دور منظمات اللوبي الإسرائيلي في أزمة غزة
يتميز النظام السياسي الأمريكي بالتعقيد والتشابك الذي ليس له مثيل في أي من المجتمعات الديمقراطية الأخرى. وينبع هذا التشابك والتعقيد من تداخل عديد من المؤسسات والأجهزة والوكالات الرسمية وغير الرسمية في صناعة القرار العام الأمريكي، مشاركًة أو تأثيرًا. وضمن هذه المعادلة يأتي اللوبي الإسرائيلي، الذي يصفه كثيرون داخل واشنطن وخارجها بمقولة مفادها “ليس لهذه الحالة (اللوبي الإسرائيلي بواشنطن) نظير في التاريخ السياسي الأمريكي”.
وانطلاقًا من الدور المؤثر للوبي الإسرائيلي في صياغة القرار الأمريكي تجاه منطقة الشرق الأوسط، الذي كان محل كثيرٍ من موضوعات تقرير واشنطن السابقة، فإننا في تقريرنا هذا نعرض كيف رأت وتعاملت منظمات اللوبي الإسرائيلي مع الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة التي تدخل أسبوعها الثالث، مخلفة مئات الشهداء والجرحى، وهي أرقام في تزايد مستمر، محاولين عرض ما جاء في المواقع الإلكترونية لتلك المنظمات، بعيدًا عن إيماننا بها، ولكن لعرض توجهات ورؤى تلك المنظمات، للوقوف عن كيفية تأثيرها على المسئولين الأمريكيين والرأي العام الأمريكي.
إيباك تدعم إسرائيل في الدفاع عن نفسها
ركزت معظم منظمات اللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة الأمريكية على مواقعها الإلكترونية أن قصف إسرائيل لقطاع غزة حق أصيل لإسرائيل؛ لتزايد قصف الصواريخ وقذائف مورتر من القطاع على جنوب إسرائيل وتهديدها المواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون، حسب كثير من تلك المنظمات، تحت تهديد صواريخ المقاومة الفلسطينية منذ سبع سنوات والتي تزايدت بعد سيطرة حماس على القطاع في منتصف يونيو عام 2007.
ففي هذا السياق، بررت اللجنة العامة للشئون الأمريكية – الإسرائيلية (إيباك) American Israel Public Affairs Committee (AIPAC)، الهجمات الجوية والاجتياح البري الإسرائيلي لقطاع غزة استنادًا إلى ما تردده عديد من الأوساط الرسمية وغير الرسمية الإسرائيلية، وكثير داخل واشنطن إلى الصواريخ التي تطلقها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل.
وفي أحد إصدارتها حمل عنوان “إسرائيل تُجبر للدفاع عن المواطنين بعد سنوات من الهجوم”، تقول :إنه منذ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في عام 2005، أطلقت حركة حماس ما يزيد على 6300 صاروخ وقذيفة مورتر، منها 600 خلال الست أسابيع المنصرمة، على مناطق ذات كثافة سكانية. وتضيف إيباك في هذا الإصدار إن إسرائيل أرادت في الربيع الماضي اختبار نية حماس في السلام بقبول المشروع المصري لوقف الهجمات لستة أشهر، ولكن على النقيض، حسب الإصدار، عززت حماس من ترسانتها وفي نهاية المطاف استأنفت إطلاق صواريخها على المدن والمستوطنات الإسرائيلية.
وعن حركة حماس تقول اللجنة في إصدارها بعنوان “حماس: تاريخ من الإرهاب”، إلى أنها مدعومة من قبل إيران التي تدعمها وتزودها بالتجهيزات العسكرية من أجل عرقلة عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية. وفي هذا الصدد تنقل عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن حماس تملك صواريخ يصل مداها بفعل الدعم الإيراني إلى 24 ميلاً، وهي كافية لتصل إلى بيرشيبا وأشدود حيث يوجد أكبر ميناء إسرائيلي وعدد من الأبنية الحيوية. وتضيف أن عددًا من سكان غزة التابعين للحركة تلقوا تدريبات على يد قوات الحرس الثوري الإيراني.
