تقرير "الأفق السوري وتقرير ميليس"
ولعل تقرير ميليس الذي يحمل بين سطوره العديد من التساؤلات والاستفسارات التي لم تقنع بعد الشارع السوري، الذي يجد في شتائم وتهديدات القادة السياسيين السوريين وخاصة العسكريين منهم جزأ من طبيعتهم وثقافتهم، وليس نوع من أنواع التهديد. فالسيد طلاس رئيس أركان الجيش المستقيل كان يتلذذ بالشتائم البذيئة في عدد من مؤتمراته العامة، والمتوعدات الغير نافذة. كما أن غالبيه الضباط السوريين ينادون لعناصرهم ببعض نعات الحيوانات “كالكلب، الحمار، الكر، الدب”… بالإضافة لتذيلها ببعض الشتائم القاسية والنابية جنسياً. وهذا الأمر يذكرنا بالضابط العراقي أثناء القمة العربية الأخيرة قبيل الغزو الأميركي على العراق، حيث شتم الأخير ممثل الوفد الكويتي “يلعن شاربك…”.
ولعل هذا الأمر ناجم عن الطبيعة العسكرية القاسية التي يعيشها هذا الوسط في سوريا، وقد لاحظت الأسرة الدولية ذلك من خلال المهاجع والسكنات العسكرية السورية المخلاة أثناء الانسحاب العسكري السوري من لبنان، وحقيقة شعر العديد من الشارع بالأسف على مستويات المنامة المنحطة صحياً واجتماعياً للجند.
كما أن الضابط أينما كان هو الشخص الأبعد عن التوازن الفكري والثقافي، فقط أمضى غالبية حياته منذ تطوعه في الخدمة العسكرية يركض ويقفز مبتعداً عن معايير الحوار والقراءة الثقافية التي تسمح للنهج السياسي أن يتكور ويتطور.
بعيد قرار مجلس الأمن1636 الذي نال الإجماع بين أعضائه يوم 31/10/2005 على ضرورة التعاون التام والكامل والغير مشروط للنظام السوري مع الأسرة الدولية الممثلة بلجنة التحقيق. أصبح رأي الشارع في سطور السيد ميليس أمراً هامشياً، ومن هنا تكمن أهمية هذه الدراسة التي تبرز سيناريوهات المخطط الدولي تجاه سوريا وفق عدة رؤى:
الصحافة الدولية& مراكز الدراسات:
• عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولي رأى: “من المرجح أن تستند أمريكا إلى تقرير ميليس لتوقيع عقوبات دولية على دمشق ولإنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة رموز النظام في سوريا” “بهذا الطريقة سوف تحصل أمريكا على تنازلات عديدة بإضعاف النظام دون اللجوء إلى مغامرة عسكرية لا تأمن عواقبها”. “المصدر :اسلام أون لاين”
• علي الأمين، رأى أيضا أن الإستراتيجية الأمريكية بعد صدور تقرير ميليس ستتجه تحت وطأة التهديد بالعقوبات وبمحاسبة المسوؤلين السوريين الذين أشار إليهم التقرير الدولي، نحو “إيجاد نظام ضعيف في سوريا مستعد لتقديم تنازلات تضمن تحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة”. “اسلام أن لاين”
• نيكولاس بلاندفورد مراسل صحيفة كريستيان ساينس مونيتور أن الانتقاد الشديد الذي وجهته الإدارة الأميركية لسوريا في هذه الأيام يعدّه الكثير من المحللين بداية لمحاولة واشنطن “تكرار النموذج الليبي” أي فرض عزلة اقتصادية وسياسية شاملة على النظام السوري لإجباره على إحداث تغيير جذري في سياسته”. ونقل بلندفورد عن خبير دراسات الشرق الأوسط البروفسور جون لانديس قوله: “سوف يمسكون بخناق السوريين ويضغطون عليهم ويهزونهم بعنف حتى يروا ما الذي يمكن أن ينـزل من جيوبهم”.
