دور النفط العربي في تحقيق الأمن الإقتصادي العربي
إزدادت أهمية النفط العربي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فقد كان الفحم حتى ذلك الوقت يمثل 85% من إحتياجات أوربا واليابان من الطاقة، ولم يعد إنتاجه المحلي يكفي لتغطية تلك الإحتياجات، إضافة الى إنه إبتداءً من عام 1948، تحولت الولايات المتحدة الأمريكية الى مستورد صافٍ بعد ان كانت مصدراً له.
وكانت الشركات العالمية للنفط، التي تمتلكها الدول الصناعية المتقدمة، تسيطر سيطرة مطلقة على إنتاج النفط الخام، كما تسيطر على تسويقه وتسعيره، وكانت هذه الشركات ترتبط بشبكة واسعة من شركات النقل والتأمين والتكرير والخدمات المختلفة الأوربية والأمريكية الخاصة.
وقد عملت هذه الشركات جميعهاً، بدعم وإشراف الدول الصناعية المتقدمة، على تخفيض أسعار النفط الخام، لتأمين تزويد الدول الصناعية، بطاقة رخيصة، مما أسهم مساهمة فعالة ومباشرة في إعادة بناء ما خربته الحرب وفي تحقيق الإزدهار للدول الأوربية الغربية واليابان، إضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية. فقد كانت عائدات الدول المصدرة تدفع كأتاوة عن كل برميل يُنتج من شركات النفط العملاقة، وبمبلغ مقطوع يتراوح ما بين 10 و 30 سنتاً لكل برميل. ولما قبلت الشركات تحت الضغط مبدأ المناصفة في الأرباح إبتداءاً من عام 1950، عملت بحكم سيطرتها على الإنتاج والتصدير والتسعير على تخفيض الأسعار الى ادنى الحدود(*). وفي ظل الإستراتيجية الغربية. بقيادة الولايات المتحدة، أمكن زيادة تدفق النفط العربي من نحو 1,1 مليون برميل/يومياُ عام 1950 الى 15 مليون برميل/يوم عام 1970 ثم الى 22,5 مليون برميل/يوم عام 1979 وهو عام الذروة. وقد إرتفع نصيب المنطقة العربية من الإنتاج العالمي (عدا الإتحاد السوفيتي ودول الإقتصادات المخططة المكتفية ذاتياً من نحو 10% عام 1950 الى 37.5% عام 1970والى نحو 45% عام 1979.
وبدات الدول المصدرة للنفط، تشعر بالغبن الذي يلحقها نتيجة سيطرة الدول الصناعية وشركائها على مصدر ثرواتها، فأنشأت منظمة الأوبك عام 1960، كوسيلة لتوحيد مواقفها ومطالبها العادلة تجاه شركات النفط، لكن هذه المنظمة عجزت عن تحقيق مكاسب محسوسة لدولها.
وكان قيام حرب اكتوبر 1973، إيذاناً بدخول المنطقة العربية، والنفط، مرحلة جديدة. فقد تحولت الأسواق النفطية العالمية الى أسواق يلعب فيها المنتجون الدور الأساسي في السيطرة على القرار النفطي، بعد ان إستطاعت الدول العربية المنتجة إستخدامه كسلاح فعال في المعركة مع إسرائيل ومن يقف معها.
إلا ان الضغوط الأمريكية على الأنظمة العربية، والسياسات التي اتبعتها الدول الصناعية المستهلكة للنفط، إستطاعت أن تسحب (سلاح) النفط من التداول، كما على مدى السنوات التالية أن تعيد سيطرتها على النفط إنتاجاً وتسويقاً، وبالتالي إستطاعت المحافظة على مصالحها ونفوذها في هذه المنطقة الحساسة.