرامة مواطن ولو كان أميا بسيطا متواضعا في قرية مجهولة في أحد نجوع مصر الموجوعة حتى الموت.
* عندما تستيقظ مبكرا عليك بالقاء نظرة متأملة قي المرآة، وأن تحرص على الحديث بصوت مرتفع أمامها، وأن تقول أربع وعشرين مرة: أنا ليست لي كرامة ولا أستحق العيش وأنني لا أصدق أن نفخة من روح الله أعطتني هذه القيمة!
* أن تقول بصوت أكثر ارتفاعا ووضوحا : نعم، أنا أعرف أن هناك عشرات الآلاف من المصريين يعانون العذاب المهين والظلم الشديد في زنزانات قذرة لعدة سنوات دون محاكمة، لكنني لن أدافع عنهم، ولن أكترث من أجلهم، ولا يهمني أن يحرقهم الرئيس أو يأمر بتصفيتهم أو يظلوا هكذا حتى يأتيهم ملك الموت، وليذهب محبوهم وذووهم وأهلهم وأمهاتهم وآباؤهم إلى الجحيم فأنا مواطن أناني وجبان ولا يعنيني أمر الآخرين .
ثم ترتفع حدة صوتك وتقول: وأعرف فضلا عن ذلك أن مئات المصريين قضوا تحت التعذيب في أقسام الشرطة والتخشيبة والحجز بعدما تعرضوا لكل عذابات البشر بمخالب ذئاب ساديين من رجال الأمن منحهم الرئيس رضاه وصمته وموافقته الضمنية، بل إنه قلد بعضهم أوسمة الاستحقاق امعانا في احتقار المصريين.
وتنهي صراخك بالاعتراف بأنك شريك في الجريمة، وأن تبريراتك تضيف ضحايا جددا، وأنك لا تستحق شرف المواطنة ولا قيمة الانسان وأنه لو نطق الحجر غضبا وتمردا فإنك ستظل خاضعا لسيد القصر، مانحا قفاك لكف غليظة تهوي عليه من كل مؤسسات الدولة، من الشرطة إلى رئيسك في العمل، ومن الفقر والمرض والعوز والحاجة والمهانة والحقوق الضائعة إلى اقتسام اللصوص خيراتك وأنت تفغر فاك مستعذبا الهوان.
* أن تقول لمرآتك وأنت تتأمل وجهك : ليس في مصر بديل لهذا المستبد، وأن سبعين مليونا منهم ينبغي أن يكونوا تحت حذاء الرئيس، وأن لا حل لمشاكل مصر المستعصية، وأن رجال الرئيس نهبوا، وسرقوا، وهبروا، وأمعنوا فسادا فلنتركهم أفضل لمصر من استبدالهم لئلا يأتي من هم أكثر سوءا واجراما.
ثم تبحث عن كل مبررات استمرار نهب وطنك، ولذتك بالمذلة والخنوع، فتدعي أن المعارضة لم تقدم بديلا، وأن للرئيس منجزات، وأن خطوات الديمقراطية قد لاحت في الأفق، وأن العناية السماوية ستقف مع المصريين في يوم من الأيام حتى لو لم يقف المصريون مع أنفسهم.
* أن تتقدم بخطى واثقة وشجاعة وتعترف لأهلك وأصدقائك ومعارفك وأحبابك وزملائك أنك لن تتمرد، ولن تعارض السلطة ولو أشعلت فيك النيران حيا، وأنك ترضى بالحياة التي وهبك العلي القدير إياها مسكنة وخضوعا وسلاما وبردا وسيرا بجوار الحائط ولو طلب منك الزعيم أن تلعق حذاءه أو تسجد لابنه الرئيس القادم فلن تتردد لأنك تؤمن بأن العبيد لا يرفعون رؤوسهم أمام الأسياد.
* أن ترفض أي صوت يأتي من ستة ملايين من ابناء شعبك يعيشون في الخارج، ويتنفس أكثرهم حرية ، ويشاهدون وطنهم الحبيب يحتضر، وشعب مصر يعيد اختيار سجانه ست سنوات أخريات، وأن ترفع يدك إلى السماء وتقول بأن الله لن يتخلى عن عباده، وأن تستدعي من ذاكرتك عدة حكم ومأثورات تخدر بها ضميرك.
* أن تتهم المصريين بأنهم جبناء ولن يتحركوا وأن وعيهم في حده الأدنى، وأن لا فائدة من الاحتجاج والشجب والرفض، وأن الرئيس الذي أذلك وأهانك وسلط عليك كلاب قصره وأعطى الضوء الأخضر لحيتان الفساد أن ينهشوا جسدك وخيرات أهلك، هو الوحيد القادر على منحك فتات ديمقراطيته العرجاء، وأن روحك ليست فيها نفخة من روح الله، وأن الحياة والموت يستويان لديك.