• ينصح دينيس روس المنسق العام للسلام في الشرق الأوسط سابقاً في دراسة أواسط آب من العام الجاري: الإدارة الأميركية بانتهاج سياسية العصا والجزرة، ولكنه ينبه إلى وجوب ضبط وتوضيح هذه السياسة، إذ يرى أن الحكومة الأميركية لم تحدد ما يمكن أن تقدمه من مكافآت لسوريا في حال استجابتها للإملاءات الأميركية، كما أنها لم تحدد من ناحية أخرى، ما هي طبيعة العقوبات التي تلوح بها.
• صحيفة هآرتس في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2005: وقال الأميركيون أن انطباعهم أن إسرائيل تفضل إضعاف الأسد، بحيث يسهل وضعه تحت الضغط الدولي وبحيث يظل في السلطة، وأن إسرائيل غير متحمسة لاحتمالات تغيير النظام في سوريا.
جانب القوة العسكرية:
• شارلز كراوثامر في مقالٍ نشرته الواشنطن بوست في الأول من أبريل/نيسان 2005 :”هناك محور شر جديد تمثله سوريا وإيران وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، وأن “سوريا هي الجائزة Syria is the prize “، حيث إن الضغط عليها سهل، وأنه إذا ما تم قلب الأوضاع فيها فإن هذا المحور سينكسر.
• روبرت ساتلوف (المدير التنفيذي لمركز واشنطن لسياسة الشرق الأدنى) أن النظام السوري في وضعٍ هشٍّ جداً، وأن على أميركا أن تستغلّ ذلك.
• قاسم قصير المحلل السياسي اللبناني: “صدور التقرير بإدانة دمشق يوفر أجواء سياسية ملائمة للولايات المتحدة للجوء إلى خيار القوة، وهو خيار غير مستبعد في النهاية مع الإدارة الحالية خاصة إذا كان يستند للشرعية الدولية”.
• دانيال بيمان أن لا يتم تقديم “الجزرة ” لسوريا بانتظار أن تحدث العصا نتائجها.
• وتؤكد مجلة نيوزويك الأميركية تجدد الحملة الداعية إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة مع سوريا وإيران في أوساط المحافظين الجدد، مضيفة أنه على الرغم من إدراك المتشددين من المحافظين الجدد أنه من المستبعد أن تكون الضربة العسكرية هي الخيار الأول للولايات المتحدة بسبب انشغالها في العراق، فإن العمل العسكري ما زال الخيار المفضل لدى هذه الفئة التي تود أن ترى النظام في كل من سوريا وطهران يتغير.
• رائدة درغام /الحياة/:الرئيس السوري فإنه سيلجأ إلى المواجهة للمواجهة أينما كان وكيفما كان ويبحث عن أكثر من حليف بين الشركاء التقليديين في إيران وفلسطين والعراق ولبنان. مشكلته انه يراهن على مغامرة وانه دخل حرباً بلا حلفاء وبلا استراتيجية خروج أو بقاء.
• صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نقلا عن وثائق عسكرية سرية أن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لنقل جزء من ترسانتها العسكرية في الخليج إلى قاعدة أمريكية في الأردن. وقالت الصحيفة حسب قناة الجزيرة القطرية إن الولايات المتحدة تخطط لنقل معدات عسكرية من سلطنة عمان و قطر و البحرين لتعزيز قاعدتها العسكرية القريبة من سوريا بهدف الضغط عليها
مضيفة أن قيمة الترسانة العسكرية الأمريكية في الدول الخليجية الثلاث تبلغ 4.1 مليار دولار.
منظمات المجتمع المدني:
• بتكاتف بين الأوساط الأهلية المرخصة والنقابات وبرعاية من الإدارة السياسية في حزب البعث العربي الاشتراكي، تمت مظاهرات تأييد لخطاب الرئيس ودعيت إليها عبر مختلف الأوساط وقد شاركت بها شركتي الخليوي سيرياتيل وانفستكوم حيث أرسلت عبرها آلاف رسائل SMS للمشتركين في خدمتيها.
• المنظمات المستقلة لم تبدي أي تصرف مباشر إلا ان بعضها انتظرت هدوء الأوضاع ليتدلي بعض التصريحات، ومن هذه التصريحات تقريرنا الذي بين أيديكم.
