وأنا أيضاً أؤمن بسوريا (كما خالدية وحدها.. أمي)
والمجيء بالشعب نفسه إلى لمجلس، أو على الأقل بجزء من الشعب، رجال ونساء سوريون ينتخبون من قبل الشعب، بطريقة أو بأخرى كل أربع سنوات، ولهم تلك الدرجة من الاعتبار والحصانة، ماداموا يوافقون على كل شيء بالإجماع ويرفضون كل شيء بالإجماع من أجل الشعب .. نعم أنا سوري، دون شك، فقد ولدت في سوريا، في السنة الأخيرة من النصف الأول للقرن الماضي، وهذا ما يجب علي أن أصدقه وأنا أقوله، لأنني في الحقيقة لا أدري أين ذهبت كل هذه السنين، من أبٍ مواليد طرابلس عندما كانت طرابلس سنجقداراً سوريا، وترعرع في طرطوس التي اختارها جدي لكونها الأقرب لمدينته، ليحيا فيها مع الفتاة المسيحية القاصر التي تزوجها خطيفة وصارت جدتي. وكأبيه، انتقل أبي بعد حصوله على الباكالوريا من مدرسة اللاييك في طرطوس إلى اللاذقية، بسبب وقوعه في حب فتاة لاذقانية، ثم تدرج في عمله في دائرة الأمن العام حتى صار في بداية الخمسينات رئيساً لأحد فروعه، لكنه اعتقل بعد اغتيال عدنان المالكي وسجن ثلاثة أشهر في سجن المزة ثم سرح من عمله تعسفياً، بتهمة انتسابه للحزب القومي السوري. أما أمي فهي أيضاَ ذات أصول غامضة لحد ما، فأمها من بيت (روشان) وأبيها من بيت (نحلوس) وكلا اللفظين ليس عربياً. وقد تدرجت، أعود للكلام عني، في أشهر مدارس مدينتي الخاصة والرسمية، فأمضيت المرحلة الابتدائية في مدرسة الأرض المقدسة (الكاثوليكية) التي كانت تسمى باسم مديرها (الأب سالم)، والمرحلة الإعدادية في الكلية الوطنية (الأرثوذوكسية)، أما المرحلة الثانوية، فقد أمضيتها في ثانوية جول جمال (التجهيز)، التي خرجت لسوريا شخصيات تاريخية معروفة، منها على سبيل المثال حافظ الأسد. ثم حصلت على إجازة في العلوم الاقتصادية من جامعة حلب، مما أهلني للعمل في إحدى دوائر الدولة، في ذات الغرفة على ذات المكتب فوق ذات الكرسي، أكثر من ثلاثين سنة. وحسماً لأي شك بسوريتي حصلت في حياتي، بعد أن بصمت بالعشرة أصابع كاملة في كل مرة، على ثلاث بطاقات هوية، تدرجت في صغر الحجم، واحدة منها كتب عليها عربي سوري بالتحقيق. وفي النهاية كما تنبأت في إحدى قصائدي الباكرة: (سأحيا حتّى أموت/ وسأموت بعد أن/أو قبل أن/تتمكن مني أمراضي/إذ لا داعي للتحديد/لا داعي للتحديد/ فالحياة لها معنى أحياناً/أما الموت…/والموت كذلك).