وتشير اللجنة إلى إطلاق الحركة صواريخ “غير تمييزية” على المدنيين في جنوب إسرائيل، فمن تلك الهجمات تشير إلى إصابة صواريخ الحركة حضانة للأطفال في بيرشيبا Beersheba. وتستند إلى تقارير لصحف إسرائيلية، مثل صحيفة هآرتس، تؤكد أن المواطنين الإسرائيليين – تقدرهم اللجنة بـ 700 ألف – يعيشون تحت تهديد صواريخ جماعات المقاومة الفلسطينية لاسيما صواريخ حماس منذ سبع سنوات.
وترى أنه لا يمكن اخراط حماس في مفاوضات السلام إلا في حال إعرابها عن رغبتها في العيش بسلام مع إسرائيل. وتنقل إيباك عن الرئيس الأمريكي المنتخب، باراك أوباما، خلال زيارته لإسرائيل كمرشح للحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية لعام 2008، قوله “علينا عزل حماس إلى حين تخليها عن الإرهاب والاعتراف بالوجود الإسرائيلي والالتزام بالاتفاقيات السابقة”.
وفي محاولة لدحض الدعاوي التي تقول :إن إسرائيل لا تراعي الأحوال الإنسانية لأهل غزة، وأنها لا تراعي ما ينص عليه القانون الدولي الإنساني وقت النزاعات، استندت إيباك إلي بيانات لوزارة الخارجية الإسرائيلية تشير إلى أن السلطات الإسرائيلية سمحت بعبور 23 شاحنة تحمل ما يُقدر بـ 2500 طن من المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة. وتضيف أنه مع بداية الهجوم الإسرائيلي على القطاع سمحت إسرائيل خلال الأسبوع الأول بعبور ما يزيد على 6500 طن من المساعدات إلى غزة مع توقع وصول سفن جديدة محملة بالمساعدات. وتضيف أن المستشفيات الإسرائيلية استقبلت عددًا من المصابين الفلسطينيين، الذين تقول عنهم :إنهم أصيبوا بصواريخ حركة حماس التي لم تسقط على المستوطنات الإسرائيلية. وتضيف أن السلطات الإسرائيلية سمحت بعبور 300 فلسطيني يحمل جواز سفر أجنبي من خلال المعبر الحدود الذي تسيطر عليه إسرائيل “معبر إيرز”.
مساعٍ للحصول على تأييد المسئولين الأمريكيين
وفي إطار مساعيها إلى جمع أكبر عدد من المؤيدين للهجمات الإسرائيلية، المستمرة إلى يومنا هذا، دعت إيباك المسئولين الأمريكيين، أعضاء الإدارة الأمريكية الراحلة والجديدة وأعضاء الكونجرس الأمريكي بمجلسيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، لتدعيم إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد تجدد هجمات حركة حماس، حسبما تشير المنظمة، ضد إسرائيل. ففي الوقت الذي انتقد فيه رئيس إيباك ديفيد فيكتور أداء مجلس الأمن للاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة ـ هذا حسب قوله ـ بدأ يحث الإدارة الأمريكية إلى مساندة إسرائيل في الأمم المتحدة لتدعيمها في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حركة حماس، التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، على المدن والمستوطنات الإسرائيلية”. وينقل الموقع الإلكتروني لإيباك عن رئيسها شكره وعرفانه للمسئولين الأمريكيين من الحزبين الكبيرين، الديمقراطي والجمهوري، لتدعيمهم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وإلى إشاراتهم لأهمية وجود علاقات قوية بين تل أبيب واشنطن.
ويرصد الموقع أنه حصل على تأييد أكثر من 100 مسئول أمريكي من الحزبين والمنتخبين لمناصب عليا لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حماس المدعومة من إيران. وينقل الموقع أيضًا عددًا من تصريحات المسئولين الأمريكيين وأعضاء الكونجرس الذين يدعمون حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فيشير الموقع إلى تأييد الرئيس الأمريكي الحالي “جورج بوش” حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في خطابه الإذاعي، وزعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ هاري ريدHarry Reid ، وزعيم الأقلية الجمهورية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل Mitch McConnell، والسيناتور ديك دوربين Dick Durban، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسيNancy Pelosi، وزعيم الجمهوريين بمجلس النواب جون بوهنرJohn Boehner، وديفيد أكسيلرود David Axelrod أكبر مستشاري الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما. وقد عرض الموقع قائمة طويلة بأسماء المسئولين الأمريكيين الداعمين للهجمات والدفاع الإسرائيلي عن مواطنيها وأراضيها ضد هجمات وصواريخ حركة حماس.