• كما قام عدد من النشطاء الصحفيين الفاعلين في الحقل الحقوقي السياسي بالعديد من المقابلات التلفازية والصحفية، وبإمكانكم الإطلاع عليها مع ملف السيد منذر المصري الذي نرى رابطه في الفقرة التالية.
المعارضة السورية والمنظمات المدنية الحقوقية:
• أكرم البني الكاتب والمعارض السوري: “رؤية الولايات المتحدة متوافقة مع الرؤية الأوربية والإسرائيلية في أنه من الأفضل إضعاف النظام وتطويعه وليس إسقاطه” “تخشى هذه الرؤى من تبدلات جذرية في النظام السوري قد تؤدي إلى صعود تيارات دينية إلى السلطة، مما قد لا يخدم المصالح الأمريكية الإسرائيلية بها”. وتابع “لذلك فقد تعقد الولايات المتحدة صفقة مع النظام لكف الدور السوري في العراق ولبنان وفلسطين، مستفيدة من الضغوط التي يوجهها إلى دمشق تقرير ميليس”. “اسلام أو ن لاين”
• ويمكن الاستفادة من الملف الذي أعده الصديق منذر المصري، الذي ومن خلاله يمكن استعراض آراء عدد من المعارضين السوريين المعرفين في الصحافة العربية، وذلك عبر الرابط التالي:
http://www.etccsy.org/modules/news/article.php?storyid=171
• مبادرة المعارضة السورية وعدد من الجمعيات المدنية حول النقاش لإعلان دمشق التي أجمعت عليه عدد من القوى الفاعلة دون مشاركة الحزب الحاكم، ومع تحفظ الغالبية على بند الإسلام كدين الدولة وخاصة “تجمع اللاذقية الديموقراطي، الحركة الآثورية، مجموعة مناهضي العولمة، خمسة أحزاب كردية، نشطاء أيزيدين مستقلين، عدد من النشطاء في أحزاب /الشعب، بكداش، التجمع اللبرالي/، نشطاء من لجان إحياء المجتمع، نشطاء بلا حدود من حماه”. تزامنت مع الضغوط الدولية وقدوم ميلس مؤكدة على روح الوحدة والمصالحة الوطنية بين جميع الأطياف دون الاستعانة بالخارج، مما يماسك من الجبهة الداخلية على أن تحقق إصلاحات فاعلة وخاصة في الحياة الدستورية للمواطنين. إلا أن مبادرة السلطات حيال هذا الإعلان توجت يوم 13/11/2005 حيث منعت السلطات الأمنية السورية اجتماع اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق .
• كمال اللبوني المنشق عن إعلان دمشق رئيس التجمع اللبرالي حاول تسيير إعلان دمشق عبر المؤسسة الأميركية لدفع عجلة التغيير بسرعة اكبر وبشكل أكثر نفاذاً. إلا أن مبادرة السلطة حيال تصريحاته توجتها باعتقاله حال وصوله ارض مطار دمشق الدولي 8/11/2005، وقد سبقته المعارضة السورية استنكاراً على لسان كل من السيد حسن عبد العظيم والكاتب ميشيل كيلو.
• حزب الإصلاح، بارك النشاط الأميركي تجاه النظام السوري مؤكدا على ضرورة عدم مس الشعب السوري والاكتفاء بالنظام ورؤوسه. ويذكر أن نشطاء هذا الحزب من السوريين في المنفى، ونشاطهم الميداني في سوريا محدود، وتمويلهم من الكونغرس الأميركي.
اليمين الأميركي:
• طالبت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بضرورة “محاسبة” المسؤولين السوريين المتورطين في اغتيال الحريري.
• مجلة نيوزويك في عددها الصادر في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2005 نقلاً عن مصادر حكومية رفضت الكشف عن هويتها أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أثنت مؤيدين -ضمن الإدارة الأميركية- لشن غارات على سوريا عن عزمهم، معتبرة أن عزل سوريا سياسياً إذا اتهمها تقرير الأمم المتحدة بالتورط في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري سيكون أشد فعالية من عمل عسكري.