* * *
إذن… ولدت وعشت ولن أحتاج أن أبذل جهداً كبيراً لأموت في سوريا.. خاصة وأنه لا يتوفر لي مكان آخر لأموت فيه، فقد رفضت منذ زمن كل العروض المغرية وغير المغرية للسفر والعمل في الخارج. واحد منها- صدقوا-كان إلى نيويورك. حين تعرفت في بداية التسعينات على شاب أمريكي كان يزور سوريا. واكتشف أني أحب، ليس (بوب ديلان وسايمون آند كرافانكل ولينارد كوين) فحسب، وأربعتهم شياطين يهود، بل أيضاً مغنيه المفضل (جيمس تيلر) صاحب أغنية (لديك صديق) التي كتبتها له (كارول كينغ). المهم، رفضت دون تردد عرضه للعمل في شركته، وعندما اتصلت بي أمه من نيويورك، لتقول لي ممازحة: (نيويورك تفاحة كبيرة، ما أن يقضم المرء قضمة واحدة منها، حتى يتمنى نهشها كلها). أجبتها: (لا أظن نيويورك، يا سيدتي، المدينة التي خلقني الله لأحيا فيها). كما رفضت عرضه المساعدة المادية، في تحويل مكتبتي إلى محل تجاري لا يسبب لي ذلك النوع من المشاكل. ففي سوريا يتوجب الحذر من الأجانب مهما كانت جنسيتهم، وخاصة خاصة أن تأخذ منهم مالاً، لأي سبب وبأية حجة، فما بالك بالأمريكيين، عديمي الأصل الذين من بينهم الكثير من اليهود، وكذلك الانكليز أبناء الجاسوس لورانس العرب، ولحق بهم مؤخراً الفرنسيون الذين يعرضون مؤخراتهم للجميع. وتأكيداً لما أرطنه بالإنكليزية: (It’s danger to talk to strangers)، فقد حدث أن التقيت أمريكياً آخر، كان يزور سوريا للمرة الخامسة ربما، كأنه لا يوجد مكان آخر على الأرض سواها، وفي كل مرة يمكث فيها شهوراً يتنقل فيها طولاً وعرضاً ويلتقي بما هب ودب من السوريين من مختلف الأنواع والمستويات، حتى أنه كتب عن سوريا، مجلداً ضخماً، بعنوان: Road from Damascus) (. أي باتجاه معكوس عن رحلة الرسول بولس إلى دمشق، ومقلداً لأسلوب ف س نيبول في كتب الرحلات. وكالعادة لا أذكر لمن أعرت هذا الكتاب ولم يعده. وكان يحتوي صوراً فوتوغرافية متنوعة منها صورة للتشكيلي السوري فاتح مدرس مع جان بول سارتر، التقطت في ستينات القرن المنصرم، ونشرت مراراً وكأنها أعجوبة، وأخرى لعلبة دخان (الحمراء) فخر صناعة التبغ السوري، حسبما يردد أهالي اللاذقية: (الغرناطة ظراطة والشرق فرق والحمراء مراء) بتبديل القاف إلى همزة، ولكن بمفارقة أنه طبع على علبتها الشبيهة (بالماربولو)، بدل التحذير من التدخين، دعاية رياضية لدورة ألعاب البحر المتوسط. وقد زين الكتاب برسوم وخطوط صديق لي حلبي يحيا في (سياتل) منذ ربع قرن اسمه مأمون صقال، أظنه أفضل رسام بقلم الرصاص تعرفت عليه في حياتي. وهذا ما أدى إلى استدعائي من قبل أحد فروع أمن اللاذقية أولاً ثم لاحقاً إلى دمشق، وكان أكثر ما أثار تساؤلهم هو: (لماذا، وأنت إنسان مثقف، لم تخبر إحدى الجهات الأمنية عنه!؟) فكنت أجيب: (لم أكن أعلم أن على المواطن السوري الإبلاغ عن أي أجنبي يلتقيه). بعد هذا هم من اتصلوا بي ليخبروني أنه لا مشكلة من الالتقاء به… وإكرامه!! الأمر الذي اعتذرت عنه، ليس فقط بسبب ما حصل، بل لأنه كان يصلح لفيلم بعنوان (الأمريكي الغليظ) أسوة بفيلم (الأمريكي البشع)، بشرط أن لا يقوم مارلون براندو بتمثيله. ولكن بعد انقضاء ثلاث سنوات أو أكثر، عادوا وسألوني ما إن كنت على اتصال مع الأمريكي!!.