كما نقل الموقع الإلكتروني لإيباك عددًا من تصريحات المسئولين الأوروبيين يحملون حماس مسئولية الهجمات الإسرائيلية بإطلاقها الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية، منها تصريحات للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزير خارجيتها فرانك شتاينماير، ورئيس الوزراء البريطاني جوردون براون، ووزير الخارجية الكندي لورانس كانون.
منظمات يهودية أخرى داعمة للهجمات الإسرائيلية
ومن المنظمات اليهودية الأخرى الداعمة للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤتمر رؤساء كبرى المنظمات اليهودية الأمريكيةConference of Presidents of Major American Jewish Organizations – الذي يعد محور الاتصال بين المجتمع اليهودي والسلطة التنفيذية للإدارة الأمريكية – الذي دعم قرار الحكومة الإسرائيلية للدفاع عن مواطنيها ضد ما تطلق عليه الهجمات الإرهابية التي تقوم بها حركة حماس من قطاع غزة. ويقول رئيسها هارولد تانر Harold Tanner ونائبه التنفيذي ماكولم هونلين Malcolm Hoenlein: “إن أولى مسئوليات أي حكومة هي استخدام القوة المسلحة لحماية مواطنيها من الإرهاب الذي لا ينتهي”، ويضيفان أنهما يدعمان موقف الإدارة الأمريكية من تحميل حركة حماس مسئولية تلك الهجمات، وخرقها وقف إطلاق النار وتجدد إطلاق صواريخها على المدن والمستوطنات الإسرائيلية. وهي بذلك تتفق مع ذهبت إليه كثيرٌ من المنظمات اليهودية داخل الولايات المتحدة كلجنة الأمريكيين اليهود American Jewish Committee .
ويرى بيان مؤتمر رؤساء كبرى المنظمات اليهودية الأمريكية – التي تعد المنظمة المركزية المنسقة بين 51 منظمة يهودية حول قضايا قومية ودولية – أن هدف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تدمير البنى التحتية للحركة لوضع حد لإطلاق صواريخها على جنوب إسرائيل، وكذلك معسكراتهم التدريبية والأنفاق السرية، ومخزون أسلحتهم.
وتؤكد المنظمة في بيانها أيضًا أن القوات الإسرائيلية تتجنب استهداف المدنيين الفلسطينيين. وهو ما لا يحدث حيث إن أغلب الهجمات الإسرائيلية على القطاع كانت أكثر استهدافًا للمواطنين والمنشآت المدنية بل والأبنية الدولية التي يُحرم القانون الدولي الإنساني والعام استهدافها، والتي كان يتحصن فيها المدنيون الفلسطينيون.
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيلChristians United for Israel ” تتيح خدمة أن يرسل متصفحو الموقع الإلكتروني للمنظمة إرسال بريد إلكتروني للرئيس الأمريكي الحالي “جورج بوش” لشكره على دعمه لإسرائيل لهجماتها على قطاع غزة وحركة حماس.
والبريد الإلكتروني الذي سيرسله المتصفحون للرئيس الأمريكي، هو رسالة جاهزة، تتضمن ما يُحمل حركة حماس مسئولية الهجمات الإسرائيلية على القطاع، مع إظهار إسرائيل في وضع يدفعها إلى شن تلك الهجمات للدفاع عن مواطنيها. وفي نهاية الرسالة المعدة مسبقًا شكر للرئيس بوش لدعمه إسرائيل في تلك الهجمات ومن قبل للدفاع عن نفسها ضد قوى المقاومة الفلسطينية.