• مصادر تركية: أن مستشار الأمن القومي الأميركي ستيفن هادلي ومساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للدبلوماسية العامة كارين هيوز، نقلا إلى أنقرة طلباً أميركياً يتعلق بسيناريو لتغيير نظام الحكم في سوريا.
• مجلة نيوزويك في عددها الصادر في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2005 بأن هناك “حركة يقوم بها الجنرالات والأدميرالات في البنتاغون من أجل تجديد الخطط المحتملة لضربة أميركية لسوريا”.
• صحيفة فاينانشال تايمز في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2005 عن فلينت ليفريت أن الإدارة الأميركية تدرس شن عمليات عسكرية عبر الحدود داخل سوريا لتضغط على نظام الحكم، وتعطي رسالة للسوريين داخل سوريا وخارجها بأنه حان أوان تغيير نظام الحكم.
• يدعو السيناتور روبرت غراهام إلى إعطاء الرئيس السوري بشار الأسد أولا الفرصة للتخلص من التنظيمات الإرهابية التي تنشط في الأراضي التي تسيطر عليها حكومته، وإذا أخفق في ذلك، عندها على أميركا العودة للتشاور مع حلفائها في الائتلاف الدولي ضد (الإرهاب)، وتقرير الخطوات المقبلة. وفي إحدى مقابلاته، اقترح غراهام “إطلاق بعض صواريخ كروز” ضد سوريا.
الديموقراطي الأميركي:
يطالب الديمقراطيون في الولايات المتحدة بسحب القوات الأميركية من العراق، وينتقدون بشدة المعلومات الكاذبة والتقارير المشككة في السلاح النووي العراقي لنظام صدام حسين، مما يجعلهم حريصين أشد الحرص داخليا على عدم استجرار البلاد في مغاطس أخرى، تستنفذ الواردات الاقتصادية وتزيد الضرائب على الشعب الأميركي.
الإدارة الديموقراطية لم ولن تحبذ النظام السياسي في سوريا، إلا أنها تكره فكرة الحرب الاستباقية، وتفضل دائما الحلول القائمة على الدبلوماسية العالية، أو العقوبات والعزلة الدولية للشعوب، وفي حالات المستحيل تصل لما يشابه تجربتها مع يوغسلافيا، التي فعّلت فيه حلف شمال الأطلسي مقلله من تكاليف المؤسسة العسكرية الأميركية، والأمر ذاته قد تنتهجه مع سوريا لكن عبر تكتلات أخرى.
• السيناتور هوارد دين، إن أميركا تحتاج “إلى سياسة نفطية جديدة، غير التنقيب على النفط في المحميات الوطنية (كما يدعو بوش في ألاسكا)، لأن أموال النفط التي ندفعها تستخدم لتمويل الإرهاب في دول مثل السعودية وإيران وسوريا. وأود أن أشير أيضاً إلى المدارس الأصولية التي تعلم الأطفال على كراهية الأميركيين والمسيحيين واليهود…”، ويحث دين واشنطن على ضرورة اتخاذ مواقف “متشددة أكثر بشأن إيران والسعودية لأنهما يمولان الإرهاب”، ومع أن دين يرى أن السياسة الأحادية الجانب التي يعتمدها بوش خطأ، إلاّ أنه يقول إن أحد أهدافه الخارجية هو “جلب الديموقراطية والحرية إلى الدول المسلمة. ونحن نستطيع أن نحقق ذلك فقط من خلال التعاون. نصف العالم الإسلامي لم يكن ليؤيد أسامة بن لادن لو لم تكن الأنظمة العربية والمسلمة قمعية إلى هذا الحد”. /اقتباس: الحياة هشام ملحم/.