ولكن رغم هذا وغيره، سوريا وطني، ولا أشعر بأية رغبة باستبداله، ولا حتى بالسفر خارجه، لأسبوعين على الأكثر أو لأسبوع واحد، أو لأيام معدودة. وصار معروفاً عني أني لا أسافر حتى إلى دمشق أو حلب، إلا إذا كانت الدعوة موجهة لي من قبل امرأة أو من أحد فروع الأمن!. وعندما يحدث وأسافر إلى بيروت مثلاً، المدينة التي أحبها أكثر من أي مدينة أخرى على خارطة أحلامي، ولكن ليس أكثر من لاذقيتي، يكفيني يومان، أزور فيهما بعض الأصدقاء في مقر أعمالهم، وألقي التحية على من أصادفه منهم في (الويمبي) أو (الكافيه دي باري) وأخيرا (الستارباكس) وأعود. أما السفر إلى دبي، لعند مصطفى عنتابلي وزياد عبد الله، فها أنذا أماطل لثلاثة أعوام في قبول استضافة كاملة تتضمن قيمة تذكرتي الطائرة والإقامة في المريديان وأجور المدلكات الصينيات. وفي باريس لدي أخت مستقرة (ليس كثيراً) منذ عام /1982/. وأخي الأصغر متزوج سويدية وغير مستقر أبداً في ستوكهولم، أرسل لي دعوة زيارة مختومة من قبل وزارة الخارجية، مرفقة برسالة يقول فيها، لولا ذكرياته في سوريا، التي فعل المستحيل ليغادرها، لمات من البرد. ولدي أخ آخر في الكويت، أبطل تكرار دعوته منذ أن صحت به: (ماذا أفعل في الكويت يا أخي)!؟ وقد وصل بي الأمر لأن أشعر أن السفر بعمومه مضيعة للوقت، تعطيل عن أعمال ضرورية يجب أن تنجز، مع أنه ليس لدي أعمال كهذه. ولكني بالتأكيد، لست من أعداء السفر من حين لآخر: ( فقط لتأخذ نفساً) كما يردد أمامي البعض، أو كما أيضاً يقال: (إذا أحب الله عبده أراه ملكه)!؟. ولكن مشكلتي هي أني لا أجد معنى لشيء بعيداً الناس الذين يعرفونني. وهنا أذكر كيف أن أختي مرام بعد مقابلة في التلفزيون التونسي، كان اهتمامها منصباً ما إذا شاهدتها (رندا أحمد) وهي بنت جيران لنا تعيش في تونس!؟
* * *
سوريا.. وطني. وهذا ليس خياراً بل مصير، لأنه حدث وكان ذلك. ولكني لا أشعر حيال هذا بأيٍّ من المشاعر العارمة. فلست من أنصار (وطني دائماً على حق) ولا (الأردن أولاً) ولا (أنا سوري يا نيالي). لأني لا أرى أن الوطنية الصحيحة، الصحية، الصح، يجب أن تشبه مشاعر (قطة على صفيح ساخن) أو (حارق علم على سطح سفارة)، فالمشاعر المبالغ بها تعبر عن الأزمات غالباً. ولكن كما لمواطني كل بلد في العالم أن يجدوا في بلدهم ما يتفاخرون به حتى (بالتبولة والكبة النية)، للسوريين الحق بإدعاء بعض الأمجاد، لمجرد أنهم وجدوا أنفسهم يحيون في المكان الذي حدثت به. ولا أظن أحداً يماري بحقيقة أن سوريا أرض قديمة، كثيراً ما كانت جارة لمركز العالم، وقد ظهرت فيها حضارات تدل عليها آثارها المنتشرة في كل أرجائها، وكما هو محتم بادت. أما في العصر الحديث فلا أظن أيضاً أحداً يماري بحقيقة أن سوريا ليست في أفضل أحوالها، وهذا ما يؤثر بالسوريين ويقلقهم بالتأكيد. لكنها مع ذلك دولة كسواها، أو لأقل، كدول كثيرة لديها مشاكلها وبالمقابل لديها، ما يكفي من حظوظ للخروج منها. وكما في سوريا أيضاً شعب ككل شعوب العالم، صامد ومقاوم!؟ لأنه ليس سهلاً ما واجهه وعاناه هذا الشعب، فبعد أربعة قرون من الحكم التركي، جاء الفرنسيون واستعمروه ستاً وعشرين سنة، استطاعوا خلالها بالاتفاق مع شركائهم الانكليز أن يقوموا بما لم يقم به العثمانيون خلال الأربعة قرون، تقسيم ما كان يطلق عليه سوريا الكبرى إلى خمس دول إقليمية، زارعين كياناً غريباً على حدودها الغربية الجنوبية أشبه بخنجر مغروز في خاصرتها. ولكن ما أن أعلن استقلال هذا الجزء الصغير الباقي المسمى باسمها، حتى راحت النخب العسكرية والسياسية تعيث به فساداً. محققين رقماً قياسياً في الانقلابات، التي بتتابعها السريع كانت تكسر ظهر النمو الطبيعي للبلد، وتعيدها إلى درجة ما قبل الصفر، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. ولم تستطع سوريا المنهكة الخلاص من هذه الانقلابات والتبدلات في مناهج الحكم، رغم محاولاتها التي وصلت للوحدة مع مصر كانت من نتائجها الكارثية أنها أنهت كل الوحدات، إلا بواسطة حكم من نوع آخر، نجح أخيراً في إغلاق باب الانقلابات، وهو أمر حسن، إلا أنه في المقابل ، سد الطريق أمام أي تغيير لازم لما يزيد عن ثلاثة عقود من السنين، وما أدراك ما الثلاثة عقود من السنين في عصر اخترع ساعة تقسم الثانية إلى ألف جزء.. رافق كل هذا أربع حروب: /1948 و1967 و1973 و1982/، اثنتان منها استحقتا بكل جدارة وسام (نكبة)! نتيجتها أن هناك أرضاً سورية ما زالت محتلة منذ أربعين سنة. وكان من المحتمل أن أغدو بدوري شهيداً وأن تسمى باسمي مدرسة ابتدائية في سوريا، فقد شاركت كضابط مجند في حرب /1973/ على الجبهة السورية الإسرائيلية، كما أني في عام /1976/ دخلت مع قطعتي إلى شمال لبنان، وهناك كنت مسؤولاً ولفترة قصيرة عن أحد الحواجز، وأحسب أني قمت بمعاملة عابريه اللبنانيين بكل الاحترام والحب الذي أكنه لجدي وجدتي لأبي!؟ ولجبران خليل جبران الذي حرصت أن أودِّع الحياة المدنية بالحج لمتحفه في بشري نهاية عام /1972/. وصدقوا أني مرة تلقيت اتصالاً هاتفياً من قبل عنصر أمن، سألني فيه سؤالاً واحداً لا غير، وكأنه يطلب مساعدتي في برنامج: (اربح المليون) أو في أيجاد اسم دولة عربية من خمسة أحرف معروف منها ثلاثة: (لبن) في شبكة الكلمات المتقاطعة: (هل صحيح أن أباك من مواليد لبنان؟) ولما أجبته بنعم ولكن… قال شكرا منهياً المكالمة دون أن يسمع بقية جوابي!؟ بقية جوابي يا أخي: (أبي ولد في طرابلس هذا صحيح، ولكنه كان سورياً لدرجة أنه يؤمن أن كل لبنان إضافة لفلسطين والعراق والأردن .. وجزيرة قبرص لسوريا!. وهو رغم أصله المصري، ويؤكد هذا لقب عائلته، كان عضواً متعصباً في الحزب القومي السوري!. ولكن هذا لم يمنعه من الاندفاع إلى الشرفة والبكاء لحظة سماعه خبر وفاة جمال عبد الناصر. بعد أن كان، خلاف كل أهل أمي، يلهج ليل نهار بمساوئه، مردداً: ( لم يبق سوى أن يضعوا صورته على جوكر الشدّة)!. الأمر الذي جعلني أؤمن بأن على سوريتي أن تكون انعتاقاً وانفتاحاً وحريةً أكثر منها إتباعاً وانغلاقاً وقيداً. وأن تكون حباً لا ديناً أتعبد به لزعيم، أو لحزب، أو لسلطة.