هذا وتضيف المنظمة الصهيونية الأمريكية Zionist Organization of America أن إصابة عدد من المدنيين الفلسطينيين يرجع إلى تبني حركة حماس سياسة وجود قياداتها بين المدنيين الفلسطينيين، وتدعو المنظمة من أعربوا عن قلقهم لتزايد عدد المدنيين المصابين في الهجمات الإسرائيلية ضرورة إدانة سياسات وتصرفات حركة حماس .
منظمة يهودية ترصد تأييد الصحف الأمريكية للهجمات الإسرائيلية
وعلى صعيد آخر نشرت رابطة مكافحة التشهيرThe Anti-Defamation League (ADL) – التي أنشأت في 1913 لمحاربة معاداة السامية وكل أنواع التعصب داخل وخارج الولايات المتحدة – أن افتتاحيات الصحف الأمريكية تدعم الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة وحركة حماس منذ يومها الأول. فتقول الرابطة: إن الصحف الأمريكية دعمت وفهمت أن الهدف الإسرائيلي من العمليات العسكرية في القطاع حماية مواطنيها من هجمات وصواريخ حماس التي تنشط في القطاع، وذلك حسب تصريح رئيسها أبراهام فوكسمان Abraham H. Foxman . وقد عرض الموقع لبعض تلك الافتتاحيات منها افتتاحيات لـ “وول استريت جورنال The Wall Street Journal ” و” دالاس مورنينغ نيوز Dallas Morning News” و”نيويورك بوست The New York ” Post ” و”سان دييجو يونيون تريبيونSan Diego Union-Tribune ” و”سياتل تايمزThe Seattle Times”، و”أريزونا الجمهوريةThe Arizona Republic” و”تامبا تريبيون The Tampa Tribune”.
ويشير موقع الرابطة أيضًا إلى عدد من افتتاحيات الصحف التي انتقدت العمليات الإسرائيلية منها الولايات المتحدة اليوم USA Today، وواشنطن بوستThe Washington Post، وبوسطن جالوب Boston Globe، سان فرانسيسكو كرونيلThe San Francisco Chronicle. هذا في حين حملت الافتتاحيات الأخرى الطرفين حماس وإسرائيل ما آلت إليه الأوضاع حاليا ومن تلك الافتتاحيات صحيفة نيويورك تايمزNew York Times ، ومينيابوليس ستار تربييونMinneapolis Star Tribune. ولكن موقع الرابطة كان متحيزًا جدًّا حيث لم يعرض بالتفصيل إلا لتلك الافتتاحيات التي تدعم إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة وحركة حماس، في حين تجاهل التعرض إلى الأسباب التي أوردتها الصحف التي تنتقد الهجمات الإسرائيلية وتلك التي تحمل الطرفين المسئولية.
وعلى الجانب الآخر عرضت الرابطة لبعض الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها عدد من الصحف العربية – منها: الأهرام والجمهورية المصريتن، والاتحاد الإماراتية، والوطن القطرية والعمانية، والغد والدستور الأردنيتان، وتشرين السورية – التي تنتقد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة. وتتهم المنظمة الصحف العربية بمعاداة السامية لتصوريها إسرائيل بالصور النمطية للعدو الأبدي للدول والشعوب العربية. كما تنتقد المنظمة كافة المظاهرات التي شهدتها العواصم الغربية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية المناهضة للهجمات الإسرائيلية المحتدمة حاليًّا، وتتهمها بالنازية لاستخدامها شعارات نازية والهولوكست في نقد الدولة الإسرائيلية.