• السيناتور جون كيري، إن الجنود الأميركيين الشباب، “يجب ألاّ يقعوا أبداً رهينة لاعتماد أميركا على النفط الخارجي، وخاصةً نفط العرب”، ويرى إن عائدات النفط المستورد من العالم العربي تذهب في النهاية “إلى جيوب أكثر الأنظمة خطراً وفساداً في العالم”، كما إن أموال النفط تمول (الإرهابيين) الذين يريدون تدمير أميركا”. وبعد أن يشير كيري إلى غياب الديموقراطية في العالم العربي، يضيف إنه يدرك أن هناك فوارق بين الدول العربية، وأن بعضها يناضل من أجل التغيير والتقدم مثل الأردن والمغرب وقطر، ولكنه يضيف إن “العراق وليبيا والسعودية والسودان وسوريا، هي من بين الدول العشر الأقل حرية في العالم”، مستشهداً بتقييم مؤسسة “فريدوم هاوس” الأميركية. وكان كيري قد بعث برسالة إلى البيت الأبيض في أيار الماضي حث فيها الرئيس بوش على اعتبار سوريا ولبنان مصدراً لتبييض الأموال، ورأى إن مثل هذا الإجراء سيساهم في “منع تمويل الإرهاب الدولي”/اقتباس: الحياة هشام ملحم/.
• السناتور جون إدواردز، أكد على ضرورة التوصل إلى “علاقة جديدة مع السعودية، علاقة لا تتجاهل نمط ذلك النظام في التسامح والنكران بالنسبة للإرهابيين”، كما إن إدواردز أعرب في أعقاب سقوط نظام صدام حسين في العراق عبر ناطق باسمه عن “قلقه لتاريخ سوريا القديم في دعم (الإرهاب) الدولي، وهو يتعامل بقلق بالغ مع التقارير التي تتحدث عن إيواء سوريا للهاربين العراقيين، وامتلاكها للأسلحة الكيميائية” ولكن الناطق، الذي كان يتحدث في سياق التوتر بين دمشق وواشنطن خلال نيسان الماضي والتكهنات الإعلامية باحتمال مجابهة عسكرية بين الطرفين، أوضح أن ادواردز يدعو لاستخدام كل الوسائل الدبلوماسية “للضغط على سوريا لوقف هذه الممارسات”./اقتباس: الحياة هشام ملحم/
الشارع السوري:
• ابرز توجه للشارع السوري نراه في غياب قدرة تأمين النقد الأجنبي من السوق السوداء، واشتداد الطلب عليها، بالإضافة لتهافت المواطنين على سحب ودائعهم البنكية من المصارف الحكومية. وبدون أدنى شك غالبية الموطنين يتابعون الفضائيات والمذياع بحثا عن أي جديد، وتعد شخصية الشهيد الحريري الأكره شعبياً. كما ان خطاب سيادة الرئيس الأسد الناري يوم 9/11/2005 الذي تهكم فيه برئيس الوزراء اللبناني “عبد مأمور لعبد مأمور” /اقتباس/ ولد شعورا بالغبطة في عموم الشارع، إلا انه لم يلغي قلقهم وخوفهم من الآتي مع استذكاره لسقوط تمثال ساحة الفردوس، والفوضى التي لحقته في عموم العراق.
• ومن الأقوال المنتشرة بين سائقي سيارات الأجرة الذين ينكبون بصورة واضحة على محطات الراديو، “صرعونا بالحريري”، “لم يمت في العالم سوى الحريري” “لماذا لا يحققوا بارئيس الأميركي كندي”.
• ومن أكثر النكت انتشاراً “أكتشفوا أخيراً أن سوريا سبب اعصار كاترينا” أو “الهند تستنكر الضلوع السوري في كارثة تسونامي”.