* * *
أؤمن بسوريا، لأن سوريا مثلها مثل كل البلاد، يمر عليها في كل سنة أربعة فصول، صيف طويل بطيء يتبعه خريف خجول ثم شتاء مزاجي ثم ربيع خاطف، تشرق عليها الشمس كل صباح، وكل مساء تغرب لا محالة، ليأتي الليل يتسكع فيه القمر والنجوم. ومثلها مثل كل بلد، فيها مدن وقرى ومزارع يسكنها بشر، غاية كل منهم، قبل كل شيء وبعد كل شيء، أن يجد سبيلا ليحيا حياته. وهذا ليس من عندياتي، فقد حفظته من كثرة ما ردده على مسامعي، وهو يتأبط ذراعي، على كورنيش مدينتي الغربي صديقي ومعلمي الياس مرقص: (واجب الناس الأول هو أن يستمروا في الحياة، أن يأكلوا ويرتدوا ثياباً ويعملوا ويتزوجوا ثم يأتوا بأطفال يرثون أسماءهم. فهذا يعني أنهم يقومون بما عليهم للتحضير للمستقبل).. وأحسب أن السوريين قد أعطوا المثال تلو الآخر على استحقاهم للمستقبل، فقد أظهروا، على مر الزمن، طول أناتهم، وعظيم صبرهم، وعميق حكمتهم. كما أظهروا، عند كل مناسبة قدرتهم على التسامح والحب والتضحية .. فهم لم يبخلوا بأي شيء عندما طلب منهم، حتى بحياتهم وأبنائهم، رغم أنه لا يوجد عندهم أغلى من حياتهم وأبنائهم!؟
* * *
نعم سوريا بلد كباقي البلدان، مثلما أمي أم كباقي الأمهات، لكن سوريا وحدها بلدي، وخالدية وحدها أمي.
* * *
أؤمن بسوريا كما هي، في الماضي وفي الحاضر، دون أن أقارنها بما كانت ولا بما كان يمكن لها أن تكون، لأنه لا يمكن أن نحمِّلها كمكان، أي مسؤولية عما آلت إليه حالها، فالأماكن لا تستطيع أن تتفادى الأذى، ولا تستطيع بنفسها رد الصاع! الأماكن وحدها تدير خدها الأيمن بعد صفعها على خدها الأيسر، وهي لحسن حظها لديها كل الزمن لتنسى، لديها ما تحتاجه ويزيد من تعاقب الليل والنهار، شروق وغروب الشمس كل يوم. كثيرون من أهل اللاذقية يذكرون ذلك الشعار الشيوعي الفظّ الذي كتب بخط أحمر عريض على حائط السور الخارجي لكنيسة اللاتين، وكيف راح بمرور الأيام ينمحي شيئاً فشيئاً حتى ما عاد له أثر. وأحسب أن البشر، ليس كأفراد فقط بل كمجتمعات وشعوب، كانوا دائماً مكشوفين للأذى، وجراحهم أيضاًَ تحتاج بعض الزمن لتلتئم، ولكن على اللحم، على لحم الروح، يبقى دائماً ندبة.
* * *
نعم أنا أيضاً أؤمن بسوريا الجميع، سورياه من كان يكون، وسورياك من كنتَ تكون، وسورياي أنا منذر مصري، سورياي التي آمل في النهاية أن تعطني من جسدها ما يكفيني لأستلقي على ذلك التل بجانب أمي، بعد أكرمتني بما زاد علي وغمرني حتى كاد يخنقني من روحها… المتألمة والصابرة والآملة، المنفتحة والمتسامحة والكريمة، وطناً حراً وعزيزاً وآمناً، لأبنائه جميعاً ولجيرانه الأقربين ولكل أهل العالم.