منظمات معتدلة في التناول
وفي مواجهة موجة المنظمات اليهودية المتشددة التي تُؤيد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، عرضت منظمات يهودية أخرى رؤية متوازنة بعض الشيء حول تلك الهجمات منها منظمة “جي ستريتJ-Street ” التي تقول : رغم أن الهجمات الإسرائيلية على القطاع مفهومة ومبررة، إلا أن تلك الهجمات سوف تُزيد من موجة قوى المقاومة والمعارضة لعملية السلام بالمنطقة، والذي من شأنه أن يُضرر بآفاق السلام والاستقرار في المنطقة على المدى الطويل، وتُضيف أن الهجمات الإسرائيلية ستُعمق دائرة العنف بالمنطقة. ومع إعراب المنظمة عن احترامها لدفاع إسرائيل عن نفسها إلا أنها لا ترى أن العمليات العسكرية هي الحل للقضايا السياسية الخلافية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفي هذا السياق أعربت منظمة “أمريكيون من أجل السلام الآنAmericans for Peace Now ” عن حزنها لوفاة ومعاناة المدنيين من طرفي الصراع، وتدعو المنظمة الحكومة الإسرائيلية لإنهاء عملياتها في قطاع غزة، كما أنها تنتقد بشدة إطلاق الصواريخ وقذائف مورتر من القطاع على إسرائيل. وأعربت عن قلقلها واهتمامها بتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
واتساقًا مع هذا النهج المعتدل في التعليق على الأحداث من قبل بعض المنظمات اليهودية قالت: “إسرائيل منتدى السياسةIsrael Policy Forum ” إن التكلفة البشرية لهذا التصعيد لا يمكن تحملها وأن الهجمات الصاروخية على إسرائيل يجب أن تنتهي، وتدعو الولايات المتحدة ضرورة العمل لدفع الجهود الدولية لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل عن طريق التفاوض من خلال الوسطاء.
رؤية ختامية
يظهر من تحليل تغطية المنظمات اليهودية الموالية إسرائيل داخل الولايات المتحدة للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، أن هناك تيارين رئيسين الأول تيار متشدد “صقوري” تعبر عنه كثير من المنظمات اليهودية التي دعمت الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة والسياسة المتشددة التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية باعتبارها حقًّا طبيعيًّا تكفله كافة القوانين والمواثيق الدولية. وتحاول تلك المنظمات ربط الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بالحرب على الإرهاب، فتُصور الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة على أنها حرب ضد منظمة إرهابية تعترف الولايات المتحدة ومؤسساتها على أنها منظمة إرهابية، وأن تلك الهجمات تشابه بالضبط الهجمات بل والحروب الأمريكية على تنظيم القاعدة ليس في أفغانستان ولكن في أي مكان يُتوقع أن يتواجد فيه قياداته وأعضاؤه.
وتلك المنظمات تملك من القدرة على الانتشار والتأثير على المؤسستين التشريعية والتنفيذية الأمريكيتين من جهة والرأي العام الأمريكي من جهة أخرى بكل ما تملكه من إمكانيات التأثير التي كانت محور الكتاب والدراسة المتميزة لعالمي السياسة الأمريكيين”جون ميرشايمر” و”ستفين والت” التي حملت عنوان ” اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية”.
والتيار الثاني: وهي منظمات يهودية معتدلة، ترى أن حماس تتحمل جزءًا من تلك الهجمات لإطلاقها الصواريخ على إسرائيل، ولكنها في الوقت الذي تحمل فيه المسئولية لحماس، تحمل المسئولية عن تلك الهجمات إلى الحكومة الإسرائيلية أيضًا، بل أنها تنتقد تلك الهجمات لما سيترتب عليها من تزايد العنف في المنطقة والرجوع بعملية السلام إلى “المربع صفر”. وتلك المنظمات تعبر عن رأي الأغلبية العظمى من الأمريكيين اليهود المؤيدة للسلام والرافضة للسياسات التي تتبعها إسرائيل. وهو ما يؤكده استطلاع لمنظمة جي إستريتJ Street خلال الفترة من 29 يونيو إلى 3 يوليو الماضيين. (للتعرف على نتائج الاستطلاع يمكن قراءة “استطلاع جديد يدحض الرؤية التقليدية عن يهود أمريكا” نشر على موقع التقرير).
ولكن مشكلة هؤلاء اليهود الداعمين للسلام والمنتقدين للسياسات الإسرائيلية تكمن في غياب، بل قلة، المنظمات التي تعبر عنهم مقارنة بمثيلاتها التي تعبر عن تلك التيار المتشدد، فضلاً عن غياب القدرة التأثيرية لتُعبر عن رأيها بقوة وتحشد أكبر دعم من الأمريكيين على كافة المستويات الرسمية وغير الرسمية أمام المنظمات والمؤسسات اليهودية الكبرى ذات ارتباطات بصناع القرار الأمريكي