الرسمي السوري:
• اعتبر الدكتور سليمان حداد عضو مجلس الشعب السوري ومعاون وزير الخارجية السابق أن “التقرير كان مخططا له سابقا وأنه يحتاج لأدلة مثبتة وواضحة”، وأضاف: “إن فرنسا والولايات المتحدة قد خططتا لما يجري الآن من أجل تكرار سيناريو غزو العراق، غير أن هذا السيناريو الفاشل لن ينجح مع سوريا”. “اسلام”
• خالد خزعل الصحفي في جريد كلنا شركاء العدد 16/11/2005 التي يديرها البعثي اللامع أيمن عبد النور نشر ما وصفه بأنه «السيرة الذاتية» لديتليف ميليس: “ولد في الثالث عشر من مارس (آذار) 1947 في برلين الشرقية من أب مسيحي ألماني وأم يهودية بولونية توجهت مع وليدها إلى فلسطين بعد إعلان قيام الدولة العبرية وعملت في منظمة الهجرة اليهودية ولعبت دوراً متقدماً في استقدام اليهود الأوروبيين إلى فلسطين، ونالت وساماً رفيعاً قلدها إياه موشي دايان حين كان وزيرا للدفاع. كما أن ميليس تلقى «بعض التعليم» في إسرائيل، عاد بعدها إلى والده في ألمانيا بسبب انشغال والدته عنه وانهماكها في تنظيم وفود أفواج المهاجرين اليهود إلى فلسطين.
ويضيف أن ميليس أكمل دراسته الثانوية في برلين الغربية، ثم التحق بمدرسة الحقوق ليتخرج منها محاميا، ثم ما لبث أن أصبح قاضيا لامعا، مما مكنه من المشاركة بالعديد من المحاكم الدولية الشهيرة، وكتب مسودة اتفاقية أوسلو بتوصية من الكنيست الإسرائيلي. وأضافت أن وكالة المخابرات الأميركية كانت تستشير مكتب ميليس الخاص بالاستشارات القضائية في برلين بخصوص قرارات محددة صدرت اعتبارا من عام 1990 من مجلس الأمن الدولي بخصوص العراق والبوسنة والهرسك ويوغسلافيا السابقة وإسرائيل والصومال وأفغانستان، ثم كلفته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1990 بوضع كتاب في القانون القضائي الجنائي الدولي أنجزه خلال عامين في مجلدين وصدر في نيويورك عام 1992 تحت عنوان (القضاء الجنائي الدولي) وقدمه إلى الجمعية العمومية فاعتمدته كمرجع قانوني تستند إليه كما احتفظت المكتبة الوطنية الأميركية بنسخة من الكتاب”.
ومن هذه السيرة نستدرك أن المؤسسة السياسية السورية تشك في نزاهة المحقق إلا أنها مجبره على التعامل معه وفق الرغبة الدولية.
• وعن السيد رئيس الجمهورية د.بشار الأسد /اقتباس/: ” نحن قلنا بأننا حاضرون للتعاون مع لجنة التحقيق، ولكن إذا كان الهدف الوصول إلى الحقيقة وليس أي شيء آخر ،والآن ما الذي يمنع لجنة التحقيق من مقابلة الضباط في سوريا أو في مقر الجامعة العربية في القاهرة، لكنهم يريدون الأمر في لبنان، وهذا له تفسير واحد وهدف واحد وهو إذلال سوريا وهو أمر لا نقبله ولن نقبله، ونحن قلنا بالتعاون مع التحقيق بما يحفظ كرامة سوريا وسيادتها واستقلالها، وخلاف ذلك لا نقبل”، ومضيفا حسب السفير اللبنانية: ” إن المحقق الألماني سوف يصدر تقريره الإجرائي قبل الخامس عشر من كانون الأول المقبل، وهو يريد أن يقول بان سوريا لم تتعاون معه، ويمهد لقرار موجود لدى القوى العالمية التي تضغط على سوريا، وحيث هناك من يستعجل إصدار قرار من مجلس الأمن بفرض عقوبات على