* أن تمسك ورقة وقلما، وتكتب كل جرائم الرئيس من الفساد والبلهارسيا ونهب المصارف وقوانين الطواريء والتزييف والتزوير واعتقال الأبرياء واختيار الفاشلين وتحقيق الصفر في كل المجالات تقريبا وتعميم الفساد في السياحة والادارة والأوقاف والعقارات والدواء والعلاج والتعليم والكتاب والقلم والأمن والاقتصاد والزراعة، ثم تتأمل في الأمية ، وتشرب كوبا من المياه الملوثة، وتدخل إلى رئتيك هواء أكثر تلوثا، وتعرض كبدك على طبيب ليؤكد لك أنك مصاب بفشل كلوي بفضل زراعات يوسف والي وتوجيهات الرئيس الذي كان يعلم ويصمت انتظارا لموتك واحتقارا لروحك وازدراء لحقك في حياة حرة كريمة، ثم بعد ذلك تمزق هذه الورقة وتذرها للرياح فهي ستوقظك من غفوتك وأنت تريد أن تستمتع بست سنوات من الذل والهوان ترافقها سلامة العودة إلى البيت والابتعاد عن مناكشة ومناهضة السلطة.
* أن تصم أذنيك، وتغمض عينيك، وتخرس لسانك لعل الأمن والسلام والهدوء يتسلل إلى نفسك وأسرتك وأهلك وأقاربك، وأن تنتظر القضاء والقدر، وأن ترى حياتك أقل قيمة من جيفة الأرض.
* أن لا تقرأ هذه الوصايا العشر، وإذا قرأتها فلا ترسل نسخا منها لمن تتوسم فيهم اقتراب ثورة الكرامة، وأن تمارس حياتك الطبيعية وتبتلع كرامتك، ولا تتحسس قفاك الأحمر، وأن تشكك في نية كاتب هذه الوصايا، وأن تقول بأنه يمارس رفاهية الكلمة وحرية القلم من بعيد ومن أقصى الشمال ولا يعرف طبيعة الحياة اليومية المصرية ولا يفهم لغة الخطاب التمردي المصري الذي تمخض عن مظاهرة من ثلاثة آلاف في عاصمة الأربعة عشر مليونا، وأن الأمل باق في الصدور وسيأتي عون الله أخيرا ولو طال تعذيب المستبدين
لنا.
* وأخيرا …
أن تنظر إلى المرآة نظرة غضب، وتبصق عليها، وتشتعل نار الحزن على نفسك في نفسك، وتقسم بأنك تستحق حياة حرة كريمة، وأنك ستنظر من اليوم في عيون أهلك وأولادك وأخواتك وجيرانك ومحبيك وتقول لهم بأن فيك من روح الله، وأنك ستقود الآن وقبل شروق اليوم التالي حركة تمرد ورفض ودفاع عن بلدك وشعبك ولن تجعل اللصوص يهنئون بساعة سلام واحدة، وأن مسؤولية انقاذ مصر في رقبتك قبل الآخرين، وستوزع من هذا البيان عشر نسخ، وأن البيان سيكون في متناول المصريين كلهم في وقت وجيز، وأن الحملة التلميعية لتأهيل جمال مبارك التي ستبدأ قبل الأول من يناير لن تكتمل قبل أن يلفظ النظام العفن الفاسد أنفاسه الأخيرة.
وستقول بصوت مرتفع: نعم، أنا مصري حر، وسأعلم الظالمين أن لا خضوع ولا خنوع ولا خوف ولا جبن بعد اليوم.
قل لنفسك بصوت مرتفع: لن أقبل بديلا عن حياة أستحقها، وشرف من أجلها، وكرامة أحيا بها، وضمير حي يقظ يمنح انسانيتي قيمتها الحقيقية.
قل لحياة الهوان والخضوع والجبن والتواطؤ مع الاستبداد: وداعا بغير رجعة.
قل لنفسك بأنك أرقى من الخيل التي إن خُدِمَتْ خَدَمَتْ وإنْ ضُرِبَتْ شَرَسَتْ، وأرقى من الصقور التي لا تُلاعَب ولا يُسْتَأْثَر عليها بالصيد كله ( حسب تعبير الكواكبي )، وأنك لست كلبا إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث، لكنك أكرم خلق الله جميعا.
قل للعالم كله: نعم أنا مصري، وعندئذ سيهرب الرئيس من الباب الخلفي للقصر الجمهوري ويهرول إثره كل لصوص ومجرمي العهد المباركي.
قل لأجيال قادمة: تلك هي مصر حررناها لكم فتمتعوا بها وحافظوا عليها حرة وكريمة.
وسلام الله على مصر.
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
Taeralshmal@gawab.com
Taeralshmal@hotmail.com
Fax: 0047+ 22492563
أوسلو النرويج