مازن درويش أيّها السوري .. سلاماً
فايز سارة
اكثر من سبعين يوماً مرت على اعتقال الصحافي السوري مازن درويش رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير. لكنه قبل الوصول الى هذا الوقت بايام، تردد خبر انه سيتم اطلاق سراحه، غير انه بدلا من ان يطلق سراحه، جرى تجديد اعتقال مجموعة من اصدقاء وزملاء مازن درويش بينهم زوجته السيدة يارا بدر، ونقلهم الى سجن عدرا المركزي، ثم تسربت انباء من داخل المعتقل الذي يحتجز فيه مازن درويش عن تدهور خطير في وضعه الصحي، ما يجعل حياته مهددة بصورة جدية.
ويمثل الاختصار السابق بعضاً من سيرة اعتقال مازن الذي عرفته سوريا منذ وقت طويل ناشطاَ في عدد من منظمات المجتمع المدني، وهب كثيراً من وقته وجهده لخدمة مجتمعه وبلده، وساهم الى حد كبير في تطوير واقع الاعلام السوري في سنوات ماضية، كما فعل قبلها في ميدان حقوق الانسان.
كان بين اهم ما اشتغل عليه مازن درويش في العقد الماضي من السنوات، هو تطوير واقع الاعلام، وكان مدخله في ذلك تأسيسه المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ليعمل من خلاله على امرين اثنين، اهتمامه بالصحافيين والاعلاميين الافراد من جهة، والثاني اهتمامه بالمؤسسات الاعلامية السورية، وكلاهما كان ولا يزال بحاجة الى تطوير ليناسب وضعهما ملامح العصر وحرية الاعلام خروجاً من عصر الاعلام التعبوي وصحافة المنشور التبريري والتحريضي. وفي هذين الامرين سعى مازن شخصياً من خلال المركز الذي يديره الى اقامة شراكة مع مؤسسات اعلامية سورية في مشاريع متعددة بينها التدريب والتطوير، كاسراً كل دعوات الانكفاء عن التفاعل الايجابي مع الاعلاميين والمؤسسات الاعلامية السورية الحكومية والخاصة على السواء، ودعوات الابتعاد عن صحافة النظام وصحافييه، وجاء في سياق ذلك الجهد عمليات تدريب فني ومهني، ومشاريع لتطوير واقع الاعلام في سوريا.
وكان من الطبيعي، ان يقابل نشاط وجهد مازن درويش والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير بموقف رسمي ملتبس، يراوح ما بين الرضا الحذر والشك العميق، وهو سلوك طبيعي في نظام الحذر والانغلاق الذي سيطر على البلاد في العقود الخمسة الماضية، فيما كانت انعكاسات تلك الانشطة في المستوى الدولي مختلفة تماماً، ما اهل المركز السوري للحصول على صفة العضو الاستشاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة العام الماضي.
مازن درويش في نشاطه وجهده استحق احترام واهتمام منظمات اعلامية عالمية مهمة، ما جعله شخصية اعلامية رفيعه بين السوريين. اذ هو عضو في «الاتحاد الدولي للصحافيين»، وعضو في المكتب الدولي لمنظمة «مراسلين بلا حدود»، كما يشغل منصب نائب رئيس «المعهد الدولي للتعاون والمساندة» في بروكسل.
مازن درويش بما يمثله من قيمة اعلامية وجهد عالي المستوى، لا يجوز ان يكون مكانه الاعتقال، ولا ان تتعرض حياته للخطر، ولا ان يتم اعتقال زملاء له سواء من العاملين في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، او ضيوف كانوا هناك صدفة، عندما تمت مداهمة المركز في شباط الماضي، ومصادرة وتدمير محتوياته. مازن درويش وكل الذين اعتقلوا معه وغيرهم من المعتقلين، يستحقون الحرية لانهم يسعون من اجل وطن وحياة افضل.
كاتب وصحافي في دمشق