سوريا، ونحن على صلة بما يجري في العالم ونعرف أن هناك دولا كثيرة في العالم ليست إلى جانبنا” … ” ولكننا نشهد لبعض الدول العربية بأنها وبرغم كل الضغوط التي تمارس عليها من جانب الاميركين فهي تحاول الوقوف إلى جانبنا، ونحن نعرف طريقة الضغوط، والتنازلات التي يتحدثون عنها لا سقف لها ولا أفق،وبالتالي فنحن نعرف الأمر ببساطة تفيد بان كلفة الصمود هي اقل من كلفة التنازلات” . هذه العبارة تدلل على حدود الاتنازلات من أعلى سلطة تشريعية سورية. وقد أكد ذلك في نهاية خطابه في جامعة دمشق حين ختم بقول /اقتباس/: “هناك مثل شعبي، سوريا الله حاميها”. ويكمل للصحيفة ذاتها عن السيناريو المتوقع من الجانب الرسمي: ” نحن نتوقع حصارا اقتصاديا وحصارا دوليا ماليا وسياسيا، ولا نستبعد حتى قيام البعض بضربات عسكرية ضد أهداف رسمية أو عسكرية في سوريا، ولكن لدينا تجربتنا في هذا المجال، وسبق لنا أن واجهنا حصارا وبأوضاع أكثر صعوبة، ولدينا الآن وضع اقتصادي وإنتاج داخلي يسمح لنا بمواجهة هذه الصعوبات، وربما تأتي هذه الشدة لتجعلنا أكثر واقعية في التعامل مع حاجاتنا وفق امكاناتنا، ولذلك نحن لا نريد السير باتجاه مشكلة مع احد، ولكننا لن نقبل بأي شيء يخالف قناعاتنا، وسوف نواجه بكل امكاناتنا ونحن نعرف انه يوجد إلى جانبنا قوى ورأي عام وأحزاب لها دورها الكبير ونحن نراهن على هذه التيارات” .
انقلاب عسكري داخلي:
وهو احتمال أن تبادر مجموعة من كبار الضباط ذوي الخبرة والنفوذ الكبيرين في الجيش، بعد حصولها على ضمانات خارجية بتغيير النظام الحالي بطبقة “اقل تسلطا وأكثر انفتاحاً”. إلا أن غياب شخصيات فاعلة كاللواء غازي كنعان يبرز ضعف القدرة على ذلك، خاصة وأن القادة الست المطلوبين من قبل لجنة ميليس يمثلون أعلى مستويات القيادة العسكرية والأمنية في سوريا, ورغم ذلك يتحدث روبرت ساتلوف عن هذا الاحتمال قائلاً إن كبار رجال الطائفة العلوية المستائين من أداء بشار قد يقررون تغييره بعلوي آخر أكثر فاعلية. كما أشار دينيس روس إلى هذا قائلاً “إذا سقط بشار، فيمكن أن تقع سوريا تحت قيادة شخص قوي مثل آصف شوكت، وقد يخلفـه تحالف علـوي-سنّي من ضباط أكثر وعياً”.
لكن السيد شوكت هو من بين الستة المطلوبين، كما رأي صحفي نيويورك تايمز الذي أجرى لقاء مع الرئيس بشار العام الماضي “الرئيس الأسد لطيف جدا،… وتصور أن الحاكم الأول في سوريا السيد شوكت صهر الرئيس” فلماذا سيصبح السيد شوكت الحاكم بحسب روس ان كان هو الحاكم؟.
والسؤال هل ترغب الإدارة الأميركية بشخص لطيف كالدكتور الأسد، أو تبحث عن شخص عسكري صلب يمتاز بنهج ديموقراطي معتدل مكرره التجربة الباكستانية “تجربة انقلاب برويز مشرف، الذي استطاع بعيد تسلمه السلطة أن يهيأ الشارع السلفي والمدني لتقبل فكرة زيارة 174 شخصية باكستانية للكيان الصهيوني، وإعلان التطبيع.
كما أن التجربة الموريتانية قريبة العهد ويذكر أن صحيفة فاينانشال تايمز نشرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2005 خبراً مفاده أن الأميركان يبحثون عن عسكري يمكن أن يقوم بهذا الدور.
رأي المحرر:
• إن مجمل تلك التحليلات وعلى أهميتها إلا أنها تضفي جزأ بسيط على واقع النظام السوري ضمن أبعاد ميليس. فمجلس الأمن الذي صوت أعضاؤه بالإجماع على القرار 1636 لن يضع الولايات المتحدة خارج نطاق الشرعية الدولية في حال قررت اتخاذ أية إجراءات صارمة تجاه سوريا، كما حصل مع السيناريو العراقي. إلا أن تقرير واشنطن بوست الذي أعلن عن مقتل ما يتجاوز 2000 قبل ما يقارب الشهر جعل من جميع الجهات الإعلامية تشغل عداداتها لإحصاء أي قتيل أميركي، فحصيلة 5 جنود قتلى في كل يوم أمر يدفع الشارع الأميركي بالتحرك بعيداً عن الجمهوريين، ونحو الديموقراطيين الذين يدعون لسحب قواتهم من العراق. وبالتالي تضعف إدارة اليمين الأميركي شارعياً، مما يقلل من إمكانية القيام بأية مبادرات عسكرية حتى إن كانت مأمونة عقباها.
لكن طروحات الأميركي للعالم والمنطقة العربي بشكل خاص تفرض عليه تحقيق إصلاحات ديموقراطية ولو شكلية في المنطقة، ومع الفشل الواضح في العراق والفضائح العسكرية تجاه المدنيين، فقد ينحو الصقور نحو تلميع وجههن في منطقة معززين بذور الديموقراطية، وعلى ما يبدو خيارهم كان لبنان الذي سيشهد قريبا احتضان أميركي بشرت فيه قناة الحرة التي يمولها الكونغرس. إلا أن لبنان بمساحته المحدود وبتناقضاته الطائفية وتبعياته المختلفة، لن يمثل النجاح المبهر للعالم العربي، لذا فالجانب الأميركي وإن خفف من حده تصريحاته تجاه سوريا في هذه الأيام فهو مصرّ على تغيير شكل النظام السوري، ولعل السيد ميليس سيكون الأداة القانونية لذلك، فاستثناء استدعاء السيد ماهر الأسد للتحقيق بعد تسريب اسمه للإعلام، وإن لم يذكر في التقرير الرسمي، يدفعنا للشك بالاصتفائيه والأولوية تجاه عمليات التصفية لرؤوس النظام، على أن لا يتغير النظام جذرياً وقد يحمل هذا التوجه اسم “سياسة تقليم الأظافر” التي تستدعي إصلاحات داخلية يلمسها المجتمع المدني السوري عمود مفهوم اللبرالية الجديدة .
• وقد يكون السيد ميليس نزيها جداً، ويبرأ المتهمين الست أو يكتفي ببعضهم، وحينها سيشتد النظام تجاه المعارضة الداخلية التي تعاملت مع الإفراج عن 190 معتقل سياسي كأمر طبيعي متوجب إنجازه منذ أعوام طويلة.
• الاحتمال الأخير وهو الأقسى، ويتمثل في تجاهل الأميركي لكافة الضغوط المحلية والعالمية تجاه سياسته، ويقوم بتدعيم تيار المستقبل في لبنان ليوسع إتلاف تحارب التسلح الشيعي “حزب الله &حركة أمل” في لبنان، مما يسبب أزمة شيعية سنية في لبنان تمتد ذيولها في سوريا مسببة قلقلة في الشارع السوري نحو بذور حروب أهلية طائفية، بالإضافة لمزيد من العمليات الإرهابية في الأراضي الأردنية التي تستدعي المساعدة الأميركية ضمن مشروع مكافحة الإرهاب، مما يشرع قيام قاعدة أميركية في الأردن تحدثت عنها سابقاً الواشنطن بوست، ولعل هذه السياسة في الأردن تناسب تيار الديموقراطيين، فالرئيس الديموقراطي كلنتون كان من أوائل زوار فنادق عمان المفجرة. كما أن السناتور روبرت غراهام في مقابلة مع شبكة التلفزيون (سي بي أس) في نيسان الماضي، وصف حزب الله بأنه تنظيم عنيف أثبت خلال تاريخه منذ 25 سنة “حقده على الولايات المتحدة واستعداده لقتل مواطنينا” ومع شبكة فوكس الإخبارية صرح “نحن لم نرم القفاز بعد في وجه ما يسمى الفريق الأول في (الإرهاب) الدولي، بالتحديد حزب الله، والذي يتمتع بالملجأ في سوريا ولبنان”..
النص الحرفي لتقرير ميليس حول اغتيال الحريري